عيدٌ بأي حال عدت يا عيد ؟ هي عبارة يرددها السوريون وتتكرر في كل عام منذ عشر سنوات وإلى يومنا هذا يحل هذا العام عيد الفطر وسط مزيدٍ من المعاناة على وقع استمرار الأزمة السورية الدامية التي حلت في البلاد.
انعدام الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية مع تفشي فايروس كورونا جعلت تحضيرات العيد في الداخل السوري تبدو خجولة لهذا العام لاسيما بالنسبة إلى النازحين الذين هجروا من بيوتهم ومدنهم جراء قصف قوات النظام السوري وحلفائه لهم فالأولوية اليوم أن يستطيعوا تأمين الغذاء و المأوى لعائلاتهم.
يأتي عيد الفطر على النازحين في المخيمات وهم بلا مأوى يعيشون تحت سياط الفقر والغلاء الفاحش فالغالبية لن يستطيعوا رسم الابتسامة على وجوه أطفالهم بسبب غلاء المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية خاصةً بعد انخفاض كبير وغير مسبوق في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي.
كل هذه العوامل صعبت عليهم الأمر أكثر وجعلت الفرحة بقدوم العيد غير واردة وللسنة العاشرة على التوالي يقضي ملايين السوريين العيد بعيدًا عن ديارهم وعائلاتهم بين مهجرين ولاجئين ونازحين.
أما في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري فقد أصدر بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بصرف منحة مالية لجميع العاملين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين بمناسبة عيد الفطر وتصرف لمرة واحدة بملغ 50 ألف ليرةٍ سورية أي ما يعادل 16 دولاراً أميركياً.
تأتي هذه المنحة بعد قرار بفرض اقتطاعات على الحوالات الخارجية المرسلة من المغتربين في الخارج إلى أسرهم في الداخل مبلغ مايقارب 2650 ليرة سورية عن كل حوالة تحت مسمى إعادة الإعمار وفق تقديرات نشرتها وسائل إعلام النظام السوري أن معدلات الحوالات للأفراد السوريين في الخارج إلى الداخل السوري ارتفع في شهر رمضان من 3 ملايين دولار إلى 10 ملايين دولار .
أثار مرسوم المنحة التي أصدرها بشار الأسد موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي مما اعتبر البعض بأن المنحة أعطت للموظفين والعاملين في الدولة السورية من جيوب المواطنين جراء اقتطاع مبلغ من الحوالة.
وصرح ناشطون بأن المبلغ المقتطع الذي يقل عن دولاراً أميركياً واحد لا يستطيع أن يسهم بإعادة إعمار سورية التي تقدر بمليارات الدولارات كما صرح النظام لكن بحسب ناشطين فإن النظام السوري استغل فرصة التحويلات الخارجية خلال فترة عيد الفطر لتأمين نفقات المنحة التي أعطت وتأمين بعض نفقات الانتخابات المقرر عزمها في 26 مايو / أيار.
يعاني أيضاً سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام من تردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار الفاحش في ظل انهيار الليرة السورية. فمبلغ 50 ألف ليرة سورية ما الذي يمكنه أن يفعل لأسرة سورية بسيطة تعيش هذه الأوضاع المتردية.
عيد فطرٍ جديد يمر على السوريين هذا العام مع هدوءٍ نسبي فرضته السياسة على سورية وسط تفاهمات وتحولات دولية ومحلية حدت من الحرب السورية وأفسحت المجال للمواطنين لعيش بلا مجازر خاصةً في الشمال السوري وتحديداً في مدينة ادلب.
تردي الأوضاع الاقتصادية والغلاء الفاحش في المعيشة عوامل مشتركة في كل أنحاء سورية لكن المؤكد بأن الشمال السوري فقط هو الذي سينعم هذا العام من هدوءٍ دون أن تخرق طائرات الأسد وبراميله فرحة العيد.
قد تختلف المناطق في سورية باختلاف الجهة الحاكمة والمسيطرة عليها لكن العيد في سورية سيأتي هذا العام وسط صمت البارود وانعدام الحراك الشعبي ووقف العملية السياسية.
تختلف الآمال لهذا العام وسط تساؤلات عن كيفية العيد القادم في البلاد كيف سيكون،
وتجدر الإشارة بأن عيد الفطر في سورية يرتبط بعادات وتقاليد متأصلة في المجتمع السوري منها تحضير النساء للحلويات في المنزل قبل أيام العيد وشراء الملابس الجديدة والألعاب للأطفال مع توزيع مبلغ مايعرف ب ( العيدية ) ليشعروا في بهجة العيد.
كل هذه الأمور غابت عن السوريين في الأعوام الأخيرة لكن أملنا الوحيد أن نسأل الله بأن تكون أعيادهم القادمة محملةَ بالفرج والفرح والسرور عليهم مع عودتهم إلى ديارهم وإنهاء معاناتهم.
المصدر: اشراق