تداعيات الاقتصاد التركي على السوريين في ظل جائحة كورونا 

سامر الطه

دخل العالم أجمع في نفق مظلم نتيجة انتشار وباء “كورونا” الذي كانت له تداعيات إنسانية واقتصادية على الدول قاطبة، وأجبرهم على إغلاق عدد كبير من المعامل والمنشآت الصناعية والتجارية وأقفلت الخطوط الجوية والبرية والبحرية في وجه الشحن والنقل، ما أثر سلباً على الناتج القومي للدول وتراجع كبير في سعر الأسهم وانخفاضها، بما فيهم تركيا التي تستضيف على أراضيها أكثر من 3 مليون سوري، انعكست عليهم التداعيات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد.

وفي تقييم الوضع الاقتصادي التركي قال المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي في حوار خاص مع “سيريا بريس”:  لاشك أن الجائحة الكونية سيكون لها تأثيرعلى معدل النمو الاقتصادي في تركيا، كبقية دول العالم، فبعد أن وصلت معدلات النمو إلى 5.6 % ما بين عامي 2013 و 2018 فإن معدلات النمو في الربعين الثاني والثالث قد تكون سالبة، وقد يزداد معدل البطالة المرتفع أصلاً في عام 2020 والذي بلغ 13.7%، وقد يضغط الوضع الاقتصادي على قيمة عملتها أيضاً في الربعين القادمين من عام 2020 .

وأضاف القاضي لعل أول القطاعات التي ستتأثر في تركيا من جراء جائحة كورونا هو القطاع السياحي الذي كان يستقطب حوالي 40 مليون سائح عام 2018 وكان مخطط ان يستقطب 58 مليون سائح عام 2020 حسب وزير السياحة التركي محمد نوري أرسوي، وذلك بسبب تعطيل حركة النقل والتحذير من السفر في كل الدول، وهذا معناه تعرض 40 مليار دولار المتوقع توليدها من الأنشطة السياحية للانحسار،وبالتالي أن الهدف الذي كانت تطمح إليه عبر خطة 2023 وهو الوصول إلى 75 مليون زائر قد يتعثر.

كما أن هنالك هبوطاً في معدلات استهلاك المنتجات المصنعة في العالم بسبب الجائحة وهذا معناه أن الصادرات التركية التي بلغت 166 مليار دولار ستنخفض كثيراً، لكنها في نفس الوقت ستنخفض حجم وارداتها لنفس السبب، وقد يؤثر ذلك إيجابياً على تعديل ميزانها التجاري الخاسر، خاصة بعد انخفاض سعر النفط للنصف من حوالي 50 إلى 23 دولار للبرميل والذي تستورد منه مليون برميل يومياً.

 ويعتقد المستشار الاقتصادي “أسامة قاضي” أن تركيا قد تتمكن من عبور هذه المرحلة وستساعدها المحفزات الاقتصادية الـ 100 مليار ليرة تركية لحد ما، وتنهي عام 2020 بخسائر قد تستطيع تعويضها مستقبلاً، بسبب بنيتها الاقتصادية الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية الكبيرة، حيث أن الزراعة تشكل 23% من الاقتصاد التركي وهي سابع أكبر منتج زراعي في العالم، وهذا قد يعطي نوعا من الاستقرار، حيث إن معيشة 3.5 مليون مزارع الذين يعتنون بـ 20 مليون هكتار من الأراضي المنتجة، لن تتأثر كثيرا بهذه الجائحة على الأغلب.

إضافة  إلى أن تركيا احتلت المرتبة العاشرة في العالم كأفضل مكان للسياحة ويمكن أن تعود بعد انكشاف غمة كورونا لتكون موئلاً لأكثر من 40 مليون سائح سيستخدمون 55 مطاراً تركياً، بالإضافة لاستقطابها 209 مليار دولار من رؤوس الأموال الأجنبية ما بين عامي 2013 و 2018، وفيها ما يقرب من 65 ألف شركة دولية، وهي ثاني أكبر مصدر للفولاذ في أوروبا، وأكبر مصدر للباصات وثاني أكبر مصنع للسيارات في أوروبا، وسادس أكبر مصنع للآلات في أوروبا حيث صدرت 17.1 مليار دولار عام 2018.

أعتقد أن هناك صعوبة في الحفاظ على نفس ناتج الدخل القومي الحالي 784 مليار دولار في عام 2020 لكن لن يكون صعباً على 82 مليون تركي أكثر من نصفهم تحت عمر 32 سنة أن يصل ناتج دخلهم القومي الى تريليون دولار عام 2023.

التداعيات الاقتصادية على السوريين

في حديث إلى “سيريا بريس” قال عبد المجيد درويش مسؤول المبيعات في أحد معامل الأقمشة في مدينة مرعش، أغلب المعامل السورية  والتركية أغلقت أو في طريقها للإغلاق، ومعظم العملاء  توقفوا عن الاستجرار، وامتنعوا عن دفع المستحقات المتوجبة عليهم أيضاً، إضافة إلى أن معامل الخيوط اللازمة للتصنيع قد توقفت عن إنتاجها كما وتوقفت عملية الاستيراد أيضاً .

و أشار درويش إلى أن موضوع الإغلاق غير متعلق بالمعامل بحد ذاتها فالمسألة عبارة عن سلسلة متوالية وأي انقطاع فيها يؤثر بالسلب على الباقي، وأضاف نحن اليوم في معملنا بصدد الإغلاق لحين السيطرة على هذا الوباء وعودة العجلة إلى الدوران من جديد.

وحول التداعيات الاقتصادية التي طالت السوريين عقب التدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة التركية لمنع تفشي فيروس “كورونا” قال أحمد دملخي صاحب معمل لألبسة الأطفال في اسطنبول إلى “سيريا بريس” تحولت الأسواق إلى طرق خاوية بعد أن كانت ممتلئة بالتجار من كافة الجنسيات، حيث كانت الحركة لا تهدأ وهذا كان يتطلب عمل متواصل لتلبية حاجة السوق، وبعد انتشار مرض “كورونا” اضطررنا لوقف العمل بشكل تدريجي حيث لم يعد بالإمكان تحمل النفقات الكبيرة وأصبحت البضائع لدينا مكدسة بعد التوقف الجزئي للشحن وانصراف الناس عن الأسواق، حتى العمال طالبوا بمنحهم إجازات خوفاً من الإصابة بالعدوى .

وأضاف دملخي أن هناك معامل كبيرة ما زالت تعمل ولكن إذا ما استمر الوضع على حاله فسوف تتوقف لا محالة، وأكد أن الناس اليوم كل همهم تأمين الغذاء أولاً والمعقمات والمنظفات والأدوية ثانياً وباتت الألبسة اليوم بالنسبة للناس من الكماليات .

تقف الحكومات عاجزة عن اخذ التدابير اللازمة لمنع الانهيار الاقتصادي الذي سيكون له أثر كبير على حياة الناس المعيشية، وعلى مايبدو ليس هناك خطط استراتيجية للحد من تداعيات الوباء، وكل مانراه اليوم  لايتعدى إدارة أزمة مبنية على انعكاسات آنية، سيكون لها أثر قريب على محدودي الدخل من الموظفين والعاملين في كل القطاعات.

المصدر: سيريا بريس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى