خص رسام الكاريكاتير الفنان علي فرزات، صحيفة (أورينت نت) بسلسلة لقطات ساخرة يكشف فيها بعض أوراقه مع بشار الأسد في السنوات الأولى من توريثه الحكم في سوريا.. ويحاول فرزات أن يرسم بالكلمات صورة أمينة لشخصية غارقة في إدمانها وهوسها وطبيعة تفكيرها المثيرة للسخرية والاستغراب!
قال لي بشار الأسد في إحدى المرات وكان متلهياً بجهاز البلاي ستيشن:
قلت لي بأن عندك فكرة لتطوير الإعلام شو هيي؟؟
قلت له: لماذا لا تسمحون للصحافة الخاصة بالصدور بعد ما أغلقها حزب البعث العتيد عام 1963؟!
قال لي: شو بذهنك مثلا؟؟
قلت له: أنوي أن أصدر جريدة ساخرة ناقدة مستقلة. أنت تعرف أنه – بزمانه – كان هناك جريدة تصدر في دمشق اسمها “المضحك المبكي” وكانت جريدة شعبية لدرجة ماكنت تهدّي بالمكتبات، وكان الناس يعتبرونها متنفسا لهم بأسلوبها الساخر الناقد للأحداث الداخلية والخارجية، وكانت تقوم بدور الرقيب على الحكومة والحارس الأمين للشعب ضد الفساد والمفسدين.
هنا شرد قليلا وكأنه يحاول أن يستوعب ما حدثته به.. ثم قال لي:
“طيب أنت شو بذهنك تنشر فيها مواضيع ؟؟ متل إيش يعني؟!
قلت له: ايواااااااااااااااا.. هون حطنا الجمال. أنا من الآن سأقول لك ماذا أريد أن أنشر. فإما تقول لي “أوك” أو “بلا القصة كلها”. أنا سأتناول حزب البعث المتخشب، وأعضاء مجلس الشعب الذين ينامون طول الجلسة ويوقظهم الآذن عندما يريد أن يسكر المجلس وينظف القاعة.
ضحكت لوحدي.. فقد راح بشار يستغرق في لعبة البلاي ستيشن وأخذ الحديث يصبح أحاديا. تابعت وقلت له:
سأحكي عن القضاء لأن هذا ليس قضاءً بل “قضاء وقدر..” وسأحكي عن ضباط المخابرات الذين أصبحوا معقبي معاملات عند رجال الأعمال.
كنت أريد أن أقول له: ” متل رامي مخلوف مثلا” لكنني سكت وقلت في نفسي: خللينا هلأ نمرق مشروع الجريدة وبعدين لكل حادث حديث.
بعد فترة من اللعب قال لي: طيب اعمل العدد صفر وخللينا نشوفه!
أحسست وهو يلعب البلاي ستيشن باستغراق شبه كلي ولا ينتبه لحديثي وخاصة أنه كان يتحدث مع الشخصيات الكرتونية على الشاشة ويلعن حظه بفشل خطته باللعبة تارة.. ثم يرجع للحديث معي تارة أخرى.. ثم سألني فجأة:
شو بدك تسمي الجريدة؟!
قلت له “الدومري”.. قال لي: الدومري..شو يعني الدومري؟
أفهمته أن الدومري هو الرجل اللي كان يشعل الفوانيس ليبدد العتمة في الليل قبل أن يكون هناك كهرباء في الطرقات.
للحظة أحسست أنني أحكي مع نفسي.. فقد كان شديد الحماس للعب البلاي ستيشن.. وبتصوري ماكان منتبها للمواضيع الحساسة اللي قلت له عليها أثناء لعبه بالبلاي ستيشن من نقد للمخابرات وحزب البعث والقضاء ورجال الأعمال.. ويمكن هذه هي الورطة اللي وقعت أنا فيها بعد إصدار الجريدة.
قلت له المهم لازم يكون في جرايد خاصة جنب الصحف الرسمية. هنا انتبه إلي قليلا وقال:
يللا بكرا بتتنافسوا مع بقية الجرايد.
قلت له: حرام عليك..أنت بتعتبر تشرين والثورة والبعث جرايد؟؟؟
ومن باب المزاح المخلوط بالجد قلت له:
هدول الجرايد حتى ما عادت الناس تستخدما لمد السفرة، ولا عاد الصوّاجين وحدادي السيارات يستعملونها في بخ السيارات… لأن الحبر الذي تطبع به “مغشوش بيشحور الإيدين…”
فضحك بصوت عال وقال: هوهوهوهوهو هي ارثمها كاريكاتير..
– بالمناسبة في إحدى المقابلات الصحفية حول نفس الموضوع (تشرين والثورة والبعث) قلت في المقابلة: هذه الجرايد الثلاتة حتى بالحمامات ما عاد حدا استعملها لأنها بتشحور الـ… وبالعلامة مرة شفت واحد طالع من التواليت وعلى قفاه مطبوعة افتتاحية الجريدة!
المصدر: أورينت نت