مع بداية حرب النظام السوري على شعبه إثر الثورة الباسلة في 18 آذار/مارس 2011بدأت محنة اللجوء السوري نتيجة القمع الوحشي والاعتقال والقصف العشوائي الذي هدم مدن بكاملها، كانت الثورة عامة وشاملة والقصف والقتل والاعتقال والتشريد عامًا أيضًا، وبعد أن كانت الأمم المتحدة تصنف سورية من الدول المستضيفة لللاجئين أصبحت سورية أكبر دولة على مستوى العالم مصدرة لللاجئين بفعل نظام أجرم بحق شعبه وبلده والأمة بكاملها. فقد بلغ عدد الللاجئين السوريين حوالي 6.7 مليون لاجئ يشكلون مع عدد ممائل من النازحين داخل البلد 56 بالمئة من عدد اللاجئين على مستوى العالم..والذي بلغ 82 مليون لاجئ في آخر إحصاء للأمم المتحدة في 18 حزيران /يونيو الحالي. وحوالي 80 بالمئة من هؤلاء اللاجئين استقروا في دول الجوار بعد أن وضعت الدول الأوربية الموانع الصارمة أمام اللجوء إثر الموجة الأولى والتي كانت باتجاه الغرب في قوارب الموت عن طريق تجار البشر، ومع أن الأمم المتحدة أقرت عام 1951 الاتفاقية االمتعلقة باللاجئين والتي كانت بالأساس تهدف إلى حل مشكلة اللاجئين من أوروبا نتيجة الحرب العالمية الثانية، وشكلت لها المفوضية السامية للاجئين في 20 حزيران / يونيو من ذلك العام والذي يحتفل به كيوم للاجئ تكريمًا له وتضامنًا معه وتذكيرًا بحاله وحال اللجوء، فإن القليل من الدول تلتزم بنصوص الأمم المتحدة الخاصة باللجوء مع أنها شاركت بصياغتها وإقرارها،وأهم بنودها عدم جواز إعادة اللاجئين إذا كان يمكن أن يتعرضوا للاضطهاد مجددًا. ووجوب توفير الحماية لهم في بلدان اللجوء، وقد عرفت الاتفاقية اللاجئ أنه: شخص يوجد خارج بلد جنسيته بسبب الخوف أو الاضطهاد أو العنصرية أو الدين، وبذلك لا يجوز أن يتعرض في بلد اللجوء لأي من هذه العناصر ولابد من حمايته من التعرض لها. ليست الدول الغنية هي التي استضافت العدد الأكبر من اللاجئين في العالم فالسودان والصومال وبنغلادش والأردن ومصر وهي دول ليست غنية تستضيف أعداد كبيرة من اللاجئين.
استقر حوالي 3,6 مليون سوري في تركيا وبالأساس كانت تركيا معبرًا رئيسيًا لللاجئين الراغبين بالذهاب إلى أوربا، ويتوزع هؤلاء في المناطق المتاخمة أو القريبة من الحدود السورية بشكل رئيسي وهم على نوعين:لاجئون تحت الحماية المؤقتة {الكملك } ولاجئون بفيزا سياحية التي تحتاج لجواز سفر ساري المفعول، وأخيرًا أصبحت هناك إقامة إنسانية لتجاوز موضوع جواز السفر التي تبتز به قنصلية النظام المواطنين من خلاله. وقد حلت هذه الإقامة الإنسانية مشكلة كبيرة للسوريين، وهذه الأمور القانونية منوطة بوزارة الداخلية التركية، ولم يجد أي لاجئ في تركيا أي مشكلة في مراجعاته وحصوله على الإقامات المؤقتة أو السياحية أو الانسانية، فكان التعامل يجري بسلاسة ودون أي تعقيد. أما في التعامل اليومي بين المواطن التركي واللاجئ السوري فهو لا يخرج عن نطاق أي تعامل بين لاجئ ومواطن وهناك حوادث فردية يمكن أن يشعر اللاجئ بعدم الراحة تجاهها كرفض بعض المواطنين تأجير السوري أو وضع شروط مجحفة بحقة في بعض المناطق وشكوى البعض من استحالة السكن في الجانب الأوربي من استانبول من جديد مع أن أماكن عملهم هناك، وقد نشرت في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل رسائل تشير إلى مشادات بين سوريين وأتراك تطلب من السوريين العودة إلى بلادهم “اننا لانريدكم هنا”.طبعًا هذا يحدث في كل بلدان اللجوء ولكن على الصعيد العام اللاجئ مرحب به في تركيا ويحصل على حقوق كثيرة لايحصل عليها في بلدان اللجوء الأخرى فمثلنا عندما كنا قي السعودية {وهذا ينطبق على كل دول الخليج } لم يكن يحق لنا استئجار بيت باسمنا اواستئجار سيارة أو حتى خط هاتف وكان مطلوب تجديد الزيارة شهريًا ودفع الرسوم لذلك.
لايوجد لاجئ سعيد بلجوئه وكما قال الكاتب الروائي عبد الرحمن منيف:( وأنت في الغربة لاتحيا ولاتموت، الساسة المحترفون ينجرون خشب التابوت واذا مت فأجمل موت أن يموت الإنسان واقفًا والأفضل أن تفعل ذلك وأنت تبتسم بسخرية أيضًا ) (عبد الرحمن منيف رواية “الآن هنا “.
كلنا يتمنى العودة إلى بلاده بعد زوال النظام الجائر لنعيد بناء بلدنا لكل أبناء شغبنا دون تمييز.
المصدر: اشراق