أثارت الأنباء التي تداولتها الوكالات العربية والسورية، إزاء إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التوصل لاتفاق جديد مع تركيا بشأن إدلب، موجة من الجدل، حيث ذكرت وسائل الإعلام أن لافروف أعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، إنه «تم الاتفاق على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب».
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره التركي في أنطاليا، مولود جاووش أوغلو، الأربعاء، اتفاق بلاده مع تركيا على تفعيل اتفاق إدلب الذي ينص على تشكيل منطقة منزوعة السلاح.
مصادر مطلعة أكدت لـ «القدس العربي» أن ما تم تداوله حول اتفاق جديد هو نتيجة خطأ في الترجمة، كما بينت تصريحات الخارجية الروسية حول زيارة لافروف إلى تركيا، عدم التطرق إلى اتفاق جديد، بل الإشارة إلى جولة مقبلة من محادثات أستانة في العاصمة الكازاخية «نور سلطان» الشهر القادم.
وأشار البيان إلى «مناقشة الوضع في إدلب، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول موسكو الموقع في 5 آذار/ مارس عام 2020، بشأن إنشاء منطقة منزوعة في إدلب وفقاً لاتفاقية «سوتشي» الموقعة في 17 أيلول/ سبتمبر 2018.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قال: «سنواصل العمل مع روسيا لاستمرار الهدوء في الميدان من أجل العملية السياسية بسوريا».
الخبير بالشؤون السورية – الروسية البروفيسور محمود الحمزة قال لـ «القدس العربي» إن بحث الملف السوري بتفاصيله وإيجاد خطوة جديدة بهذا الاتجاه، ممكن أن يبحثها الطرفان الروسي والتركي خلال مفاوضات أستانة المقررة الشهر المقبل.
وتحدث الحمزة عن تسريبات مهمة من مصادر روسية مطلعة، تؤكد احتمال «أن يمتنع الروس عن استخدام الفيتو تجاه المعابر» وأضاف «من المؤكد أن اللقاء التركي – الروسي تناول هذا الموضوع وتوقف عنده. مشكلة المعابر هي أكثر ملف تتعنت فيه وزارة الدفاع الروسية التي تقود الملف السوري، وبالتالي هي لا تريد هذه الخطوات السياسية، كما أنها ضد المعابر بشكل قوي، ولكن لافروف أثناء الزيارة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، وعده بأن يجد حلاً وسطاً للموضوع الشائك، ويبدو أن وزارة الخارجية تراجعت عن تعنتها تجاه المعابر، إذ يناقش الموضوع لأن في الكرملين ووزارة الدفاع».
وحول ما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق تركي – روسي جديد تجاه إدلب، أبدى الخبير السياسي اعتقاده خلال حديثه مع «القدس العربي» بأن زيارة لافروف لتركيا والحديث عن اتفاقية وقف إطلاق النار، ومنطقة خالية من الوجود العسكري، تدور في فلك التأكيد على اتفاقية 5 آذار/ مارس والتي هي ملحقة لاتفاقية سوتشي 2018 وهي الأساس.
والزيارة الروسية، يمكن قراءتها على أنها تحريك المياه الراكدة بين الطرفين، وفي هذا الصدد قال الخبير بالشؤون الروسية «إن موسكو قلقة من عرقلة أي جهد يقف أمام البدء بعملية سياسية وبنظرهم فإن الجهود تجري بالاتجاه الخطأ، فهم لم يفكروا يوماً بعملية سياسية صحيحة ومقبولة، ومعروف ما قاموا به من التفاف على مقررات جنيف واختراع موضوع اللجنة الدستورية، خلال مؤتمر سوتشي 2018 بعد الدعوة إلي حوار سوري – سوري، الذي كان عبارة عن مسرحية، وكل مفاوضات استانا هي التفاف على جنيف وعلى مطالب الشعب السوري، وللأسف انخرطت فيها تركيا، إذ أن نتائج استانا معروفة بأنها استرجعت معظم المناطق المحررة لصالح النظام السوري».
وأضاف، الروس قدموا جهودا مكثفة ونجحوا عسكرياً ودبلوماسياً إلى درجة ما، ولكن الجهود السياسة والعسكرية التي يعتقدون أنها ستقود إلى نجاح اقتصادي، وإعادة إعمار مازالت متعثرة ومصطدمة بجدار صمت، سببه مواقف النظام غير المتعاون مع الروس، طبعاً بتنسيق إيراني، وهو ما يفسر زيارة نائب وزير الخارجية الروسي مؤخرا إلى دمشق، من أجل تثبيت المصالح والاتفاقيات الاقتصادية مع النظام السوري، فضلاً عن بحث مجموعة مسائل وتحديات كبيرة يعيشها الجانب الروسي ويريد حلها لكنه بحاجة إلى التنسيق مع تركيا و طبعاً لا يمكن إغفال أن الحل السياسي يجب أن يكون بالتعاون مع واشنطن».
وقال «الروس لديهم الكثير من الأسئلة للأتراك، والحديث يجري عن تطبيق هذه الاتفاقيات لأن موسكو تتهم أنقرة إلى الآن بعدم تنفيذ كامل البنود، حيال تحييد الفصائل الإرهابية وفصلها عن المعتدلة، وعدم استخدام الطريق الدولي ام 4 بالشكل المطلوب، بسبب التوتر بين الطرفين، فالجانب الروسي يطالب بتسليم الطريق للنظام، وتصطدم مطالبه بالرفض التركي، ومعنى ذلك أن هناك العديد من النقاط التقنية التي لم يتم حسمها إلى الآن، وهو السبب باعتداءات النظام ومشاركة الروس في العمليات العسكرية في إدلب، والتي أودت بحياة أكثر من 35 مدنياً وجرح العشرات».
وخلاصة القول، إن الزيارة الروسية هدفها تنشيط الوضع السوري، كما يمكن تفسير اللقاء بشكل أوسع إذا نظرنا إلى قمة بايدن بوتين التي لعبت دوراً في الملف السوري، بالرغم من أنه لم يتم الاتفاق على شيء، لكنها أظهرت فرصة للبحث في الملف لاحقًا، وإتمام اجتماعات مشتركة، حيث تحدث الرئيس الأمريكي بايدن عن ذلك بصراحة حينما قال إن سوريا هي مثال للتعاون مع الروس. كما أن لقاء بايدن مع اردوغان، لا بد أنه تطرق إلى الملف السوري.
المصدر: «القدس العربي»