فارس آخر يترجل فيما الثورة السورية تمر باستعصاء لم تشهده خلال سنواتها العشرة الماضية، إنه أخينا محمد خليفة – أبا خالد، الذي تفرد بكونه من أوائل من أضطر من أخوتنا المناضلين إلى شد رحاله لبلاد اللجوء، بعد سنوات أمضاها في معترك العمل الثوري ضمن التيار العروبي في فترة السسبعينات ليحزم حقابه بداية الثمانينات مغادراً أرض سورية دون رجعة حتى بداية الألفية الثانية.
أنه أخينا أبا خالد الذي كنا نتابعه من خلال مجلة الشراع بداية، ومن ثم كنا نلتقط كتاباته التي كانت تتوزع بين العديد من مصادر المعرفة والتي تميزت بالنفس الثوري والخط العروبي النقي الذي كنا نفتقده بعد فترة الثمانينات وماشهدته الساحة السورية من تصحر نتيجة القمع الذي مارسته عصابات الأسد.
لقد كان فارساً في زمن قلت فيه الشجاعة في مقارعة الاستبداد، لن أنسى أول ظهور له على شاشة الاتجاه المعاكس وهو يفند المرجعية التاريخية لوجود المملكة الإردنية التي زرعت على كتف الكيان الصهيوني مكافئة للأمير عبد اللــه على تأمره مع الاستعمار البريطاني في ولادة هذا الكيان السرطاني وفي تمزيق بلاد الشام و سورية الكبرى.
لقد كان لي الشرف في العمل مع هذه الشخصية المعطاءة في محاولة لإيجاد نواة ثورية تحاول تصويب مسار الثورة، وبالرغم من جميع الصعاب، ومن جميع العوائق، إلا أنه كان المتابع والمثابر، وكان من يقدم العام على الشخصي في سبيل تقديم ما أمكن لتأمين إستعادة إستقلالية القرار للثورة السورية التي طالما أكد على مسامعنا بأن بداية التفريط في المواقف الصغيرة ستودي بناء إلى إضاعة مكتسبات الثورة التي أستنزفت ما يقرب من مليون شهيد.
لقد رحلت عنا قامة وطنية كرست كل جهدها ووقتها لتنير لنا وللأجيال القادمة طريق الحرية والكرامة، وإن كانت مساعيه لم تقتصر على العمل في الساحة السورية، فإن ذلك كان من إيمانه الراسخ بأن الإستبداد على إمتداد الساحة العربية مصدره واحد، ووحدة الثوار العرب هو ضرورة لا بد منها للوصول إلى الحرية الكاملة لجميع أبناء الشعب العربي.
بفقداننا أخاً كبيراً وقدوة لنا في العمل النضالي، لا يسعنا إلا أن نعاهده أمام اللــه أن نحاول ما أمتلكنا من جهد وطاقات على مواصلة طريق الثورة التي بدئها قبلنا وتابعناها بمعيته للوصول إلى تحرير بلداننا وإستعادة كرامتها.
لروحه الطاهرة الرحمة والمجد والخلود لأمتنا وإنا للــه وإنا إليه راجعون
محمد مروان الخطيب