أطفال في الحدائق العامة، يلعبون ويمرحون، وسيدات يتسوقن من المحال والمخازن، قليلات منهن يرتدين الكمامة الطبية، وحركة الأهالي لا تشي بالخوف والقلق، فالشوارع مكتظة، والمقاهي المغلقة استُعيض عنها بالحدائق الكثيرة في المدينة.
ما يثير الانتباه هو أن أغلب المنتشرين في الشوارع هم سوريون مع قلة من الأتراك، الذين بدا أنهم أكثر حذراً، ولكنهم غير متشددين أيضاً بتطبيق التعليمات الوقائية لفيروس كورونا المستجد.
سوريون لا يقتنعون بخطورة “كورونا”
في غازي عنتاب التركية، لا مظاهر للحدّ من مغادرة المنزل أو الحجر الصحي، ففي هذه المدينة ينتشر الناس في الأماكن العامة، ويجتمع المراهقون في الحدائق، وترى بعض الأهالي يحضّرون مستلزمات الشواء، لقضاء يوم ممتع في إحدى غابات المدينة، دون الاكتراث بالتحذيرات العامة المتعلقة بفيروس كورونا المستجد.
حول هذا الموضوع قال الطبيب أحمد الدبيس لـ بروكار برس: للأسف لا يطبق أهالي غازي عنتاب (سكان المدينة الأصليين بالإضافة للسوريين ويشكلون ما نسبته 25 بالمئة مع عدد الأتراك)، الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المستجد، وقلما يلتزمون بتوجيهات البقاء في المنزل”، دون قدرته على تحليل الأسباب الرئيسية لهذا “الاستهتار” على حدّ وصفه.
وأضاف: لا شك أن السوريين أكثر إهمالاً لقواعد الحماية الشخصية، فهم وصلوا إلى مرحلة من اللامبالاة يصعب معها إقناعهم بالخوف من “مرض” حتى لو كان خطيراً. خضوعهم لظروف استثنائية زاد من جسارتهم النفسية، إلا أن ذلك لا يقيهم من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، كما أنه لا يعد عاملاً مضافاً يقوي مناعتهم، إذ إن المناعة النفسية تختلف عن مناعة الجسم الفيزيائية، فهم وبفعل الظروف القاسية التي اختبروها، والأنظمة غير الصحية التي اضطروا للعيش بكنفها، من تغذية غير متوازنة واستنشاق الهواء الملوث جراء القصف قليلي المناعة.
آخر ما أعلنته الصحة العالمية بشأن الفيروس
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أخيراً، أنه لا يوجد دليل أن فيروس كورونا المستجد ينتقل بالهواء بل ينتشر عن طريق قطيرات التنفّس والمخالطة، ويمكن منعه بنظافة اليد والجهاز التنفسي.
مضيفة أنه يمكن أن يصاب الأشخاص بعدوى مرض كوفيد-19 عن طريق الأشخاص الآخرين المصابين بالفيروس، ويمكن للمرض أن ينتقل من شخص إلى شخص عن طريق القُطيرات الصغيرة التي تتناثر من الأنف أو الفم عندما يسعل الشخص المصاب بمرض كوفيد-19 أو يعطس.
وتتساقط هذه القُطيرات على الأشياء والأسطح المحيطة بالشخص، ويمكن حينها أن يصاب الأشخاص الآخرون بمرض كوفيد-19 عند ملامستهم لهذه الأشياء أو الأسطح ثم لمس العين أو الأنف أو الفم، كما يمكن أن يصاب الأشخاص بمرض كوفيد-19 إذا تنفسوا القُطيرات التي تخرج من الشخص المصاب بالمرض مع سعاله أو زفيره.
ولذا فمن الأهمية الابتعاد عن الشخص المريض بمسافة تزيد على متر واحد (3 أقدام).
كورونا يدخل عنتاب
ومع إهمال كثير من السوريين في غازي عنتاب للحجر المنزلي لتاريخ الخميس، إلّا أنّ إعلان الولاية اليوم عن وجود إصابات بفيروس كورونا المستجد، من شأنه أن يؤثّر على الحركة في الولاية الحدودية مع سوريا.
وقالت رئيسة بلدية غازي عنتاب، إنّ الإصابات بالفيروس قليلة قياسا بالولايات التركية الأخرى، مردفة أن بلديتها اتخذت العديد من الإجراءات للمساهمة في الحد من انتشار الفيروس، أهمها التركيز على التعليم عن بعد ودعم البنية التحتية، بالإضافة إلى إيصال المساعدات إلى المحتاجين. يجعل من الصعوبة بمكان على الأهالي اتخاذ إجراءات صارمة اتجاه المرض.
وأغلقت الجهات التركية منذ 15 آذار الجاري المدارس، ليتبعها بعد ذلك حزمة من الإجراءات التي تقيّد حركة المواطنين، ومنها إغلاق المولات، مراكز التجمعات، والمقاهي في معظم أرجاء المدينة، بالإضافة إلى فرض حجر صحي على الذين تجاوزت أعمارهم الـ 65 عاماً، وتلويح وزراء أتراك باحتمالية فرض حظر تجوال شامل في حال عدم الالتزام بالقواعد الاحترازية وأبرزها التزام المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى.
ومع ذلك يبدو أن تركيا لن تتخذ إجراءات أكثر صرامة (حظر التجوال بشكل كلي) وفقَ محللين أشاروا أن تركيا لن تستطيع أن تتحمل تبعات الإغلاق العام، وما ينطوي عليه من انهيار اقتصادي، لذا ينبغي على الأهالي أن يكونوا أكثر وعياً بخطورة المرض.
المصدر: بروكار برس