حول ما أثارته كتابة محمد حبش عن مصطلح الغزوات في عهد الرسول “ص”

د. مخلص الصيادي

مهما بدا هذا الحديث مهما، وهذا الجدل مثيرا  فإنه  حديث في جزئيات، لا يفيد كثيرا إن لم يسند إلى مصادره.

يجب أولا تحديد المصادر التي يمكن الرجوع إليها لحسم أي تباين في الرؤى.

ومصادرنا  في مثل هذا الموضوع ونظرائه ثلاثة، ينظر إلى أهميتها على تسلسلها، وهي بطبيعة الحال متداخلة يعتمد الكثير من اللاحق فيها على سابقه وهي :

** القرآن الكريم

** السنة النبوية

** كتب التأريخ على تنوعها.

مهم لمن يريد أن يدلوا بدلوه  أن يحدد ما إذا كان يعتمد هذه مصادر أم لا.

هل القرآن مصدره؟.

هل السنة النبوية مصدره؟.

هل مصادرنا التاريخية مصدره؟.

لا أتحدث هنا عن تباين أو اتفاق العلماء في تفسير آيات الله.

ولا أتحدث عن مراتب الحديث.

فكل ذلك تقديرات واختلافات، وهي  مقبولة ونرى أمثلة لهذه الاختلافات ونحن ندرس شروح الآيات والأحاديث ووقائع التاريخ والسيرة.

 لكن ما يجمع الكل اعتمادهم هذه المصادر الثلاثة.

لابد من تحديد ذلك قبل أي مناقشة، لأنه لا جدوى من الاستناد إلى آيات القرآن عند من يعتقد أن هذا القرآن ليس مقدسا “ليس نصا مكتملا مقطوعا بصحته من لدن خالق الكون وموجده”.

ولا جدوى من الاستناد إلى الحديث النبوي إذا لم يكن هناك إيمان بوجود الحديث أو باعتباره مصدرا للتشريع على أي مستوى كان.

ولا معنى من الحديث عن مصادرنا التاريخية إذا كان هناك موقف رافض لهذه المصادر.

ورفض المصادر أمر آخر غير نقدها، لأن للنقد أصولا تستهدف توثيق ما يعتمد حتى يأتي البحث أشد تماسكا وإحكاما، وهو مطلب رئيس في كل بحث.

إن العبث في النظر إلى مصادرنا صار في هذا العصر كثير، وسخرت  له منابر إعلامية عديدة، تحتفي بهذا العبث وتروج له.

في هذا العصر، هناك من شكك في كتاب الله، وراح يكتشف قدسا غير القدس التي نعرفها، واسراء غير الاسراء الذي نعرفه، وقصصا للقرآن غير ما نعرفه، بل وصل الأمر ببعضهم أن اعتبر أن شخوص الأنبياء والرسل وقصصهم القرآنية نوع من الخرافات.

في هذا العصر بدأنا نسمع ونشاهد من يطرح رؤى سوداء لكبار صحابة رسول الله،  ولجهود الفتح ومعاركه، ولعظماء تاريخنا عبر العصور المتتالية من أمثال صلاح الدين الأيوبي. وعمر المختار، وعبد  الكريم الخطاب، والشيخ عز الدين القسام… الخ.

أعود للمنطلق، الأصل أن نحدد موقفنا من هذه المصادر، ثم بعد ذلك لنا أن نتحاور، أما الحوار في جزيئات فإنه لا يعدو أن يكون في أحسن الفروض إضاعة للوقت، وقد يكون مقصودا لتشتيث الذهن، وتمرير الأفكار الجزئية بهدوء حتى تتراكم ويصبح لها تأثير في صد المتلقي عن صحيح القول والرؤية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى