زمن قصير كي يندمل جرح عميق
واذا لم يتم اعادة فتحه وتطهيره سيكون ناتجه قيح وصديد
” ليلة الحولة “
ذات ليلةٍ داكنةٍ
بعد هطولِ المطرْ
نامتْ سنابلُ القمحِ في حقولها
واندسَّتْ أزهارُ الأقحوانِ في أحضانها
وفي غفلةٍ تسللّتْ أصابعُ القدرْ
اقتربتِ الساعةُ وانشقَّ القمرْ
صرختْ سنابلُ القمحِ: انقذونا..
أنقذونا.. من مطاحن البشر..
وكان العالمُ في غفوةٍ من أمرِهِ
بعدَ طُولِ السَمَرْ
مدَّ العاصي يديهِ ليذودَ عنهم
فاخترقتها المناجِلُ.. والسكاكينُ
بكى متألماً.. واندثرْ
وسال نهرٌ من دماءٍ
ومن الماءِ نَهَرْ
الأرضُ اهتزَّتْ.. و رَبَتْ
وابيضَّت زهورُ الأقحوانِ
من هَوْلِ ما رَأَتْ
وأنا رأيتُ في المنامِ مئةَ سنبلةٍ خضراءَ
تَدُوسها سبعُ بقراتٍ عجافٍ
وإنّي أراني أضمُّ يدي إلى جنبيَ
فتخرجُ حمراءَ من غيرِ سوءٍ!!
يا قومُ: افتوني بتأول رُؤيايَ
وأصرخ: يوسُفُ أيها الصدِّيقُ
أين أنت؟!
يصحو العالمَ من نومِهِ فَزِعاً
يضع بيضَهُ في سلّةٍ على رأسِ “عنان”
ويرسله كي يعبرَ النهرَ وحيداً
ويأمره أن يعدَّ بيضه بعدَ كل محطة
وأنا أراني في المنام اصطادُ البطَ
ويعودُ العالمُ للنومِ هَنِيئاً
وأنا أصرخُ: يوسُفُ أيها الصدِّيقُ
أين أنت؟!
إنِّي رأيتُ الشمسَ والقمرَ والنجومَ..
رأيتهم لي ساجدين
ويوسُف كان في الجبِّ منذ سنين
العالمُ يسمعُ صرَاخَه
ويغضُّ السَمْعَ منذ سنين
ويقولون لي: أضغاثُ أحلامٍ..
وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين
وإنّى نَرَاكَ في المنامِ تُذْبَحُ
مثل كبشٍ عظيمٍ
وأنا أصرخُ: يوسف أيها الصديق
أين أنت؟!
إني أراني في المنام وحيداً
أحمل فوق كتفي بندقيةً
تطلقُ الآهات.. والياسمين
كي أموتَ شهيداً
وتنبتُ فوقَ جثتي
سنابلُ القمحِ.. و زهورُ الأقحوان