مازالت محافظة إدلب شمال غربي سوريا، مسرحاً للعمليات العسكرية، والهجمات العشوائية التي تنفذها قوات النظام وحلفاؤها بالقذائف المدفعية والصاروخية على بلدات وقرى ريفي إدلب وحماة، وسط تحليق مكثّف لطائرات استطلاع روسية وأخرى للميليشيات الإيرانية، ومحاولة موسكو مجدداً تعطيل قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة المحررة الخارجة عن سيطرة النظام السوري شمالًا، وذلك عبر الحدود، واحتكار هذه المساعدات لصالح النظام وتوظيفها لأغراض سياسية وعسكرية واقتصادية.
وقالت مصادر محلية لـ «القدس العربي» إن قوات النظام نفذت قصفاً مدفعياً مكثفاً مستهدفة قرى «بينين والحرش المحيط بها» حيث بلغ عدد القذائف التي استهدفت المنطقة أكثر من 20 قذيفة مدفعية.
تحليق مكثف للطائرات
المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن قوات النظام نفذت الأحد جولة جديدة من الاستهدافات البرية، حيث قصفت مناطق في فليفل وبينين والفطيرة والبارة في ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في سهل الغاب شمال غربي حماة، كما قصفت محاور التماس في جبل الأكراد شمالي اللاذقية وجبل الزاوية جنوبي إدلب، بينما استهدفت الفصائل المسلحة أول أمس مواقع لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في مدينة سلمى في ريف اللاذقية الشمالي.
وتزامن قصف قوات النظام والميليشيات المساندة لها على المناطق آنفة الذكر مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية والتابعة للميليشيات الطائفية الإيرانية في أجواء المنطقة، وتشهد بلدات وقرى ريف إدلب الجنوبي بشكل عام وجبل الزاوية بشكل خاص حملة قصف عنيفة منذ مطلع شهر حزيران/ يونيو الحالي، خلفت عشرات القتلى والجرحى، ونزوح معظم السكان المتبقين في المنطقة إلى مناطق أكثر اَمان. من جانبها اتهمت منظمة «منسقو استجابة سوريا» روسيا بأنها تحاول منذ تدخلها بشكل رسمي في سوريا، العمل على تقويض جهود فرض السلام والاستقرار في منطقة خفض التصعيد العسكري في محافظة إدلب السورية من خلال شن هجمات عسكرية (غير شرعية) لصالح النظام السوري وحلفائه في سوريا.
كما تسعى روسيا في الوقت الحالي إلى منع مقترح القرار الذي تقدمت به كل من آيرلندا والنرويج لإدخال المساعدات الإنسانية لمدة عام كامل عبر الحدود السورية التركية، والعمل على حصر دخول المساعدات الإنسانية عبر طرق تابعة للنظام السوري وحلفائه من خلال العمل على تقديم مقترح مشروع مضاد للقرار السابق كما حصل سابقًا.
وأكد فريق منسقو استجابة سوريا في بيان له الأحد، المقترح الذي تقدمت به كل من النرويج وآيرلندا لمجلس الأمن الدولي، لإدخال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا من معبري اليعربية وباب الهوى فقط، على الرغم من الحاجة الماسة إلى عودة العمل ضمن معبر باب السلامة، مشيراً إلى أن محاولة روسيا تعطيل قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود هو محاولة لاحتكار النظام السوري لتلك المساعدات وتوظيفها لأغراض سياسية وعسكرية واقتصادية وفقدها لغاياتها الإنسانية.
وقال الفريق في بيان رسمي له «جاء في الفقرة الثالثة من المادة 27 ضمن الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة ما يلي: «تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت» وبناءً عليه نطالب بتفعيل تلك المادة وهو ما يمنع روسيا على أي مشروع قرار خاص بسوريا، ونشدد على أهمية اتخاذ كافة الخطوات الضرورية اللازمة لتوفير المساعدات الإنسانية في كافة أنحاء سوريا عموماً ومناطق شمال غرب سوريا».
وأضاف الفريق «يحظر القانون الدولي الإنساني استهداف المدنيين، كما يحظر تجويع المدنيين كأداة للحرب، ويدعو منسقو استجابة سوريا لاستمرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لمنع حصار وتجويع المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري بغية اخضاعهم للعودة إلى مناطق سيطرته».
واشنطن: غير كافٍ
ودعت واشنطن، في بيان، إلى إضافة معبر ثالث للمعبرين المطروحين ضمن مشروع القرار الذي سلّم لمجلس الأمن أمس الجمعة، والمعني بتمديد تصريح عبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا، إذ يطالب المشروع بتمديد التصريح بعبور الشاحنات الإغاثية إلى سوريا من خلال معبري «باب الهوى» على الحدود التركية، ومعبر «اليعربية» على الحدود العراقية لمدة عام آخر، بدءاً من 11 تموز المقبل.
واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن مشروع القرار الصادر عن مجلس الأمن «لا يفي بوصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها» مطالباً بإعادة تفويض معبر «باب السلامة» إلى جانب «باب الهوى» ومعبر «اليعربية» لتقديم المساعدات للسوريين، معتبراً أن معبر «باب السلامة» الشريان الرئيسي لإيصال المساعدات إلى إدلب، إذ أنه منذ إغلاقه في شهر تموز عام 2020، «لم تنجح قافلة واحدة في الوصول إلى إدلب».
من جانبه قال منسق الشؤون الإنسانية السابق في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، الذي استقال من منصبه مؤخراً، إن تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع لا يمكن أن يحل محل عمليات التسليم عبر الحدود ووصف العملية عبر الحدود في باب الهوى بأنها «شريان حياة» محذراً من أنه في حالة عدم الموافقة على المشروع، ستتوقف عمليات توصيل الطعام لـ 1.4 مليون شخص كل شهر، وملايين العلاجات الطبية، والتغذية لعشرات الآلاف من الأطفال والأمهات، والمستلزمات التعليمية لعشرات الآلاف من الطلاب.
وسلّمت آيرلندا والنرويج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الثلاثة عشر في المجلس، يطالب بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرقي سوريا عبر العراق، «أخذاً في الاعتبار بأنّ ثمة زيادةً في الاحتياجات الإنسانية في شمال غربي سوريا وشمال شرقها».
ويتطلب صدور قرارات مجلس الأمن، موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه الـ 15، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
المصدر: «القدس العربي»