الاستيلاء: إسرائيل، النكبة، و”الأشياء”

ريبيكا ل. ستاين* ترجمة: علاء الدين أبو زينة

أثناء عملها على إجراء بحث حول تاريخ شمال (إسرائيل)، عثرت صديقة إسرائيلية بقصة مسجدٍ ما تزال بقاياه قائمة على أرض “كيبوتس” طفولة والدها؛ مسجد خدم المجتمعات الفلسطينية المحلية في المنطقة خلال فترة ما قبل العام 1948. وعلِمت أن هيكل المسجد ظل متماسكاً نسبيًا بعد فترة طويلة من فرار روّاده الفلسطينيين أو طردهم خلال حرب 1948-1949، في حين طُويت أرضُه في أراضي (دولة إسرائيل) الوليدة. واتصلَت بوالدها في منزله في تل أبيب لتأكيد الاكتشاف. سألته: هل تتذكَّر المسجد؟ كلا، أجاب، إنه لا يتذكر. وضغطت عليه قليلاً. أصرَّت عليه: لكنّ لديّ إحداثياته، وبقاياه موجودة على أرض “الكيبوتس”. لكنه كان متأكداً أيضاً من أنه لا يعرفُه، مذكّرًا إياها بأنه يعرف كل شبر من أراضي “الكيبوتس”، وهو الذي أمضى جُل طفولته متجولاً في ضواحيه وفقًا للتربية الصهيونية السائدة. كان إنكاره قاطعاً، وهناك انتهت المحادثة.
بعد بضعة أيام لاحقاً، اتصل بها مرة أخرى عائداً بمجموعة من الذكريات المتأخرة. بدا أنه خلال نقاش مع شقيقاته اللواتي نشأن أيضًا في هذا “الكيبوتس”، خرجت صورة منسية ببطء إلى المشهد. نعم، كان المسجد هناك، كما أكد. وفي الواقع، يتذكر أيضاً مشاهدة الفلسطينيين وهم يقطفون الفاكهة في الحقول المجاورة عندما كان طفلاً صغيرًا، وهي ذكرى افترضَ أنها مشهد من ما بعد الحرب في العام 1949، من اللحظة التي عادت فيها العائلات الفلسطينية المنفية في وقت قريب من إنشاء إسرائيل لجني محاصيلها وتفقُّد ممتلكاتها. وقد أزعجتهُ عملية التذكُّر هذه. كيف يمكن لمثل هذه المعرفة الحميمة عن وطن المرء أن تتلاشى ببساطة، فقط لتعاود الظهور بشكل مفاجئ وواضح؟
هذه ورقة عن ممارسات الذاكرة الإسرائيلية في الأعوام الأخيرة -الطرق التي رفضت بها مجتمعات اليهود الإسرائيليين من مختلف المواضع، ونسيَت، وتذكَّرت، وأحيَت ذكرى تاريخ نهب الفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم في خضم حرب 1948-1949 وفي أعقابها (المعروفة باللغة العربية باسم “النكبة”)، وكيف فهمت هذه المجتمعات الإسرائيلية المختلفة الآثار المادية لعيش الفلسطينيين قبل العام 1948، والتي بقيت داخل حدود إسرائيل في أعقاب المنفى الفلسطيني. وتصر هذه الورقة على ما يمكن أن نسميه “الزمانية المزدوجة للذاكرة”، والطرق التي ترتبط بها الحالة السياسية -وربما أيضًا المعرفية- للذاكرة، و/ أو أفعال النسيان، بزمن الحادثة الأصلية المعنية، وبزمن فعل التذكر نفسه. وهكذا، ستنظر هذه الورقة في شروط الاحتمالية التي تدعم وتؤسس لأفعال الذاكرة، وتتساءل عن السبب في عودة مجموعة من التواريخ الفلسطينية التي أهملتها الدولة الإسرائيلية وحجبتها فعلياً إلى المشهد الإسرائيلي في لحظات معينة.
الحياة الاجتماعية في “الأشياء”
تقع أسئلة الاستيلاء والتملُّك، التي تفهم كأفعال وأسماء، في صميم هذا التحقيق. وأنا مهتمة بشكل خاص بالطرق التي ترتبط بها الذكريات الإسرائيلية نفسها بـ”الأشياء” التي كانت فلسطينية سابقًا -على وجه التحديد، بالأشكال المختلفة للممتلكات الفلسطينية التي سُرقت، أو صودرت، أو انتُزعت، أو اشتراها الإسرائيليون في نهاية المطاف، خلال الحرب وبعدها. كما أنني مهتمة بالكيفية التي تم بها تداول هذه الممتلكات وإعادة تقييمها في السياق اليهودي الإسرائيلي، بالمعاني التي ظهرت في دائرة إعادة التقييم هذه، وكيف تترابط هذه الدوائر مع جوانب أخرى من المشروع القومي-الاستيطاني الإسرائيلي. وبالاعتماد على عمل أرجون أبادوراي Arjun Appadurai، يسعى هذا المقال إلى أخذ “الحياة الاجتماعية للأشياء” بجدية -أي “تعقُّب هذه الأشياء نفسها… أشكالها، واستخداماتها، ومساراتها” أثناء انتقالها من الاقتصادات الفلسطينية إلى الاقتصادات الإسرائيلية [Appadurai 1986].
طبيعة “الأشياء”، في هذا العرض، متعددة، ويُقصد أن تُفهم في تمايز مضاد مع الحسابات القانونية والكمية للممتلكات الفلسطينية وفقدانها، بالطريقة التي تناولها بها الباحثون في الشرق الأوسط تقليديًا [Fischbach 2003; Fischbach 2006]. لا يمكن تفسير “الأشياء” التي أهتم بها في هذه الدراسة على أنها مجرد سلع، لأن قيمتها تتجاوز موقعها أو وظيفتها في نظام تبادل كلاسيكي [Koptyoff 1986]. بدلاً من ذلك، في حين أنها أوعية للقيمة التبادلية، فإنه يتم استثمار هذه الأشياء أيضًا بقيمة عاطفية؛ إنها أوعية للمشاعر والذاكرة والرغبة؛ وهي تتقاطع مع أنظمة معينة للتمثيل والإدراك. وتهتم هذه الورقة بشكل أساسي بالاقتصاديات الرمزية والتمثيلية التي تقع ضمنها الأشياء الفلسطينية بينما يتم تداولها في عوالم اجتماعية يهودية إسرائيلية.
في الأحاديث مع فلسطينيي الشتات وفي مذكراتهم المكتوبة، كثيرًا ما يعرف المرء -ليس عن البيوت والأراضي المفقودة فحسب، وإنما أيضًا عن الأثاث، والكتب، وألبومات الصور والملابس [Karmi 1994; Sakakini 1987]. لكن معظم الأدبيات حول الفقدان الفلسطيني، مهما كان تدخلها السياسي في مراجعة روايات الهيمنة لتشكيل الدولة الإسرائيلية، كانت دائمة غارقة في نقطة عمياء متكررة: لقد جادل معظمها، صراحةً أو ضمنًا، بأن الممتلكات المعنية ظلت تحتفظ بهويتها الفلسطينية في أعقاب السلب، حتى بينما تنتقل هذه الممتلكات إلى العوالم الاجتماعية الإسرائيلية وتتحول بفعل هذه العوالم. ويُطرَح الافتراض نفسه حول الطرق التي ترتبط بها المشاعر والذاكرة بالأشياء المسلوبة؛ عادة ما يُعتقد أنهم تلتحم في موقع الخسارة ومع الفلسطينيين الذين عانوا منها. والافتراض هو أن الفقدان أو السرقة تترك هوية الشيء (أي فلسطينيته) كما هي من دون تغيير: أن موضع القيمة العاطفية الوحيد يكمن في الشكل الفلسطيني للشيء المعني. ووفق هذا الخط من الحجج، فإنه لا يمكن تحقيق قيمة وهوية الشيء الذي صودِر أو اشتُري أو سُرقَ بالكامل إلا من خلال إعادته إلى مالكه الشرعي. ولا ينبغي التقليل من أهمية الرهانات السياسية في مثل هذه الحجج، لأنها تشكل جهودًا مهمة لرواية الظلم الناجم عن نزع الملكية ونهبها.
رفضَت مثل هذه الأدبيات بشكل أساسي أن تأخذ الحياة الاجتماعية لهذه الأشياء على محمل الجد في أعقاب انتزاعها ووجودها في أيدي سالبيها. وهكذا، حجب الإخلاص لرواية السلب ونزع المُلكية الطرق التي أصبحت بها هذه الأشياء، في نظر أصحابها الجدد، إسرائيلية، وما تخبرنا به عمليات التحويل هذه عن الثقافة اليومية للاستعمار الإسرائيلي. وبذلك، فإن مشروع هذه الورقة على وجه التحديد هو: أن نأخذ على محمل الجد الطرق التي تحمل بها الأشياء الفلسطينية المصادرة والمنهوبة معنىً ضمن المصفوفة السياسية الإسرائيلية: النظر في الطرق التي تربط بها الذكريات الإسرائيلية نفسها، أو تفشل في الارتباط، بهذه الأشياء؛ والسؤال عما قد تخبرنا به مثل هذه العمليات عن التقنيات الإسرائيلية اليومية لتكريس القومية-الاستيطانية.
يدرس هذا المشروع ما أسماه أرجون أبادوراي “الحياة الاجتماعية للأشياء” بينما تنتقل هذه الأشياء من اقتصاد سياسي ورمزي معين إلى آخر، وعملية التطبيع والتجنيس التي غالبًا ما تصاحب هذا المسار المحرَّف قومياً. وبعد عمل المنظر بيل براون Bill Brown، تتناول هذه الورقة أشكال كل من التاريخ والوكالة التي تتواجد في الأشياء نفسها (مثل المنازل، والهدايا التذكارية، والأشياء المنهوبة) عندما يتم “استحضارُها” في هذا السياق السياسي-القومي الجديد، إضافة إلى الطرق التي تُنقَش بها بالتواريخ، والسياسات، والذكريات الاجتماعية التي توجد أحيانًا في حالة توتر مع دورة الاستيلاء التي يتم إدراجها فيها [Brown 2006]. وأنا أقرأ الاستيلاء على أنه ملعب المنافسة السياسية الشرسة في السياقين الإسرائيلي والفلسطيني -المجالات التي يتم فيها التفاوض على المطالب السياسية ويجري فيها تزوير الهويات الوطنية. وعلى هذا النحو، تقترح هذه الورقة الابتعاد عن مسائل “نزع الملكية” إلى تلك المتعلقة بـ”إعادة الامتلاك”. ولا يقصد هذا إلى إظهار عدم اتفاقي مع سياسة بحوث نزع الملكية. إنه، بالأحرى، إشارة إلى نمط مختلف لدراسة إرث الاستعمار الإسرائيلي وعنف تشكيل الدولة، من منظور المنتصرين.
ثمة ثلاثة أنواع من الأشياء، فيها تواريخ الاستملاك اليهودي، والتي تقع في المركز الإثنوغرافي لهذا التحقيق. أولاً، أتناول تاريخ النهب خلال حرب 1948-1949، مع التركيز على الأشياء الفلسطينية اليومية وذات الأشكال والوظائف المختلفة (المجوهرات، والأثاث، والسجاد) التي استولى عليها جنود ومدنيون إسرائيليون خلال الحرب وفي أعقابها. ثانيًا، أقوم بدراسة حالة المنازل الفلسطينية سابقًا، والتي يسكنها الآن يهود إسرائيليون -المنازل التي أُخِذت من خلال مصادرة الدولة لما تُسمى “أملاك الغائبين”. ثالثًا، أقوم بالتحقيق في حالة المشاهد الطبيعية الإسرائيلية والتخيلات الإسرائيلية الشعبية عنها، مع التركيز بشكل خاص على تلك التي تحمل الآثار المرئية لماضيها الفلسطيني.
كل هذه التحقيقات الإثنوغرافية تجري على أراضي القدس الغربية -والتي تردد صدى قصة المسجد الطيفي الذي بدأ به هذا المقال، ولكنها تحدد موقع هذه البِنية الإسرائيلية المشتركة للنسيان في داخل حيز قومي محدد للغاية، وله تاريخه الخاص. وكلها محاولات تأويلية لجعل التاريخ الفلسطيني لهذه الجغرافيا الحضرية مرئيًا، والإشارة إلى المدى الذي تم به محو هذا التاريخ، وتطبيع هذا المحو، ضمن التصورات الإسرائيلية المهيمنة. ويشكل إقران هذه المواضيع المقدسية المتباينة معاً محاولة للنظر في أنماط الاستيلاء الإسرائيلي عبر مجموعة من المعايير المتباينة: بالانتقال من الشيء اليومي، إلى المنزل، ثم إلى المشهد العام. لكن النطاق الأكبر الذي أهتم به هنا هو نطاق الدولة القومية. وعلى خطا عالم الجغرافيا نيل سميث Neil Smith، أؤكد أننا نأخذ على محمل الجد العلاقة المتغيرة بين هذه المقاييس في سياق مشروع صنع الأمة -الطرق التي كانت بها ممارسات الاستيلاء والتملك عبر هذه المعايير المتنوعة جزءًا لا يتجزأ من إنتاج وتقوية المقياس القومي نفسه [Smith 1992]. وأقترح أننا، من أجل فهم نشوء الدولة القومية الإسرائيلية في العام 1948 والتقنيات التي أُديمت بها في العقود اللاحقة، يجب أن نفكر في وظيفة إعادة التملُّك في أكثر الأماكن والطرق التي طُبعت فيها بالمحلية، ومن خلال تطبيع الأكثر يومية من الأشياء.
النهب
التقيتُ موشيه عميرة أثناء عملي الميداني في قرية أبو غوش الفلسطينية -الواقعة داخل حدود إسرائيل على الطريق السريع الذي يصل تل أبيب بالقدس، على بعد عشر دقائق فقط بالسيارة من وسط مدينة القدس الغربية. وكان عَميرة هو اليهودي الوحيد الذي يعيش في القرية وقت لقائنا الأول في العام 1995، بعد أن انتقل من ضواحي القدس بحثًا عن عقار يمكن تحمل كلفته و”حياة أبسط وأكثر هدوءًا”. وعاش عميرة في أحد أقدم المنازل في هذه القرية التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، والذي اشتُري في أوائل الثمانينيات وتم تجديده بعد عقد من الزمن. وبعد ظهر أحد الأيام، اصطحبني في رحلة عبر تاريخ التجديدات التي أجراها للمنزل، فسرد التقدم في تطوير قبو منزله من إسطبل إلى غرفة الضيوف المزخرفة الآن، والمليئة بالنوافذ التي يبلغ ارتفاعها 12 قدمًا، والمقاعد الرخامية المطعّمة، و”الدرج المخصوص” الذي صممه فنّان بارز في تل أبيب.
وتخلَلت جولتي في المنزل قصص عن أشياء أُخِذت، أو عُثر عليها، أو أعطاها آخرون -قصص رويت بصراحة وفي تعاقب سريع. وقد “اكتشف” عميرة الصخرة الحمراء التي طُعِّم بها الطابق الأول من منزله في منطقة رام الله. وتم اكتشاف الرخام المرصع وقطع الفسيفساء التي تزين غرفة المعيشة في موقع الحفريات الأثرية في وسط مدينة القدس الغربية، من حيث حصل أيضًا على القطعة نصف الدائرية المنحوتة المثبتة فوق المدخل، وطاولة خشبية احتفالية. وكان قد تلقى العمود المزخرف في غرفة نومه الرئيسية “من بعض أطفال القرية كهدية” ويقول إن تاريخه يعود إلى نحو 300 عام. وبروايته الخاصة، جلب عَميرة قطعًا جديدة إلى المنزل كل الوقت، وكان يقرر عنذئذ ما إذا كان “المنزل سيقبَلُها”. وبينما كان يدرك أنه يواجه خطر تغريمه -أو حتى سجنه- إذا اكتشفت سلطات الآثار هذه “المكتشفات”، فإن هذا التهديد لم يثنِه عما يفعل كما يبدو. وفي الواقع، لم تكن روايته عن حياة كاملة من النهب غير معتذِرة فحسب، بل إنها كانت مأذونة بوضوح بخطاب تخليصي: فكرة أنه “لو أنني لم آخذه أنا، لكان قد دُمِّر”.
توقفت جولتنا أمام جهاز مذياع خصّه عَميرة بمكان بارز مميز على حافة رخامية في غرفة جلوسه. كان قطعةً رائعة بخطوط حداثية جداً تتخلل خشب الكراميل الملون. كلا، أوضح عَميرة، هذا لم يسرقه. لكن والدته هي التي فعلَت بناء على طلب من جدته خلال حرب 1948-1949. قالت لأمي، “الجميع يذهبون ويأخذون شيئاً… لماذا لا تذهبين”؟ فذهبت أمه إلى القطمون وأخذت هذا الراديو. ولسنوات، كان الراديو الوحيد في منزل العائلة واستمر والده في استخدامه خلال السبعينيات، و”ما يزال يتمتع بقدرة استقبال عظيمة”.
كانت تلك المقابلة مع عَميرة هي أول لقاء لي مع تاريخ النهب الإسرائيلي -أو بالأحرى، أول تاريخ يرويه سارق إسرائيلي. وفي الأعوام اللاحقة من العمل الميداني والبحوث الأرشيفية، سوف تتعزز روايته بقصص أخرى عن السلع المنهوبة التي قدمتها عصابة “الهاغاناه” كهدايا لأولاد “الكيبوتس” في أعقاب الحرب، والتي دُفنت لاحقًا في ممتلكات الكيبوتس في خضم الغضب والاحتجاج اللذين عبّر عنهما كبا السن في “الكيبوتس”، الذين اعترضوا على الاستفادة من السلع المنهوبة [Bronstein 2007]؛ وبذكريات امرأة إسرائيلية في منتصف العمر، والتي شاهد أصدقاؤها في “الكيبوتس” الأشياء وهي تظهر بشكل غامض في منازلهم بعد توقف الحرب، (الأثاث والسجاد) وتملؤهم الأسئلة التي لم يتلقوا إجابات عنها عن مصدرها، والخجل الذي شعرَت به عندما عاد والدها إلى المنزل من دون أن يجلب معه أي شيء؛ والروايات عن الكتب، بل المكتبات الكاملة، التي أُخِذت من منازل فلسطينية “فارغة” في خضم الحرب وما بعدها، والتي تم نقل الكثير منها إلى المكتبات الجامعية حيث ما تزال حتى اليوم [Amit 2006; Amit 2007b].
ما يعرفه المرء عندما يستشير رواية البحوث العلمية عن النهب في زمن الحرب -وهي سجل ضعيف ومتفاوت في أحسن الأحوال [Amit 2006; Amit 2007a; Krystall 1998; Segev 1984]- هو طبيعة الانتشار واسع النطاق لهذه الممارسة، ووتيرته المسعورة، والتغطية الصريحة نسبيًا التي تلقتها مثل هذه الممارسات في الصحافة العبرية في فترة الحرب. كتب صحفي إسرائيلي في العام 1949: “لقد استحوذت الرغبة في الاستيلاء على الجميع. اندفع الأفراد، والجماعات والمجتمعات، الرجال والنساء والأطفال، إلى خطف الغنائم. الأبواب، والنوافذ، والعتبات، والطوب، وبلاط الأسقف، والخردة وأجزاء الآلات…”[Segev1986: 70]. ولم تكن الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت أقل وضوحاً في ملاحظة الظاهرة. وكما لاحظ توم سيغيف: “في كثير من الأحيان نوقشت مشكلة النهب” في جلسات مجلس الوزراء، غالبًا بلغة فضحت الممارسة باعتبارها سرًا إسرائيليًا مُعلَناً [Segev 1986: 72].
كان موضوع النقاش، بكلمات رئيس الوزراء الإسرائيلي في العام 1949، هو “سطو جماعي شاركت فيه جميع شرائح السكان” -في دليل، كما أضاف، على “إخفاقات أخلاقية… لم أشك أبدًا في هذا” [Segev1986: 69]. ويبدو أن الكثير من السرقات ارتكبها جنود يهود قاموا في ما تسمى بـ”القرى المهجورة” بتفكيك أي شيء وجدوه في أعقاب هروب الفلسطينيين و/ أو طردهم، وغادروا بـ”النقود، والمعدات الثقيلة، والشاحنات، وقطعان كاملة من الماشية” [Segev 1986: 49]. وفي البداية، خططت السلطات الإسرائيلية لجمع، وفهرسة -وفي النهاية توزيع أو بيع- “الممتلكات الهائلة” الموجودة في تلك الأماكن “المهجورة” [Segev 1986: 69-71].
ولكن، في الممارسة، كانت معظم هذه الممتلكات قد فُقدت للنهب بحلول الوقت الذي كان من المقرر أن تبدأ فيه هذه الفهرسة. وكما شهد “الوصي على أملاك الغائبين” في ذلك الوقت: “لم تصل الملابس، والأمتعة المنزلية، والمجوهرات والمفروشات -بخلاف المراتب- أبداً إلى مستودعات سلطة الحراسة” [Segev 1986:69]. ويمكن القول إن ترميز مثل هذه الممتلكات، مثل “الغائبين” أو “المهجور” كان هو بالضبط ما جعل هذه السرقة واسعة النطاق ممكنة -أو أنه وفر، على الأقل، مصادقة عامة على مثل هذه الممارسات.
كان النهب شرسًا بشكل خاص في حي القطمون الفلسطيني الذي تقطنه الطبقة الوسطى الفلسطينية، وهو الحي نفسه الذي أُخِذ منه راديو عَميرة. وكما نعرف من مذكرات وذكريات سكان القدس الذين عاشوا الحرب (يهوداً وفلسطينيين على حد سواء)، فإن أعمال النهب والسرقة في هذا الحي كانت مُعلنة وواضحة للغاية وشاهدها الجميع، ولم يوقفها انتظار لانسدال ستار الظلام ولا شعور سائد بالخجل. هذا هو الاقتراح الذي قدَّمته في هذه الشهادة يهودية من سكان القدس، والتي كانت هي نفسها فتاة مراهقة خلال فترة الحرب:
“أتذكر النهب في القطمون جيدًا… في ذلك الوقت، كانت عائلتي تعيش في رحافيا (حي يهودي مجاور مباشرة لهذه المنطقة الفلسطينية)… لأيام، كان بإمكانك رؤية أشخاص يمشون وهم يحملون الأشياء المنهوبة. كنت أحدق من نافذة شقتنا وأرى عشرات الأشخاص وهم يمرون ومعهم المنهوبات… ليس الجنود فقط، وإنما المدنيين أيضًا. كانوا ينهبون مثل المجانين. كانوا يحملون حتى طاولات السفرة. وكانوا يفعلون ذلك في وضح النهار، بحيث يمكن للجميع أن يروا… ذات ليلة أخرجني جندي ورافقني في جولة في (الحي العربي المجاور). وأذهلني جمال المنازل. دخلت أحدها -كان جميلًا فبه بيانو وسجاد وثريات رائعة… أراد أحد الجنود أن يُرضيني فجلب لي منديلًا وأقراطًا. وقد شعرت بالإطراء، لكنه لم يخبرني بأنه نهبها… وعندما أريتها لأبي، نظر إلي وقال، “تخلصي منها! كيف تجرؤين على أخذ أي شيء”. [Krystall 1998:102].
تُعقّد الشهادات من هذا النوع القصةَ التي ربما نحكيها عن السرقة الإسرائيلية للممتلكات الفلسطينية خلال الحرب، وتذكرُنا بالذين رفضوا إغراءاتها. ويصف الجزء المتبقي من هذه الرواية الاعتراضات الشرسة للعائلات على ما أصبح ممارسة عامة واسعة الانتشار ومقبولة على ما يبدو. وهذه الفقرة، بوصفها الغامض إلى حد ما للمغازلة المثلثة بواسطة الشيء المنهوب، يوحي أيضًا بالشحنة الإغرائية المثيرة التي كانت تُشرَّب بها السرقة والممتلكات المسروقة أحيانًا -وهو اقتراح عززته العلاقة بين الاغتصاب والنهب، بلغة الحكومة الإسرائيلية.
إن ما تقدمه هذه الرواية هو تصوير حميم لممارسات النهب في خضم الحرب، و(لما يمكن أن نسميه) جغرافيات الأماكن الداخلية التي وقع فيها. وكما نعلم في هذه الفقرة، فإن ثقافة السرقة جلبت الجنود والمدنيين اليهود الإسرائيليين إلى داخل منازل العرب الفلسطينيين -إلى أكثر الأماكن الداخلية خصوصية. وفي الواقع، ثمة العديد من عناصر الداخل حاضرة في مشهد الدخول غير المشروع الموصوف أعلاه: ليس مجرد دخول المنزل بشكل عام، وإنما يفترض أيضًا أن يكون ذلك إلى غرفة النوم (حيث عُثر على الأقراط)، والمكتب، وصندوق المجوهرات. وكما تشير شهادة عَميرة، فإن الرغبة في السرقة أثناء الحرب أنتجت شيئًا من ثقافة الاستكشاف المحلية بين الجنود الإسرائيليين والمدنيين اليهود على حدٍ سواء.
وكانت ممارسات الاستكشاف هذه طاغية تقريبًا (تذكَّروا كلمات جدة عميرة: “الجميع يذهبون ويأخذون شيئًا”)، مع الوعد بوجود سلع غير محمية، ومتاحة للأخذ. وقد أسفرت ممارسات السرقة والاستكشاف هذه عن أكثر من مجرد السلع واللقاءات الحميمة. لقد قدمت العديد من الطرق المؤدية إلى الداخل الفلسطيني، ولا سيما تلك الموجودة في حي القطمون الثري، معرفةً جديدة ومفاجئة عن المجتمع العربي والحياة اليومية الفلسطينية. وقدمت القطع الأثرية الموجودة في هذه المساحات (السجاد، وأجهزة الراديو، والكتب والثريات) دليلاً على وجود ثقافة مدينية نابضة بالحياة لدى مجموعة سكانية كانت مفهومة في العين الصهيونية السائدة على أنها تعيش على الكفاف.
هذه ورقة عن ممارسات الذاكرة الإسرائيلية في الأعوام الأخيرة -الطرق التي رفضت بها مجتمعات اليهود الإسرائيليين من مختلف المواضع، ونسيَت، وتذكَّرت، وأحيَت ذكرى تاريخ نهب الفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم في خضم حرب 1948-1949 وفي أعقابها (المعروفة باللغة العربية باسم “النكبة”)، وكيف فهمت هذه المجتمعات الإسرائيلية المختلفة الآثار المادية لعيش الفلسطينيين قبل العام 1948، والتي بقيت داخل حدود إسرائيل في أعقاب المنفى الفلسطيني. وتصر هذه الورقة على ما يمكن أن نسميه “الزمانية المزدوجة للذاكرة”، والطرق التي ترتبط بها الحالة السياسية -وربما أيضًا المعرفية- للذاكرة، و/ أو أفعال النسيان، بزمن الحادثة الأصلية المعنية، وبزمن فعل التذكر نفسه. وهكذا، ستنظر هذه الورقة في شروط الاحتمالية التي تدعم وتؤسس لأفعال الذاكرة، وتتساءل عن السبب في عودة مجموعة من التواريخ الفلسطينية التي أهملتها الدولة الإسرائيلية وحجبتها فعلياً إلى المشهد الإسرائيلي في لحظات معينة.
* * *
المنازل
هاجرت روث وزوجها ديفيد إلى إسرائيل من الولايات المتحدة في السبعينيات. وحسب وصفها، كانا من الصهاينة الأميركيين التقليديين، ولو أنهما من طبقة معينة وخلفية تعليمية جيدة (كلاهما تخرج في جامعة هارفارد) -كان هذا قبل ذهابهما إلى المزيد من التطرف في أوائل الثمانينيات مع نشوب حرب لبنان ونشوء مجتمعات الاحتجاج التي حشدتها تلك الحرب داخل إسرائيل. وقد تعززت هذه المجتمعات في نهاية العقد مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، وهي الفترة التي تركز فيها اهتمام روث السياسية على النشاط المناهض للاحتلال داخل إسرائيل والأراضي التي تحتلها.
في صيف العام 2007، انضممتُ إلى روث في غرفة المعيشة بمنزلها الفسيح في حي أبو طور بالقدس الغربية. ومن الفناء الخلفي للمنزل الذي يقع مباشرة على حدود الخط الأخضر (تقول لي إن الخط يمر مباشرة بممتلكاتهم)، يستطيع المرء أن ينظر إلى أسفل إلى قرية سلوان الفلسطينية، وعبر الوادي إلى الركن الجنوبي الغربي من البلدة القديمة في القدس. وفي يوم صاف، يمكن للمرء أن يرى التلال الغربية للأردن. وخلال الانتفاضة الأولى، حيث كان الاحتجاج الفلسطيني والعمل العسكري الإسرائيلي شرسان بشكل خاص في سلوان المجاورة، كان حي أبو طور يُعد نوعاً من المنطقة الحدودية -مكاناً يتجنبه معظم اليهود الإسرائيليين. وخلال فترات المواجهة الشرسة، لم يكن من غير المعتاد استنشاق رائحة الغاز المسيل للدموع القادمة من الوادي في الأسفل.
لكنّ هذه أوقات مختلفة الآن. على الرغم من أن هذه المنطقة تظل مجاورة للخط الأخضر كما هي، فقد تغيرت الجغرافيات السياسية الإسرائيلية والطموحات العقارية. ارتفعت أسعار المساكن في الحي -أي ما يسميه وكلاء العقارات الإسرائيليون اليهود “البيت العربي”- ارتفاعاً هائلاً. وفي اللغة الإسرائيلية السائدة، أصبح هذا المصطلح علامة جمالية بحتة، حتى أن نظرة موجزة على الإعلانات الإسرائيلية الخاصة بالعقارات في القدس الغربية ستشير إلى شيء مما يلي: “منزل على الطراز العربي الأصيل في باقة… (مليء بالأرضيات من البلاط الأصلي والسقوف العالية”؛ “منزل عربي رائع تم تجديده بالكامل في قلب ‘نفيه تسيديك’”؛ “بيت عربي للبيع في الحي اليهودي (البلدة القديمة، القدس)… يحتوي على الكثير من الأقواس”. وفي هذه الدعايات التسويقية التجارية، لا يحمل وصف “العربي” المعنيِّ في طياته تهديدًا وطنيًا، ولا إرثًا لأي وجود سابق.
إنه ليس موقعًا للذاكرة، ولا مصطلحًا يُقصد به الإشارة إلى تاريخ معماري تاريخي معين. وقد رفض معظم وكلاء العقارات الإسرائيليين الذين تمتت مقابلتهم من أجل هذه الدراسة، بلا استثناء -أو أنهم لم يتمكنوا- من ذكر التواريخ الفلسطينية المحددة المعنية في “البيوت العربية” التي يعرضونها. بدلاً من ذلك، شكل المصطلح اختصاراً لمجموعة من السمات المميزة المنسوبة إلى البناء المقصود: (الجدران الحجرية، والأرضيات المبلطة، والمداخل المقوسة، والأسقف والنوافذ الشاهقة)، وهو مصطلح يضيف إلى القيمة ويضفيها. وعلى هذا النحو، يستطيع وكلاء العقارات والمشترون المحتملون وملاك العقارات نطق كلمة “عربي” بحرية، من دون خوف من التأثير سلبًا على قيمة العقار المعني بإثارة شبح الإقامة الفلسطينية السابقة. وبهذا يكون المصطلح موضعاً للتجريد الرمزي -وسيلة استطرادية لإفراغ وصف “عربي” من أي محتوى إثنو-تاريخي أو قومي.
بينما تجلس في الفناء الخلفي لمنزلها، مستمتعة بالمكان المحتمي من حرارة الطقس تحت الأشجار الشاهقة، تصف روث تاريخهم في هذا المكان. كان اختيارهم لحي “أبو طور” عشوائيًا إلى حد ما: “لكنني كنت أفضّل المنازل القديمة لأنني أعتقدت أنها بنيت بشكل أفضل من المنازل الأحدث وأكثر لفتاً للانتباه… في السبعينيات، كان هناك العديد من الأشخاص اليساريين (الإسرائيليين)، من تلك الأنواع البوهيمية، الذين استأجروا المنازل وعاشوا في القدس الشرقية. كان ذلك غير مكلف، كان ممتعًا، وكانت الأماكن مثيرة للاهتمام… كان الناس مهتمين بالفعل بالعيش في قطاع عربي في القدس. وأنا لا أتحدث عن أنواع المستوطنين؛ لم تكن هناك فكرة عن ذلك على الإطلاق. كان ذلك شيئاً رومانسياً نوعاً ما…”.
عندما رأت هي وزوجها المنزل لأول مرة في العام 1982، بدا منعزلاً تمامًا -حيث يقع، كما كان حاله، على حافة الجزء اليهودي من “أبو طور”، المتاخم للخط الأخضر. والشارع الذي يمر من تحت ما أصبح حديقتهما كان أضيق نقطة فاصلة بين الأردن وإسرائيل بين العامين 1948 و1967، بعرض ثلاثة أمتار فقط. وكانت المنازل المقابلة مباشرة للمنزل الذي أصبح ملكًا لهما الآن مقرًا عسكريًا أردنيًا. وكان المسكن نفسه نوعاً من “حطام” قبل انتقالهما إليه، كما لاحظت روث، حيث سكنته قبلهما عائلة كردية ممتدة انتقلت إلى الحي في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي أثناء الهجرة الجماعية لليهود الشرقيين من شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وتصف روث مسار التجديدات المضنية لهذا المبنى العثماني الكلاسيكي: تحويل الفناء الداخلي إلى حمام؛ إضافة النوافذ والمناور إلى الجدران الحجرية السميكة؛ وضم مجموعة من الهياكل المقببة المنفصلة لإنشاء غرفة طعام واسعة. كانت العملية طويلة ومضنية، لكن النتائج كانت مرضية للغاية. سألتها عن التواريخ التي ضمها هذا المكان قبل قدومهما، وعن علاقتها هي بالماضي الفلسطيني الذي كان هنا قبلهما. هل تطاردهم أطياف ذلك الماضي في الوقت الحاضر؟
تقول: “أريد فقط أن أدلي بتصريح صهيوني أولاً، من حيث العيش في منزل عربي… لم يزعجني هذا قيد أنملة. أعني، لو كان الأمر يزعجني، لما كنت قد قمت بـ”آلياه” إلى إسرائيل (مصطلح عبري يشير إلى هجرة اليهود إلى إسرائيل). لأننا كنا على اتصال مع الأكراد، والناس الآخرين في الحي، الليبيين والمغاربة، فإنني في الواقع أربط المنزل بفترتهم أكثر بكثير مما أربطه بالمالكين العرب السابقين… موقفي هو أن جميع المنازل، في أي مكان تعيش فيه، لها تاريخ طويل جدًا. الناس يأتون ويذهبون، ولا أحد يمتلك منزلاً حقًا. المنزل موجود هناك، والأرض هناك، والناس يأتون ويذهبون. قريباً سنذهب نحن أيضًا… هذا لا يعني أنني لست مهتمة بتاريخ هذا المنزل، والسؤال عن سبب وجود خزان تحت العقار، وما إلى ذلك. كعالمة آثار ومؤرخة للتاريخ القديم، أنا مهتمة جدًا. لكن من الناحية السياسية، هذه ليست مشكلة بالنسبة لي…
“وبما أنني أظل مؤيدةً لدولة إسرائيل، وبالتالي هاجرت إليها، لا أعتقد أن لدي الحق في أن أستدير وأقول: “لكنني لن أعيش في هذا المنزل أو ذاك”. يمكنني أن أقول إنني لن أعيش فوق الخط الأخضر. لكني أقبل بقيام دولة (إسرائيل) على أنه حقيقة. إنني أقبله كجزء من تاريخ فلسطين”.
وروث على دراية بالتاريخ التعديلي للحرب -في الواقع، بتنويعاته الأكثر تطرفًا، وليس فقط النسخة التي قدمتها لها الدولة عندما هاجرت إلى هنا في السبعينيات. ومع ذلك، فإنها تعيش في منزلها من دون أي شعور بالندم ومن دون أي إحساس غير مريح بأطياف الماضي الفلسطيني. إن روايتها للسهولة التي يتحول بها بيت فلسطيني إلى واحد إسرائيلي، وتجريده من ماضيه وقدرته على أن يشكل هاجساً يطارد القادمين الجدد، تشير إلى شيء من عناد هذا الصراع وتصلبه -عناد ولد، في جزء منه، من تطبيع المشروع الاستعماري الإسرائيلي في الحيز اليومي للمنازل نفسها.
* * *
المشاهد الطبيعية
قامت بتأسيس “ذاكرات” (“زوخوروت” بالعبرية) مجموعة من الإسرائيليين المعادين للصهيونية في العام 2002. وفي الأعوام التي تلت ذلك، سعى أعضاء هذه المجموعة إلى تثقيف مواطنيهم اليهود حول تاريخ السلب ونزع الملكية الفلسطينية، وعلى هذا النحو، يركز الكثير من عملهم على تاريخ وآثار حرب 1948-1949. وقد تنوعت وسائل المنظمة ومشاريعها: تنظيم جولات إرشادية موجهة في الأماكن الفلسطينية السابقة (سواء في بقايا القرى أو المساحات الحضرية)؛ إقامة احتفالات بإحياء ذكرى الفظائع التي ارتكبت في زمن الحرب؛ إقامة محاضرات وعرض أفلام تثقيفية عن تاريخ نزع الملكية الفلسطينية؛ عروض للفن السياسي الإسرائيلي المعاصر الذي يبرز موضوع المنفى الفلسطيني وعنف الدولة الإسرائيلية؛ احتجاجات مسرحية في الفضاءات الحضرية الإسرائيلية، والتي تلقي الضوء درامياً على التاريخ الفلسطيني المنسي؛ نصب لافتات في أماكن إسرائيلية (على سبيل المثال “هذه الأرض مملوكة لأهالي مسكة”) لمحاولة تصحيح المحو المنهجي للفلسطينيين من المشهد الإسرائيلي.
وفي حين أن جمهور “ذاكرات” الأساسي ما يزال محدودًا نسبيًا، إلا أن ظهورهم في وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية مرتفع نسبيًا، وغالبًا ما يكون ذلك في شكل هجمات سياسية على السياسة الرسمية. وتمكن قراءتهم كمقياس للحساسيات السياسية المتغيرة لليسار الإسرائيلي -وهو يسار تعقَّب ذات مرة ظهور النزعة العسكرية الإسرائيلية في بداية احتلال العام 1967، في ما اعتُبِر، بشكل عام، إعادة تقييم نقدية للعام 1948 تقترب من التجديف من حيث نزعها الشرعية والرخصة عن المشروع القومي الإسرائيلي. وترسم مجموعة “ذاكرات” مسارًا سياسيًا مختلفًا تمامًا، يروي تاريخًا مختلفًا تمامًا عن دولة إسرائيل. وتشير المجموعة في أدبياتها وخطابها العام إلى حرب 1948-1949 باستخدام المصطلح العربي “النكبة” -الاختصار العربي للإشارة إلى الاستيلاء ونزع الملكية الفلسطينية. وبالنظر إلى أن معظم الإسرائيليين يستخدمون مصطلح “حرب الاستقلال” لوصف تلك المرحلة، فإن “ذاكرات” منخرطة في جهد جريء من التشهير بالاستيلاء، ومحاولة إعادة كتابة التواريخ السائدة لتأسيس إسرائيل.
في ربيع العام 2007، انضممتُ إلى ناشطي “ذاكرات” في إحدى جولاتهم سيرًا على الأقدام في أماكن فلسطينية سابقًا تم الاستيلاء عليها أثناء الحرب. وقد ركزَت هذه الجولة، التي استهدفت مجموعة من التربويين اليهود الإسرائيليين الشباب، على أنقاض قرية لفتا الواقعة في ضواحي القدس الغربية. وكانت هذه الآثار غير عادية إلى حد كبير، حيث ظلت لفتا واحدة من القليل جداً من القرى الفلسطينية التي لم يهدم الجيش الإسرائيلي مبانيها الأساسية بالكامل أثناء الحرب أو بعدها، ولم يقم اليهود الإسرائيليون بتجديد منازلها وإعادة سُكناها [Khalidi 1992:301-2]. ولدى التجوال في أنحاء القرية، يواجَه، حتى أكثر المشاهدين سلبية، بمجموعة من المنازل والممرات الحجرية السليمة بشكل لا يُصدق، إلى جانب بئر مركزية محاطة بأشجار اللوز والتين والكرز المزدهرة التي تشهد على التاريخ الزراعي الغني للمكان.
على مدار العقد الذي سبق زيارتي، أصبحت المباني والمساحات ذات المناظر الخلابة بوضوح في قرية لفتا المهجورة مكاناً للمهمشين اجتماعيًا في إسرائيل، بما في ذلك واضعو اليد من “الحاسيديم”، وتجار المخدرات العلمانيون، وهي الآن وجهة مفضلة للمتنزهين المتجولين في فصل الربيع. وقد امتلأت واجهاتها الحجرية الخارجية بالكتابات الغرافيتية العبرية على الجدران وتناثرت في أجزائها الداخلية مع البقايا التي يتركها واضعو اليد أو المتنزهون. وأشارت المحادثات مع هؤلاء الزوار المتجولين إلى أن الأطياف في بقايا لفتا الفلسطينية لا تطارد، إلى حد كبير، الجمهور الإسرائيلي الذي يرتادها. أي أنها ليست ذات صدى تاريخي، ولكنها مجرد تحفة جمالية. أو بالأحرى، عندما يكون لها صدى تاريخي، فإنه يتردد بطرق خاصة جدًا، حيث يشكل دليلاً على انتصار إسرائيل في زمن الحرب بدلاً من أن يكون شهادة على تاريخ السلب وانتزاع الملكية والعار القومي.
قام دليلي عبر لفتا، مؤسس “ذاكرات”، بتوضيح تاريخ القرية بمساعدة خريطة تحدد المدن الإسرائيلية الحالية ومواقع المساكن الفلسطينية السابقة. وأشار إلى القرى الفلسطينية المجاورة، بيت إكسا ودير ياسين وعين كارم وصفّا -وهي جزء صغير من القرى الموجودة في منطقة القدس والتي كانت مزدهرة قبل العام 1948. وبعض هذه القرى لم تعد قائمة، ولم تبقَ هياكلها المادية سليمة. وثمة أخرى، مثل عين كارم، أعاد تجديدها والسكن فيها الإسرائيليون اليهود الذين تُعد العمارة العربية بالنسبة لهم علامة جمالية وليست تاريخية. وقد فوجئ بعض المشاركين في الجولة، يصفون أنفسهم بأنهم يساريون، بإحداثيات الخريطة، وبقرب هذه الأماكن الفلسطينية سابقًا، التي تم حذف تاريخها السابق ومحوه من الذاكرة العامة، على الرغم من أنه غالبًا ما يكون ظاهراً ومرئيًا في المشهد الطبيعي. ويلاحظ شاب: “كنت أعرف أن هناك قرى فلسطينية في المنطقة. ولكن بمثل هذا العدد الكبير؟”.
عندما وصلَت جولتنا سيرًا على الأقدام إلى وسط القرية، سجّلتُ شهادة حاخام شاب انضم إلى هذه الجولة كجزء من تعليمه العالي. وقد وصف طفولةً إسرائيليةً ريفية قضاها وهو يلعب في البساتين، وبين الجدران الحجرية المتحللة، وفي ظلال الكثير من الأطلال. وقال لي: “كل هذه كانت علامات على أناس كانوا يعيشون هنا، علامات رأيناها بأعيننا، ولكن لم يخبرنا أحد من قبل من الذي كان يعيش هنا، ونحن لم نستفسر”. ولم يتضح الأصل الفلسطيني لهذه الآثار وأشجار الفاكهة المهملة إلا في سن متأخرة لاحقاً، عندما أصبح في الثلاثين من عمره تقريبًا. واعترف: “وقد صدمني ذلك. لقد عشت في هذه المنطقة بكاملها مع كل هذه الأشياء، ولكن لم يخبرنا أحد، ولم نسأل نحن. إنكِ تعيشين بين هذه الإشارات والعلامات، ولكن ماضيها مُحي وطُمِس”.
بالنسبة لشخص على دراية بإسرائيل، ليست هذه القصة غريبة. خلال أعوام إقامتي هناك، سمعت العديد من النسخ والتنويعات -قصصاً عن اكتشاف المرء حقيقة أن المشاهد الطبيعية الإسرائيلية لطفولته كان لها ماض فلسطيني نابض بالحياة. وقد قيلت معظم هذه القصص بحس من المفاجأة؛ مفاجأة حادة بشكل خاص في دولة قومية تفتخر بامتلاك معرفة شاملة ومحسوسة للوطن. كيفَ، تساءل الكثيرون، يمكن أن تكون معرفتهم بالمشهد القومي العام خاطئة إلى هذا الحد الدرامي؟ ولماذا، تفكّر الكثيرون، تأخر تعريفهم كثيراً إلى هذا الحد؟ وغالبًا ما يكون هناك إلحاح مسموع لمثل هذه الأسئلة، بمعنى أن السائل يعيد معايرة -ليس الجغرافيا الوطنية فحسب، وإنما جغرافياه الشخصية أيضًا؛ أي أن هذه المراجعة وإعادة إدراك المشهد القومي تستلزم أيضًا إعادة تفكير في الهوية الإسرائيلية نفسها.
بعد انتهاء الجولة، قدم دليلُنا شهادة مماثلة، والتي استندت إلى نفس الشكل السردي؛ نفس بنية الذاكرة. لقد نشأ في “كيبوتس” بالقرب من بقايا قلعةٍ متحللة. وقال: اعتقدنا جميعًا أنها قلعة صليبية. وكان قبل خمسة أعوام فقط، بعد فترة طويلة من إنهائه الخدمة العسكرية، حين عرف عن تاريخها الفلسطيني. ويقول: “بالطبع، كان هناك أشخاص في الكيبوتس يعرفون، أناس من الجيل الأكبر سناً. لكن هذا التاريخ لم يكن جزءاً من الخطاب، فحسب”.
قلتُ: “لكن هذا التاريخ حاضر، مثل طيف”.
توقف عن الحديث: “النكبة صدمتُنا نحن أيضًا. صدمًة المضطهِد”.
* * *
“الأشياء” والاستيلاء غير الناجز ولكن هل الشعب الفلسطيني غائب حقًا؟ بمعنى -على الرغم من تضاؤل الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة الحضرية اليهودية في إسرائيل -هل يمكن أن يسكن التاريخ الفلسطيني المشهد اليهودي الإسرائيلي بطرق يفشل معظم اليهود الإسرائيليين في إدراكها في مسار حياتهم اليومية؟ للإجابة عن هذا السؤال، من المفيد العودة إلى مسألة “الأشياء” على نطاق المنزل؛ إلى كتالوج الأشياء المنهوبة التي تم استكشافها سابقًا: الكراسي، وأجهزة الراديو، والستائر. وهو معيار يجري تأمله بقوة في رواية غسان كنفاني للعام 1969 “عائد إلى حيفا” -وهي نص يتشابك، غالبًا بشكل مجازي، مع اللحظة التي عاد فيها الفلسطينيون الذين جُردوا من منازلهم وممتلكاتهم إلى داخل إسرائيل أثناء الحرب لتفقُّد ما كان لهم [Stein 2008]. في المشهد التالي، يصل بطلا القصة الفلسطينيان، سعيد وصفية، إلى منزلهما السابق في حيفا، ويقرعان الباب، وتُدخِلهما المالكة اليهودية الإسرائيلية الحالية، وهي نفسها لاجئة من أوروبا هتلر. وبمجرد دخولهما، يستكشفان ما تبقى في المنزل من أشيائهما:
“وتبعها سعيد وبجانبه صفية، بخطوات مترددة بطيئة، وأخذا يميزان الأشياء بشيء من الدهشة. لقد بدا له المدخل أصغر قليلاً مما تصوره وأكثر رطوبة، واستطاع أن يرى أشياء كثيرة اعتبرها ذات يوم، وما يزال، أشياءه الحميمية الخاصة التي تصورها دائما ملكية غامضة مقدسة لم يستطع أياً كان أن يتعرف عليها أو أن يلمسها أو أن يراها حقاً. ثمة صورة للقدس يتذكرها جيداً وما تزال معلقة حيث كانت، حين كان يعيش هنا. وعلى الجدار المقابل سجادة شامية صغيرة كانت دائماً هناك أيضاً. وأخذ يخطو ناظراً حواليه، مكتشفاً الأمور شيئا فشيئاً، أو دفعة واحدة، كمن يصحو من إغماء طويل. وحين صارا في غرفة الجلوس، استطاع أن يرى مقعدين من أصل خمسة مقاعد هما من الطقم الذي كان له. أما المقاعد الثلاثة الأخرى فقد كانت جديدة، وبدت هناك فظة وغير متسقة مع الأثاث. وفي الوسط كانت الطاولة المرصعة بالصدف هي نفسها، وإن كان لونها قد صار باهتاً. وفوقها استبدلت المزهرية الزجاجية بأخرى مصنوعة من الخشب، وفيها تكومت أعواد من ريش الطاووس، كان يعرف أنها سبعة أعواد. وحاول أن يعدها وهو جالس مكانه إلا أنه لم يستطع، فقام واقترب من المزهرية وأخذ يعدها واحدة واحدة، كانت خمسة فقط.
“وحين استدار عائداً إلى مكانه، رأى أن الستائر قد تغيرت، وأن تلك التي اشتغلتها صفية، قبل عشرين سنة، بالصنارة، من الخيوط السكرية اللون، قد اختفت من هناك واستُبدلت بستائر ذات خطوط زرقاء متطاولة. ثم وقع بصره على صفية فرآها محتارة، تنقب بعينيها في زوايا الغرفة وكأنها تعد الأشياء التي تفتقدها…”. [Kanafani 1961/1984] كما اقترحت دراستي، أعطت الدولة اليهودية الجديدة الكثير من المنازل الفلسطينية للمهاجرين الجدد، مملوءة بالذكريات والأثاث. وفي أعقاب حرب العام 1967 مباشرة، بعد فتح الحدود بين إسرائيل والأراضي المحتلة حديثًا أمام حركة المرور، عاد العديد من اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وأراضيهم السابقة لمعرفة ما حلّ بما كان لهم من قبل. ومع ذلك، في العرض شبه الخيالي لكنفاني، تُرك الأثاث والطفل في الخلف في حيفا لحظة الهروب في العام 1948. واستولى المُلاك اليهود الجدد على كليهما، وتم محو تاريخهما. ولكن، كما في الفقرة أعلاه، كان مصير الأشياء اليومية هو الذي يأسر عين كنفاني في هذه الرواية. ومن خلال هذه الصورة لغرفة المعيشة الخاصة، نتعلم شيئًا عن الدور القوي للأشياء اليومية في عملية تشكيل الدولة الإسرائيلية وصناعتها، وعن العمليات المزدوجة من المحو التاريخي والسطو على الملكية التي اعتمدت عليهما.
تشير رواية كنفاني القصيرة أيضًا إلى حدود الاستيلاء نفسه. وتشير إلى أنه على الرغم من أن تقنيات نزع الملكية الإسرائيلية أثناء الحرب وبعدها كانت متنوعة وعنيفة في كثير من الأحيان، إلا أنها كانت ناجحة جزئيًا فقط. وتشير رواية كنفاني الروائية إلى أن آثار الحياة الفلسطينية قبل العام 1948 تظل حاضرة على الدوام في المشهد الإسرائيلي -ليس فقط في القصص التي يرويها الفلسطينيون في المنفى أو في شكل المجتمع الفلسطيني الذي بقي داخل إسرائيل، وإنما في داخل المجتمع الإسرائيلي اليهودي نفسه؛ في داخل محيطه الأكثر حميمية، وتتجلى في أكثر أشيائه يومية.
لم يكن القصد من اهتمامي بالحياة الاجتماعية للأشياء الفلسطينية في المجتمع الإسرائيلي اليهودي -بدوائر وثقافات التملُّك على مختلف المستويات- أن يكون رواية عن الفقدان الفلسطيني، وأقل من ذلك، أن يكون محاولة لإعادة بعث ماضٍ فلسطيني مهزوم، بقدر ما أن يكون دراسة للطرق التي تم بها تطبيع هذا النهب والتجريد من الممتلكات في حياة وتخيلات اليهود الإسرائيليين. لكنها تشير، في الوقت نفسه، إلى الإخفاقات الجزئية لمشروع نزع الملكية والاستيلاء، ما يقترح بعض الطرق غير المتوقعة التي يستمر بها تاريخ الفلسطينيين وحياتهم من فترة ما قبل 1948 في استيطان الدولة القومية الإسرائيلية ومطاردتها في أكثر تقاطيع الحياة يومية للأماكن والأشكال. إن توجيه انتباه المرء إلى مستوى “الشيء” -كل من المشاهد الطبيعية والأشياء اليومية التي أعاد السكان الإسرائيليون اليهود ترميمها واستخدامها في فترة ما بعد النكبة- هو إعادة توجيه جذرية للطرق التي ندرس بها موروثات العام 1948.
في جزء منه، يهدف مثل هذا التحول إلى وضع أجندة جديدة لإنهاء الاستعمار في حقل الدراسات الإسرائيلية/ الفلسطينية. تاريخيًا، عرَّف العلماء والباحثون العاملون في هذا المجال هذه الأجندة بطرق مقيَّدة ومحصورة للغاية. وكان المشروع المطلوب هو التحقيق في شروط الاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين، ونفيهم، وإخضاعهم، وتكوين حياتهم تحت الاحتلال بأشكالها المختلفة. وفي هذا المقال، كانت تكتيكاتي مختلفة. فقد تركزت عدستي على الحياة اليهودية الإسرائيلية اليومية؛ على المساحات والتجارب التي يتم من خلالها تعزيز الخيال القومي والسرديات التاريخية السائدة وتحديها على حد سواء. وبهذا، تكون دراسة ذكرى حرب 1948-1949 في هذا السياق -والنظر في المعاني المضادة للهيمنة التي تتم إدامتها “على مستوى الشيء نفسه”- هي النظر في الممارسات الصغيرة التي عاش الإسرائيلي اليهودي معها، والتي دمجت تاريخ الفقدان الفلسطيني في الأعمال اليومية للدولة القومية ذاتها.
وكما قال مُحدِّثي، فإن هذا يعني -في جزء منه- القول إن “صدمة” تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم هي أيضًا صدمة إسرائيلية -أي، قوة تأسيسية في تصنيع الدولة القومية؛ في تصنيع المواضيع والحساسيات السياسية الإسرائيلية. إنه يعني القول إن روايتنا عن نزع الملكية يجب أن تنتبه أيضًا إلى دورها التوليدي في إنتاج إسرائيل نفسها.
* * *
*Rebecca L. Stein: أستاذة الأنثروبولوجيا الثقافية في جامعة ديوك، تبحث في الروابط بين الثقافة والسياسة في إسرائيل في سياق الاحتلال العسكري الإسرائيلي وإرث نزع الملكية الفلسطينية. مؤلفة كتاب “لقطات: عنف الدولة أمام الكاميرا في إسرائيل وفلسطين”، Screen Shots: State Violence on Camera in Israel and Palestine (مطبعة جامعة ستانفورد، 2021)، الذي يدرس الاحتلال العسكري الإسرائيلي في عصر الهواتف الذكية العالمية ولقطات الفيديو واسعة الانتشار؛ “العسكرة الرقمية: الاحتلال الإسرائيلي في عصر وسائل الإعلام الاجتماعية Digital Militarism: Israel’s Occupation in the Social Media Age (شارك في تأليفه آدي كونتسمان ؛ مطبعة جامعة ستانفورد، 2015)، من بين كتب ودراسات أخرى.
*نُشرت هذه الدراسة تحت عنوان: Dispossession Reconsidered: Israel, Nakba, Things، في مجلة الاثنولوجيا الفرنسية Ethnologie française، وهي إحدى المجلات الرائدة التي تؤسس للأنثروبولوجيا الأوروبية. وتتناول المجلة أسئلة الشؤون العالمية الحالية أيضاً: الهجرة، والسياحة، والرياضة، والمساعدات الإنسانية والجنسوية. وتعتمد أنثروبولوجياها على المفاهيم الفرنسية بقدر ما تعتمد على المفاهيم الأنجلو-سكسونية.
مراجع الدراسة:
AMIT, Gish 2006 “The National Library collected tens of thou- sands of abandoned books during the war.We thank the military for their love and understanding in this matter [In Hebrew].” Mitam: A Review of Literature and Radical Thought 8:1-10.
AMIT, Gish 2007a “Li-mekor et ha-sepharim [Selling the books].” Mitam: A Review of Literature and Radical Thought 12:1-12.
– 2007b “Selling the books [in Hebrew].” Mitam: A Review of Literature and Radical Thought 12:1-12.
APPARDURAI Arjun 1986 The Social life of things : commodities in cultural perspective. Cambridge: Cambridge University Press.
BRoNSTEIN, Eitan 2007 “Response to ‘Chronicle of a Piece of Jewelry [in Hebrew].” In Ha-kibbutz.
BRoWN, Bill 2006 “Reification, Reanimation, and the American Uncanny.” Critical Inquiry 32:175-207.
FISCHBACH, Michael R. 2003 Records of dispossession: Palestinian refugee property and the Arab-Israeli conflict. New York: Columbia University Press.
FISCHBACH, Michael R. 2006 The peace process and Palestinian refugee claims: addressing claims for property compensation and resti- tution.Washington, D.C.: United States Institute of Peace Press.
KANAFANI, Ghassan 1961/1984 Palestine’s Children. Washington D.C.:Three Continent’s Press.
KARMI, Ghada 1994 “The 1948 Exodus:A Family Story.” Journal of Palestine Studies 23(2):31-40.
KhALIDI, Walid 1992 All That Remains: The Palestinian Villages Occupied and Depopulated by Israel in 1948.” Washington, D. C.: Institute for Palestine Studies.
KoPTYOff, Igor 1986 “The Cultural Biography of Things: Commoditization as Process.” In The Social life of things : commodities in cultural perspective. A. Appadurai, ed. Pp. 64-94. Cambridge Cambridge University Press.
KRYSTALl, Nathan 1998 “The De-Arabization of West Jerusalem, 1947-50.” Journal of Palestine Studies 27(2):5-22.
MORRIs, Benny 1987 The Birth of the Palestinian Refugee Problem, 1947-1949.” Cambridge: Cambridge University Press.
SAKAKINI, Hela 1987 Jerusalem and I: A personal record. Amman: Economic Press Co.
SEGEv, Tom 1984 1949, ha-Yisre’elim ha-rishonim [1949: The First Israelis]. Yerushalayim: Domino. 1986 1949, the First Israelis. New York: Free Press.
SMITh, Neil 1992, Contours of a Spatialized Politics: Homeless Vehicles and the Production of Geographic Scale. Social Text 30(3).
STEIN, Rebecca L. 2008 Souvenirs of Conquest: Israeli Occupations as Tourist Events. International Journal of Middle East Studies 40(4):647-669.

المصدر: الغد الأردنية/(مجلة الاثنولوجيا الفرنسية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى