لم ينتظر النظام السوري طويلاً بعد انتهاء “العرس الانتخابي الديمقراطي”، قبل أن يكشف عن توجهه نحو تعديل قانون ضريبة الدخل، ما ينذر بتصاعد الضغط الاقتصادي على الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل.
جاء ذلك، على لسان وزير المالية في حكومة النظام كنان ياغي الذي كشف عن البدء بمناقشة مسودة التعديل لقانون الضريبة على الدخل، من قبل اللجنة المُشكلة لهذا الغرض.
وأضاف أن اللجنة مستمرة خلال الاجتماعات القادمة بمناقشة تعديلات قانون ضريبة الدخل للوصول إلى مسودة متكاملة قريباً، مؤكداً أن الهدف هو “الحد من ظاهرة التهرب الضريبي التي تفوّت مبالغ ضخمة جداً على الخزينة العامة للدولة، والتي كان يجب أن توظف في الإنفاق العام لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين والخدمات المقدمة”.
زيادة المداخيل المالية
ويكشف توجه النظام نحو زيادة الضرائب، عن مدى عمق الأزمة التي تضرب منظومته المالية، بحيث يجهد النظام في تعديل قوانين الضرائب تباعاً، بعد أن باتت الضرائب المصدر الرئيسي لتمويله.
وفي آذار/مارس 2021، أصدر رئيس النظام بشار الأسد قانوناً جديداً للبيوع العقارية الذي يحدد الضريبة استناداً للقيمة الفعلية الرائجة للعقارات، وكانت الذريعة أيضاً تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
وحول ذلك، يقول وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة المؤقتة” عبد الحكيم المصري إن خسارة النظام لموارد الدولة من نفط وغاز قطاعات إنتاجية، حتّمت عليه الاعتماد على الضرائب، وبالتالي هو بحاجة إلى زيادتها وإعادة النظر فيها لتكون قادرة على تغطية الموازنة المالية.
ويضيف ل”المدن”، أنه مهما حاول النظام زيادة نسبة الضرائب، فإنها لن تحلّ مشاكله المالية، لأن الإنتاج يكاد يكون معدوماً، ما يعني أن التعديلات الأخيرة ستزيد من الأعباء على السوريين، أكثر من الأعباء الحالية.
وفي الشأن ذاته، يضع الباحث والمحلل الاقتصادي رضوان الدبس حديث النظام عن إصلاح ضريبي، في إطار محاولات النظام التنصل من مسؤوليته أمام الوضع المعيشي الذي يزداد سوءاً، من خلال توجيه اللائمة نحو أصحاب رؤوس الأموال الذين لا يدفعون الضرائب.
ويوضح في حديث ل”المدن”، أن النظام يحاول الإيحاء بعد إجراء مسرحية الانتخابات، بأن العمل بدأ، في حين أن كل القوانين لا تطبق إلا على شريحة صغيرة من صغار التجار وأصحاب المشاريع.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020، عدّل الأسد قوانين متعلقة بضريبة الدخل، حيث تمّ تعديل الحد الأدنى المعفى من الضريبة على دخل الرواتب، وأصبح الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل 50 ألف ليرة سورية، بدلاً من 15 ألفاً.
وتم كذلك، تعديل الشرائح الضريبية التصاعدية لتصبح 30 ألف ليرة سورية لكل شريحة ضريبية، وتعديل النسبة الضريبية للشرائح لتبدأ من 4 في المئة وصولاً إلى 18 في المئة، بدلاً من 5 في المئة إلى 22 في المئة، ويتم الانتقال من شريحة إلى أخرى بمعدل درجتين بين كل شريحة وأخرى. وبذلك، تم إعفاء شريحة الموظفين الحكوميين (متوسط الرواتب 50 ألف ليرة سورية) من نسبة كبيرة من الضرائب.
لكن في المقابل، فإن تعديل ضريبة الدخل -إن تمت- من شأنها زيادة كلفة الإنتاج الصناعي والزراعي في مناطق سيطرة النظام، ما يعني زيادة في أسعار السلع والمواد المنتجة محلياً والمستوردة، في الأسواق.
المصدر: المدن