أيام تفصلنا عن الإنتخابات الرئاسية الإيرانية المزمع عقدها في الثامن عشر من هذا الشهر (يونيو)، وسط توقعات بعزوف المواطنين عن المشاركة نتيجة إنعدام الثقة بصناديق الإقتراع من جهة وبقدرة الرئيس على إتخاذ قرارات مصيرية من شأنها ان تحسن الوضع المعيشي المتردي في البلاد من جهة أخرى. كما أن إنتشار الفقر والإستياء المتزايد من الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، واستمرار القمع الأمني، وسوء إدارة وباء كورونا وإستبعاد المرشحين على نطاق واسع من أهم أسباب مقاطعة الإنتخابات التي تعتبر بانها عملية تنصيب لإبراهيم رئيسي.
رفض مجلس صيانة الدستور الإيراني 585 مرشحا قدموا أسمائهم لخوض الإنتخابات الرئاسية الإيرانية التي تتحكم بصيرورتها ونتائجها مراكز صنع القرار التابعة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي. لم يسلم من مقصلة خامنئي حتى المقربين له الذي خدموا النظام طيلة ٤٢ عاما، أبرزهم علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني السابق، ومحمد باقر قالبياف الرئيس الحالي للبرلمان الإيراني، وإسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومحمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق.
من هو الرئيس الإيراني المقبل ؟!
يراقب المهتم بالشأن الإيراني عن كثب الإنتخابات الرئاسية الإيرانية ونتائجها التي ستعلنها الوزارة الداخلية بعد إنتهاء فرز الإصوات. تشير التحليلات بان المنافسة ستنحصر ما بين إبراهيم رئيسي، المرشح المفضل لدى خامنئي، وما بين عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي الإيراني الذي تم إقالته من منصبه بعد ترشحه لمنصب الرئاسية الإيرانية، في الوقت الذي لم تتم العملية نفسها بحق المرشحين الآخرين بما فيه إبراهيم رئيسي الذي يترأس السلطة القضائية وعضو مجلس خبراء القيادة وهو معروف في الأوساط الشعبية الإيرانية بعضو لجنة الموت التي نفذت حكم الإعدام بحق الاف السجناء السياسيين عام 1988. ينتمي عبد الناصر همتي إلى ”حزب كوادر البناء“ الذي تأسس في نهاية الفترة الرئاسية الثانية لهاشمي رفسنجاني وهو يعتبر الأب الروحي له. يرأس هذا الحزب ”غلام حسين كرباسجي“، الذي حكم عليه بالسجن لفترة عام بسبب نقده الوجود العسكري الإيراني في سوريا عام 2019 .
سيناريوهان لتعين إسم الرئيس
السيناريو الأول:
سينفذ النظام الإيراني خطته ويعلن فوز إبراهيم رئيسي في المرحلة الأولى من الإنتخابات الإيرانية بنتيجة تتجاوز الخمسين بالمئة من المشاركة. هذا يعني تكرار سيناريو تنصيب محمود أحمدي نجاد عام ٢٠٠٩ التي أدت إلى إحتجاجات شعبية واسعة عرفت في ما بعد بالحركة الخضراء، والذي تم إعتقال ووضع قادتها (مير حسين موسوي ومهدي كروبي) تحت الإقامة الجبرية إلى يومنا هذا. من أهم تحديات هذا السيناريو: دخول إيران بعزلة إقليمية ودولية جديدة، حدوث إحتجاجات شعبية مماثلة لعام ٢٠٠٩، لكن هذه المرة سيكون من الصعب قمعها وحسمها لصالح السلطات الإيرانية، دفن الجانب الجمهوري من تسمية النظام (جمهوري إسلامي) عند إنصاره خاصة التيار الإصلاحي والمعتدل التابعين لنظام.
السيناريو الثاني:
ستنتقل الإنتخابات إلى المرحلة الثانية نتيجة عدم حصول اي مرشح لنسبة فوق الخمسين بالمئة التي تأهله للفوز بالإنتخابات. وهذا السيناريو ممكن حدوثه بسبب المشاركة الضئيلة التي لا تتجاوز 37 % في أحسن حالاتها من جهة وإطالة عمر المفاوضات في فيينا للماطلة وكسب الوقت لتقترب طهران إلى وقت إعلانها صنع القنبلة النووية من جهة أخرى. لان جميع الأطراف: التيار المتشدد الإيراني، والجانب الأميركي، الأوربي، الصيني والروسي، (لكل طرف إعتباراته ومصالحه الخاصة) تفضل الإتفاق في عهد الحكومة الإيرانية المقبلة.
ستحصل في هذا السيناريو حالتين: 1- إستمرار المقاطعة الشعبية للإنتخابات، فهذا يعني إعلان فوز إبراهيم رئيسي لانه سيكون المشارك الوحيد أنصار التيار المحافظ المتشدد. 2- وصول التيار الإصلاحي إلى إجماع للإلتفاف حول المرشح ”عبد الناصر همتي“، فسيكون هزيمة إبراهيم رئيسي واردة جدا. وهنا سيكون خامنئي ما بين خيارين صعبين:
الخيار الأول: قبول نتائج صناديق الإقتراع، وتقبل هزيمة التيار المتشدد مقابل الإصلاحيين، وهذا يعني تغيير خطط النظام برمتها وخلط أوراقه التي رتبها منذ فترة وأهمها توحيد السلطات عند المتشددين لخلق إنسجام داخل النظام لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية بصوت واحد ويد حديدية واحدة.
الخيار الثاني: تزوير الإنتخابات وإعلان فوز إبراهيم رئيسي، والعودة إلى السيناريو الأول وتداعياته الخطيرة على مستقبل النظام الإيراني.
ثلاثة أيام فقط تفصلنا عن معرفة اي سيناريو سينفذه المرشد الإيراني خامنئي، وأي كأس سيتجرعه مرغما، وكؤوسه كلها مرة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها النظام الإيراني بسبب التآكل الداخلي نتيجة صراعات تياراته، وتوسع رقعة المعارضة والمقاطعة الداخلية، بالأضافة إلى العزلة الإقليمية والدولية والعقوبات الأميركية.
المصدر: المركز الأحوازي للاعلام والدراسات الاستراتيجية