تواصل هيئة تحرير الشام المسيطرة على إدلب شمال غربي سوريا سعيها في إنكار سلوكها المتشدد والتهم التي وجهت لها في مراحل سابقة، والعمل من خلال خطابها ونشاطها الإعلامي المستجد على رسم صورة مغايرة عن الصورة التقليدية، وتستمر في إرسال الرسائل للداخل والخارج.
ونشرت مؤسسة “أمجاد للإنتاج المرئي” التابعة لتحرير الشام إصداراً مرئياً بعنوان “الفقاعة”، وفيه لقاء مع والي حماة في تنظيم “داعش” أبو حمزة المصري، والذي أسرته تحرير الشام في العام 2017 في معارك شرقي سكة الحديد في ريفي ادلب الشرقي وحماة الشمالي الشرقي.
واستعرض التسجيل المرئي ل”أمجاد” شهادة المصري في العديد من الحوادث والقرارات التي اتخذتها قيادة التنظيم منذ الإعلان عن تأسيس “دولة الخلافة” والتي كان المصري على إطلاع عليها بشكل مباشر، أهمها، قرار قيادة التنظيم منع المدنيين العالقين في مدينة الموصل العراقية من الخروج مع بدء عمليات اقتحامها من قبل الجيش العراقي والتحالف الدولي.
إضافة إلى شهادته على معركة كوباني (عين العرب) قرب الحدود السورية التركية في ريف حلب الشمالي الشرقي، والتي خسر فيها التنظيم قرابة 7 آلاف مقاتل في المواجهات مع وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتحدث المصري مطولاً عن التكفير وتيارات الغلو التي نشأت في مراحل لاحقة داخل بنية التنظيم العسكرية والشرعية في الرقة، وتحدث عن دواعي التكفير والاتهام بالردة التي اعتمد عليها عناصر التنظيم في عملياتهم الهجومية والأمنية (خلايا الاغتيالات والتفجير) ضد فصائل المعارضة السورية وتحرير الشام.
وخصص التسجيل المرئي الجزء الأكبر من اللقاء مع والي “داعش” للحديث عن معارك شرقي سكة الحديد والتي قادها أبو حمزة المصري ضد تحرير الشام، والتي كانت تقاتل في الوقت ذاته قوات النظام التي أطلقت معركة واسعة انطلقت من أبو دالي في ريف حماة الشمالي الشرقي بدعم جوي روسي، وخسرت تحرير الشام آنذاك أكثر من 700 عنصر في المواجهات مع التنظيم والنظام اللذين تشاركا الهجوم على مناطق المعارضة.
وقال المصري: “نحن فعلاً لم نكن عملاء للنظام في معارك شرق السكة، لكن بصيغة ثانية كنّا عملاء من حيث لا ندري”. ويتابع: “ليس ضرورياً أن تكون عميلاً لتخدم عدوك يكفي أن تكون غبياً، فضلنا قتال المرتدين من الفصائل وتحرير الشام على قتال النظام شرقي السكة”.
ويبدو أن تحرير الشام تحاول نفي الاتهامات التي وُجهت لها في معارك شرقي سكة الحديد في العامين 2017 و2018، والتي تمكن النظام السوري من خلالها من بسط سيطرته على مساحات واسعة في الأرياف الشرقية لمحافظات حماة وحلب وإدلب، بما فيها مطار أبو الظهور العسكري وسنجار وغيرها، واتُهمت تحرير الشام في ذلك الوقت، بتسليم المنطقة للنظام وبأنها لم تبدِ المقاومة المطلوبة أمام تقدم قواته.
وفي رده على سؤال، هل تعتقد أن “داعش” باقية وتتمدد، قال أبو حمزة المصري: “أعتقد أنها زالت، ولم تكن هناك خلافة موجودة أصلاً”. وأضاف “عامة الفصائل الموجودة في المناطق المحررة هي بالنسبة للدولة مرتدين، بلا مبالغة إذا كان واحد يحمل بارودة أو يركب بيك أب هو هدف لعناصر الدولة ولكن بصفة خاصة الجماعة المستهدفة هي هيئة تحرير الشام”.
ووجّه والي حماة أبو حمزة المصري مناشدة لعناصر التنظيم قائلاً: “صيحة أبو حمزة المصري لبقية عناصر الدولة نصيحة صادقة من رجل مشفق، ارجعوا إلى طريق الحق نحن كنا نظن أننا نعمل لدين الله سبحانه وتعالى وهذا الذي كان يعطينا القوة”.
وتابع: “أطلب منك قبل أن تقع في الأسر أو قبل أن تُقتل وأنت على عقيدة باطلة وهي عقيدة الخوارج، وأنا لست مكرهاً ولا واقعاً في الردة ، عندما أعود وأقرأ من مصادر غير مصادر الدولة، أقرأ للطرف الآخر لأن الأمر كان واضحاً منذ أربع سنوات، لكنا كنا مغيبين، نحن كنا نكفر بلا ذنب، كنا نرى شبهات نظن أنها من الشيطان، لكن هي كانت شبهات موجودة”.
وقال الباحث في مركز جسور للدراسات، عباس شريفة ل”المدن”، إن ” تحرير الشام تريد إرسال العديد من الرسائل في هذا الملف منها عرض عضلاتها الأمنية في كشف الصندوق الأسود للدواعش، وإعطاء رسائل مباشرة للغرب بأنها تمسك بملف خطير ومهم ولا بد من التعاون المباشر معها في هذ الملف، إضافة لترويجها أنها الجهة الأقدر على محاربة تنظيم داعش”.
وأضاف شريفة “تريد تحرير الشام أيضاً إثبات عمالة التنظيم وتعامله مع النظام السوري وتشكيله رأس حربة مع النظام لاقتحام مناطق شرق السكة، كما تريد إثبات سلامة منهج تحرير الشام وبطلان منهج الدولة من لسان أحد أمراء داعش، بالتالي يمكن القول إن التسجيل المرئي لأمجاد يحمل الكثير من الرسائل، ولكن هذه المرة أكثر تركيزاً على الداخل وتستهدف أيضاَ السلفيين المناهضين لتحرير الشام”.
المصدر: المدن