ما الموقف الروسي من الوضع فيما يتعلّق بدرعا والجنوب؟
هل سيقوم الجيش السوري والميليشيات التابعة له بعملية عسكرية للسيطرة على درعا؟
إلى أين تتجه عقارب البوصلة بشأن درعا، وهل يمثل الوضع الروسي إحراجاً شديداً؟
تقف درعا اليوم على “كف عفريت”، فأين الضمانات الروسية؟
ما هي توقعاتكم بصدد أهل الجنوب؟ هل لديهم القوة الكافية للدفاع عن أنفسهم؟
هل تتمكن روسيا من توفير حافلات للهجرة إلى الشمال؟ حيث أننا لا نريد أن يقتل أطفالنا ونساءنا!
أود أن أطمئن الجميع بأنه وعلى الرغم من الاحتكاك العسكري الذي جرى خلال اليومين الماضيين، وتسبب في وقوع بعض الضحايا من الطرفين، إلا أن الوضع الآن قد أصبح تحت السيطرة بالكامل، ولن تدور أي عمليات قتالية في درعا بعد اليوم. لن تسمح روسيا ومجموعة أستانا والمجتمع الدولي بذلك.
أعتقد أن القيادة في دمشق قد أصبحت تدرك ذلك، ولم يعد لديها خيار سوى اللجوء إلى الوسطاء بغية التوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف لحل القضايا المتنازع عليها.
من المستحيل أن تتمكن السلطة المركزية في دمشق فرض سيادتها على غالبية الأراضي السورية دون التوصل إلى اتفاق شامل بين السوريين على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، وخارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار السوري بمدينة سوتشي عام 2018، والمحدّدة ببنود البيان الختامي.
هناك حقيقة يجب التأكيد عليها وإعلانها وهي أن الحفاظ على السيادة السورية ووحدة التراب السوري لن تتجسد اليوم سوى من خلال جهود مجموعة أستانا والمجتمع الدولي ممثلاً بهيئة الأمم المتحدة الداعمة للشعب السوري، والساعية إلى منحه المجال للخروج من الأزمة التي يعانيها.
إن سلطات دمشق اليوم فاقدة لإمكانية فرض سلطتها ليس فقط في شمال شرق وغرب وجنوب سوريا، ولكن أيضاً في غالبية مناطق الساحل، وحتى في العديد من أحياء دمشق. وتقتصر تلك السلطات على مكاتب الأجهزة الأمنية وداخل الثكنات العسكرية، مع وجود تذمر واضح حتى بين العسكريين، وذلك دليل على أن غالبية الشعب السوري يرغب بالتغيير، ويتطلع بأمل كبير أن تبدأ عملية الانتقال السياسي السلمي، بغرض إنشاء نظام جديد، يشمل الجميع بشكل عادل، ويجسد الإرادة الشعبية لكافة أطياف الشعب السوري، بتنوعه العرقي والديني والطائفي.
أطمئن الجميع أن احتمالات نشوب حرب أهلية بعد اليوم قد أصبحت منعدمة نهائياً، كما أن فرص سيطرة القيادة والحكومة السورية، وفرض القوانين الدستورية على أرض الواقع أصبحت مستحيلة بدون عملية الانتقال السياسي على أساس تعديل دستوري، والتوافق على دستور جديد. حينها فقط تستطيع السلطات المطالبة بتسليم السلاح وفرض سيادة القانون.
انطلاقاً مما سبق، يجب على جميع السوريين ممارسة ضبط النفس، وأقصى درجات الصبر، والاطمئنان إلى أن أحداث الأيام الثلاث الأخيرة في درعا قد وضعت حداً للمماطلة والتلاعب والالتفاف على الجهود الدولية. فقد نضج العامل الداخلي السوري لدى جميع السوريين معارضةً وشعباً ونظاماً، ولم يعد أحد يتحمّل الانهيار الاقتصادي والمأساة الحقيقية التي يعيشها الشعب السوري. والمطلوب بدءاً من اليوم من الجميع تحمّل المسؤولية، للتعامل مع الواقع الجديد، وسوف يقوم المجتمع الدولي بمساعدة السوريين للتوصل إلى سوريا جديدة.
المصدر: كلنا شركاء