انتهت الحكاية وسقط من كان يعتقد بأنه باق. نتنياهو لم يكتف بـ 12 سنة حكم، وأراد المزيد. الضربة هذه المرة لم تأت من خصومه في السياسة بل ممن شاركوه الحكم في سنوات عهده، وكانوا ينفذون كل ما يريد “سيدهم” بنيامين. منهم من كان مدير مكتب نتنياهو ومنهم من كان وزيرا في عهده، لكن هذا لم يشفع لـ “أبو يائير” فقد انقلبت دائرة الأيام عليه وأصبح نفتالي بينيت الذي كان في يوم ما مديراً لمكتب نتنياهو، أصبح رئيس وزراء وقال لنتنياهو “”كش ملك”. يميني متدين أبعد يمينياً آخر تربى على يديه وجلس مكانه. أصحاب القرار في الحكومة كلهم يمينيون. (بينيت، ساعر، ليبرمان وشاكيد”).
صحيح أن نتنياهو وكما يقولون، مثل القط بسبع أرواح ينهض من سقوطه بسرعة، لكن هذه المرة (يذهب بلا رجعة). القانون الأساس الذي وافقت عليه الحكومة الجديدة يمنع عودة نتنياهو قبل أربع سنوات. وهذا يعني أنه سينال عقابه بسبب لوائح الفساد المقدمة ضده في المحاكم. لكن قد تلوح في الأفق صفقة تبعده عن السجن. هذا ممكن. وقد تكون الصفقة تفاهم على أن لا يعود للسياسة مرة أخرى نهائياً مقابل رفع تهم الفساد عنه. كل شيء ممكن. لكن هذه الصفقة ستكون نهاية حياته السياسية. يعني لا نتنياهو بعد اليوم ولا يوم غد ولا في المستقبل.ليس مهماً أن يذهب نتننياهو أو يبقى .بل المهم سياسة نتنياهو هل ستذهب أيضاً أم أنها باقية ما دام اليمين باق ؟ هذا هو السؤال.
الحكومة الجديدة برئاسة اليميني نفتالي بينيت تضم ثمانية وعشرين وزيرًا، بينهم سبع وزيرات ولأول مرة منذ تأسيس إسرائيل، وتضم القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس الذي بفضله رأت الحكومة نور ال حياة ، علماً بأنها المرة الأولى التي تضم حكومة إسرائيلية حزبا عربيا ، وهو “الحركة الإسلامية الجنوبية. ومن المفترض أن تؤدي الحكومة اليوم اليمين الدستورية إذا سارت كل الأمور كما يجب.
ثلاثة من أقرب المقربين إلى نتنياهو ومن جلدته السياسية (الليكود) أسقطوه عن عرشه. بينيت، ليبرمان، وساعر ، هؤلاء كانوا يكنون له الكراهية بعد أن صفعهم جميعاً، والآن اتحدوا وردوا له الصاع صاعين.
بينيت القادم على رأس الحكومة ليس أفضل من نتنياهو الراحل عن الحكومة إلى غير رجعة. كلاهما من نفس طينة اليمين الكاره للفلسطينيين. لكن بينيت يفوق نتنياهو يميتية وعنصرية. ومشواره السياسي برهان على ذلك.
لقد كان بينيت رئيساً لمجلس مستوطنات الضفة الغربية «يشع». وهو لا يعتبر الضفة الغربية محتلة، بل
“جزءاً من إسرائيل لسبب بسيط أنه لم تكن هناك يوماً دولة فلسطينية، وأن هذا الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يمكن حلّه، وأن إقامة الدولة الفلسطينية تعني الانتحار، وأنه لن يقدم على الانتحار حتى لو ضغط عليه العالم كله”. إذاً نحن أمام رئيس وزراء لإسرائيل اسمه نفتالي بينيت زعيم حزب يميني، يمثل تيار الاستيطان الذي يعتبر في القانون الدولي جريمة حرب. وإذا كان نتنياهو يرفض المفاوضات مع الفلسطينيين خوفاً من تفكك حكومته؛ فإن بينيت من المتوقع أن لا يشارك فيها أبداً بناءً على مواقفه.
يقول الدكتور هاني العقاد في مقال له: ” ان مشاركة “القائمة الموحدة” في حكومة بينت لابيد قد لا يغير الواقع العربي في اسرائيل للافضل، لأن بينيت اكثر المعارضين لمنح العرب في اسرائيل أي حقوق مدنية وسياسية، ولأن بينيت يؤمن بفكرة اسرائيل الكبري التي تمتد من النهر الي البحر, ويؤمن بان لليهود الحق في بناء المستوطنات في كل بقاع الارض الفلسطينية, ويؤمن بالردود العسكرية القاسية علي اي عملية فلسطينية مسلحة، وهو من سن قانون القومية ليصبح القانون الاساسي للدولة العبرية”
ويرى بعض المحللين أن الأرجحية في الحكومة الجديدة،سوف تبقى للأحزاب الأشد تطرّفاً، و”أن الخط السياسي العام للقضايا الأكثر أهمية سوف يحسمه ليبرمان وساعر وبينت ولبيد، وليس لدى هؤلاء أي رؤية تتعلق بالسلام، وسوف يسعون الى تمرير الوقت من أجل استكمال المخططات الاستيطانية مع التعامل بعباراتٍ مبهمة وعائمة عن التفاوض مع الجانب الفلسطيني، مع تجنب الاصطدام بالإدارة الديمقراطية في واشنطن “.
وبالرغم من ان الشعب يعرف تماماً أن نتنياهو قد انتهى سياسيا، إلا أن النظاهرات الأسبوعية ضده أمام منزله في القدس، ظلت مستمرة حتى يوم أمس السبت وتطالبه بالاستقالة. وهذا يعكس مدى حقد الشارع عليه. لكن رفيق دربه “الحنون” بينيت لم تهن عليه “العلاقة الودية القديمة” مع رئيسه السابق، فطالب المتظاهرين “بالتعامل باحترام مع نتنياهو”. “يمين يحن على بعضه”.
المصدر: كل العرب