ميشيل كيلو الرحيل المؤلم .. قالوا عنه

أحمد مظهر سعدو

رحل ميشيل كيلو القامة الوطنية السورية الكبيرة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. رحل عن عالمنا قبل أن تكتحل عيناه بمشهد طالما حلم به وحلمنا وهو كنس الاستبداد الأسدي إلى غير رجعة، لم يكن العزيز ميشيل كيلو كأي كاتب أو صحافي سوري، بل كان الأستاذ بلا منازع، وكان الباحث عن الحق والحقيقة دائمًا، والمندمج بالشارع السوري منذ ستينيات القرن الفائت، وهو لم ينحن يومًا لطاغية أو رئيس، كان صوته عاليًا وجرأته لا تعرف أي سقف، إلا سقف الوطن الحر والأمة، كان موضوعيًا في مقارباته للأمور وعلميًا في ملامسته للأبحاث، ومثقفًا عضويًا غرامشيًا في تعاطيه مع حيوات الناس، كان قريبًا من الشباب كما كان قريبًا من الشيوخ، لم يهن يومًا ولا لانت عزيمته، وكان تلك الشخصية التي يحترمها الجميع حتى من اختلف معه بالرؤيا والرأي، لم يكن إقصائيًا ولا متعال بل متواضع أشد التواضع.

رحل أبو ايهم وترك إرثًا ثقافيًا ووعيًا مطابقًا لابد لمن مشى في طريق الثورة أن يحمله، وهو من أطلق وصيته إلينا قبل أن يرحل: أن توحدوا إذا أردتم النصر على الطاغية، وتمسكوا بالحرية مبدأً لا فكاك منه. كان ميشيل أستاذًا في الصحافة وعلمًا من أعلام ربيع دمشق ومنتدى الأتاسي للحوار الديمقراطي ولجان إحياء المجتمع المدني وإعلان دمشق، وديمقراطيًا حتى النهاية، لم يـألُ جهدًا في الإمساك بناصية الحوار مع الجميع من أجل وطن سوري بملمح عروبي، لا بد من نصره على كل من عاداه من فرس وروس ونظم قاتلة فاجرة أخرى. أصدقاء الراحل قالو فيه الكثير فالحزن كبير والمرارة أكبر.

الأستاذ عبد الرحيم خليفة المنسق العام لملتقى العروبيين قال عنه: ” رحيل ميشيل كيلو يوم أمس خسارة كبيرة لقامة وطنية تختصر نضال الحركة الوطنية السورية على مدى نصف قرن بكل تفاصيلها، طموحاتها واحباطاتها، آمالها واخفاقاتها.

سيبقى ميشيل كيلو حيًا في الضمير الوطني الجمعي، ولعل اجتماع السوريين الذي ظهر بالأمس في وداعه يوضح بشكل قاطع خيارات السوريين وانحيازاتهم.

لن ننسى ميشيل كيلو العروبي ومشاركته لنا في مؤتمر باريس منتصف أيلول/ سبتمبر 2019 ودعمه المطلق لتوجهاتنا ومشروعنا الفكري والسياسي. رحم الله ميشيل كيلو ورحم كل من سبقوه من رموز العمل الوطني، ألمنا أن هؤلاء لم يكتب لهم أن يروا سورية حرة بدون احتلالات وطغيان.”

المحامي الأستاذ أيمن أبو هاشم المنسق العام لتجمع مصير قال تعلمت من الأخ الكبير والصديق النبيل ميشيل كيلو ” أبو أيهم” ثلاثة أشياء ستبقى راسخة في عقلي ووجداني ما حييت.. أولها، الدفاع عن الحق يحتاج إلى صوابية في الفكر والرؤية السياسية، قد نتعثر في الوصول إليها أحياناً، المهم أن لا نفقد البوصلة في أشد المحن والظروف، وأن نقاوم اليأس بأحقية وعدالة القضايا التي نكافح من أجلها. وثانيها، أن الوطنية ليست مجرد عنوان أو شعار نتفق عليه، إنما هي إيمان حقيقي بحقنا جميعاً، على اختلاف مشاربنا، بأن نحيا أحرار وكرام في وطن لا مكان فيه لمستبد أو محتل أو طائفي أو مرتزق أو فاسد أو عميل. وثالثها، أن الخلاف في الرأي بين طلّاب الحرية والخلاص، فرصة لنعرف أنفسنا أكثر، بكل تواضع ومكاشفة مع الذات قبل الآخر، وأن جسور التسامح والمحبة لمن يعمل في الشأن العام، هي أفضل ما نبنيه مع شركاء الفكرة والمشروع والمعاناة والأمل..

حزني كبير على أبو أيهم السوري والفلسطيني والعربي والإنسان الحر والشجاع، والوفاء لهذه القامة الثورية الأصيلة، يكون بالسير على هدى وصيته التي أودعها للشعب السوري، وقد عاش وكافح واعتقل وخاض معترك الثورة من أجل حريته وكرامته وخلاصه.. ميشيل كيلو ستبقى حياً في قلوبنا فمثلك لا يموت وإن رحل جسداً “.

أما الطبيب العروبي اللبناني الدكتور عبد الناصر سكرية فكتب تحت عنوان: (مدرسة ميشيل كيلو. (.” في مسيرة حافلة بالنضال والعطاء والتضحية امتدت ما يربو عن نصف قرن هي عمر حكم القهر والاستبداد التي عاشتها سورية العربية ولا تزال، مثل ميشيل كيلو مدرسة في الوطنية وابعادها المعرفية المتكاملة. في عقده الأخير مثل هذا المناضل الوطني الجسور العنيد؛ مثل ميشيل كيلو نقطة التقاء جميع السوريين الذين يتطلعون إلى حياة العزة والكرامة وهي ذاتها حياة الحرية والمواطنة في دولة عادلة لمواطنين أحرار..

وهذا تعبير عما يجسده في سلوكه النضالي كما في وعيه وثقافته وفكره، من التزام بالقضية الوطنية مبرأة من اية خلفيات طائفية أو حزبية أو شخصية. رفض المناصب حين لم يجد فيها ما يفيد نضاله لتحرير سورية.. ورفض المكاسب فالنضال عنده تضحية وليس مغانم شخصية. فها هم السوريون الوطنيون جميعا ينعونه ويبدون حزنا عميقا على فقده. ولهذا دلالات هامة جدا أولها ثورة السوريين ضد جلاديهم ليست ذات طابع ديني أو طائفي.. أسقطت كل ادعاءات النظام المجرم وآلته الإعلامية بكون الثورة مجرد مؤامرة دولية أداتها السلفية الدينية الحزبية المشبوهة. وحيث أن ميشيل كيلو المسيحي شكل طليعة قيادية في النضال الوطني السوري وفي كل مراحل الثورة الأخيرة.. وحيث يجمع السوريون على التمسك به رمزا جامعا موحدا معبرا عن الموقف الوطني الصادق؛ فهذا يكفي للدلالة على كذب تلك الادعاءات وتهافتها وتحولها إلى مجرد أغطية واهية لتبرير كل سلوكيات الفساد والقهر والإجرام التي يبرع النظام في استخدامها ضد الشعب السوري المقهور.

ليس هذا بالأمر البسيط. فأن يكون المسيحي قائدا لشعب غالبيته من المسلمين، دلالة على أصالة وعمق الهوية الحضارية لهذا الشعب العظيم من جهة وعلى أصالة وعمق وصدق قضيته الوطنية الراهنة التي خرج ثائرا لأجلها قبل عشر سنوات ولا يزال مستمسكا بعراها حتى تحقيق المبتغى والامل بالحرية…

في آخر حوار طويل معه عن الثورة السورية، قبل مرضه بأسبوعين، كان ميشيل كيلو وكأنه شاب في مقتبل العمر.. شجاعا جسورا يفيض بالأمل وبالثورة أيضا ما يجعله فعليا مناضلا ثوريا ملتزما صادقا حتى آخر رمق..

يبدو لك ما تقرأه في الكتب من أن الثورة روح يسبق العمل. هكذا يظهر لك ميشيل كيلو. لم يهادن نظام القهر والاستبداد يوما وظل متمتعا بتلك الروح الثورية الوثابة التي نشأ عليها منذ شبابه. التزامه بمقارعة الاستبداد والفساد يسقط كل ادعاءات النظام بحمايته للأقليات فما هو إلا نظام يفتك بآمال الشعب السوري منذ خمسين عاما..

تجاوز كيلو الفئوية الحزبية منذ عقود. وفي مطلع حياته السياسية آثر البحث عن الحقيقة الوطنية والشعبية والالتحاق بها متخليا عن كل عصبية حزبية تجعل الولاء الفئوي فوق الولاء للشعب والوطن. تحقق له ذلك بفضل ما تمتع به من روح نقدية ثورية أصيلة تترفع عن مجرد التزام حزبي مهما كانت درجة صوابيته أو التزامه بالحق والحقيقة. ولهذا تفتح عقله على تجارب وطنية أخرى مخالفة لحزبيته حينما رآها تتمتع بمصداقية وطنية شعبية تتفوق على العصبيات الحزبية الفئوية..

تفوق ميشيل كيلو عن كثيرين من قيادات حزبية سورية وعربية ومن كل الاتجاهات السياسية حينما احتفظ بصفائه الثوري وخطه الوطني قولا وفعلا ورفض الاستكانة أو مهادنة نظام هنا أو نظام هناك او تابعا لمصلحة شخصية او مالية من أية جهة، خلافا لما فعلته قيادات حزبية كثيرة، إسلامية او علمانية يسارية او قومية..

لكل هذا شكل ميشيل كيلو مدرسة نضالية بتجاوزه الذاتية والشخصانية كما بتجاوزه للعصبية الحزبية والفئوية واستعداده الدائم للتعلم من التجربة والتصحيح على ضوء معطيات الواقع المتغيرة ومصلحة الوطن والشعب..

رحل ميشيل كيلو وترك هذا الإرث النضالي في متناول كل السوريين الوطنيين الباحثين عن خلاص لشعبهم ووطنهم من هذه المحنة المأساة. فهل يستطيعون تجاوز ذاتياتهم والتغلب على عصبياتهم الحزبية والفئوية والانتصار على أنفسهم وانقساماتهم أولا حتى يمكنهم الانتصار على أعداء قضيتهم، وفاء لشعبهم الذي قدم تضحيات هائلة وتعرض لحرب إبادة مروعة؛ قبل أن يكون وفاء للراحل ميشيل كيلو وتوقيرا له ولما جاء في رسالته – الوطنية الأخيرة إلى السوريين؟؟

من جهته كتب الباحث الدكتور– زكريا ملاحفجي تحت عنوان (ميشيل كيلو.. وداعاً) “هذا الاسم الذي ما إن يذكر حتى تأتي لذهنك معاني كثيرة تقفز لذاكرتك من النضال ضد الظلم والاستبداد الأسدي خلال عقود طويلة، تأتي لذهنك صورة المثقف السوري الذي يتحرك ليل نهار بين القراءة والمتابعة والتحليل والندوات والتثقيف، تأتي للذهن صورة مشابهة لفارس الخوري متجسدة شخصية ميشيل كيلو، حضرت له ومعه لقاءات كثيرة وشاركت معه بورشة عمل عام 2016 وكان ينسقها صديقه الحميم عقاب يحيى فكانت لميشيل آراؤه القيمة ومشاركاته الرائعة ويفرض احترامه وحبه على الحاضرين.

كما كان لشخصية هذا الرجل جانب رائع في الاهتمام بكل القضايا العربية وقضايا المظلومين، فهو ممن ينتمي إلى المظلومين حيثما كانوا ومن كانوا.

ربما أغلبنا سمع ميشيل يتحدث عن قصة المرأة التي ولدت طفلها في السجن والطفل لا يعرف من الدنيا إلا السجن تلك القصة التي لا تستطيع أن تسمعها إلا وتذرف دموعاً، وكنت مرة بلقاء مع دبلوماسية غربية ورويت لها ما رواه ميشيل كيلو حتى لم تتمالك نفسها وغلبتها العبرة، ميشيل كيلو تلك الشخصية التي يتلقف السوريون تحليلاته وآراؤه.

عندما تعرف تاريخ ميشيل كيلو وتعرف واقعه فتعرف أن هذا الرجل وُلد ثائراً مناضلاً لا شيء يقيد أفكاره أو قناعاته أو يُخيفه، هذه الشخصية التي أجمعت على حبها كل الطوائف من السوريين، وهو في العناية المركزة أرسل للسوريين مباركة بشهر رمضان بصوت مليء بالحب رغم مرارة آلامه في العناية المركزة، وترك وصيةً ليست لماله وميراثه وإنما للسوريين أن يلتحموا ويتكاملوا ليواجهوا الاستبداد، وربما من المؤلم بقدر ألم مرارة الاحتلال أن توسعة القاعدة العسكرية في حميميم جاءت على أراضي تعود ملكيتها لأسرة ميشيل كيلو وبدون تعويض عن ذلك، وكان هدفه وحلمه أن يرَى سورية التي يحب محررة من الاحتلال والاستبداد، ولآخر لحظة كانت سورية تسكن وجدان ميشيل كيلو وهو الذي كل يومه وحديثه عنها وتحررها والاستمرار في النضال حتى التحرير وترك أمانة الاستمرار بهذا النضال حتى التحرير والتغيير للسوريين الذين سيتابعون حتى يتحقق هدف كل السوريين وكل المناضلين.

فسورية ذات الإرث العظيم ينبغي أن تتخلص من الأقزام وشذاذ الآفاق، وتعود لأهلها وأبنائها ليعمروها وتعود منارة في المنطقة. رحل ميشيل جسداً لكن روحه وأفكاره ووصيته باقية، وحلمه باقٍ فينا جميعاً”.

الأكاديمي الدكتور محمد مروان الخطيب قال عنه:” يعتبر هذا اليوم من أكثر الأيام قسوة على حياة الناشطين السوريين، الذين طالما اعتبروا أن هنالك أخاً كبيراً يلجؤون إليه في أسئلتهم وفي طلبهم لتوضيح الرؤية في أفق العمل السياسي للثورة السورية. بغض النظر عن مدى قناعتهم بما يقدم من توضيحات ورؤيا، فقد كانت هذه المرجعية الوطنية التي مثلها الأستاذ ميشيل كيلو لا خلاف عليها، وهنا القاسم المشترك لمعظم الناشطين والذي لم يتخيل أحدهم أنه ستحين لحظة مغادرته لصفوفهم قبل الوصول إلى سورية الحرة.

بالرغم من سعيه في رسائله الأخيرة التي حاول إيصالها، والتي نعي حالياً أنها كانت وصيته للجيل القادم الذي يفترض أن يحمل راية النضال للوصول إلى سورية الحرة التي طالما ناضلنا وناضل قبلنا أستاذنا ميشيل كيلو للوصول إليها. فمن سعادته وتفاؤله بالمظاهرات التي عمّت مناطق عديدة من أرض الوطن، حيث خرج أبناء الوطن وهم يهتفون للحرية وللوحدة الوطنية في سورية المستقبل، بعد عشرة أعوام من الصمود الأسطوري، على ما فيها من معاناة، وآلام، وتضحيات، وبطولات. وشعوره بأن روح الوطنية السورية ما زالت متقدة في قلب أبناء الوطن الواحد، على الرغم من كل ما مر بهم من أهوال، مما يعني بأن الحاضنة الشعبية هي الآن بأمس الحاجة إلى قوى حية تمثل تطلعاتها، وتعبر عن أهداف ثورتها، وتدير وتتابع مسيرة ثورتها حتى تحقيق الأهداف الكاملة لهذه الثورة المباركة.

لا يسعني في هذه اللحظات إلا أن أعود لما وصفه عن حالتنا بأن هنالك حالياً استعصاءات مأزقية، لا سبيل إلى تجاوزها من دون حوار مفتوح بين كافة أبناء الوطن، ليعرف السوريون ما ينتظرهم، وماذا عليهم فعله للخروج من راهنهم بأعلى قدر من دولتهم ومجتمعهم، متمنياً أن تعود نخبنا إلى رشدها وتجدد العهد لشعبنا بعد مراجعة نقدية، نوضح فيها، بصراحةٍ وبمسؤولية وبشفافية، أين أخطأنا وأين أصبنا، وكيف يجب أن نعيد بناء أحوالنا، لنستطيع أن نتابع طريقنا نحو سورية الحرية والكرامة.

رحم اللــه أستاذنا الكبير ميشيل كيلو، ومع دعائنا له بالمغفرة والرحمة، نأمل من اللـــه، أن يلهمنا متابعة المسيرة التي بدأها، عاقدين العزم على الوصول لسورية الحرية والكرامة بإذن اللــه.”

الدكتور والباحث العروبي مخلص الصيادي كتب تحت عنوان:(المعارض والمناضل اليساري السوري ميشيل كيلو … الوداع (. “ميشيل كيلو تاريخ من النضال الوطني، ومن البحث عن أنجع الطرق لوضع سوريا والأمة العربية على طريق النهوض الحقيقي، تميز خلال حياته السياسية الطويلة التي قضاها اولا ولأمد ممتد في رحاب الحزب الشيوعي السوري بأن كان من الشيوعيين الباحثين عن الحقيقة وعن الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التقدم الاجتماعي والقومي، لذلك كان انحيازه واضحا إلى جانب القوى التي أرادت أن تخرج هذا الحزب من حيز “الستالينية”، الى رحابة الانتماء الوطني والقومي، ومن حيز الفكر الاستبدادي الى رحابة العمل الديموقراطي، وكان ممن ملك تقديرا مميزا جدا وخاصا للتجربة الناصرية، ولمنهج هذه التجربة، ولما مثلته القيادة الناصرية من فرصة تاريخية قوميا ودوليا للخروج من حيز الاستقطاب والعمل على بناء نموذج وطني قومي للتحرر والتقدم والبناء. وكان كذلك ممن ملك رؤية وموقفا دقيقا وواضحا ومميزا من النظام الأسدي، وبنيته الطائفية الاستبدادية الفاسدة ، دفع الراحل نحوا من أربع سنوات من عمره في سجون النظام، ولما تفجر الحراك الثوري في سوريا عام 2011، كان خياره العمل من الخارج، وتقلب في صفوف المعارضة وتشكيلاتها، والتي لم تشبع تطلعه ولم تمثل له مجالا حقيقيا راسخا يمكن الاطمئنان إليه، لذلك لم يتوقف في عملية البحث، ورغم كل ما كان يملك من مميزات ومؤهلات ووضوح في الرؤية، فإنه لم يستطع أن يقوم بما كان معولا عليه وعلى أمثاله من ترشيد في حركة المعارضة السورية. قبل اسابيع وقد تجاوز الثمانين من عمره تسلل إليه في فرنسا فيروس كورونا، ومع تمكن الفيروس منه نقل الى المستشفى وكانت ” وصيته”، ونداءه الأخير للسوريين أن يتحدوا من أجل الخلاص من نظام الأسد تعبيرا عن خلاصة يقينية بأن تفرق المعارضة السورية وارتهان أطراف عديدة منها لجهات خارجية هو الذي حال دون انتصار ارادة الثورة السورية”.

أما السيد مضر حماد الأسعد المتحدث الرسمي باسم مجلس القبائل والعشائر السورية فقال:” الحلم ..والحقيقة ..والربيع العربي بعد اربعة عقود وبالتحديد ربيع عام 2011م تحقق حلم ميشيل كيلو ومعه الشعب السوري عندما ترجم ذلك على أرض الواقع بعد أن أزهرت سوريا بربيعها الذي أثمر ثورة الحرية والكرامة لتهز أركان نظام الاستبداد والقمع… حتى لو اختلفنا حول ميشيل كيلو في بعض محطات الثورة السورية(تجمع الديمقراطيين السوريين وتبنيه بعض الشخصيات  (لكنه يبقى المعارض العنيد وفي ذلك سنتفق معه فيما أنجزه بمشواره الفكري والإعلامي … رحل ميشيل كيلو القامة السياسية المعارضة الكبيرة والتي كان لها التأثير الكبير في تعرية آل اسد من خلال فضحهم بما قاموا به من أفعال وأعمال إجرامية و تحويلهم سوريا الى مزرعة لهم والشعب السوري الى تابع ينفذون من خلاله طموحاتهم وأعمالهم الرديئة التي كانت نتيجتها أنهم دمروا الحجر وقتلوا البشر واحرقوا الشجر وقاموا بتهجير نصف الشعب السوري … رحل ميشيل كيلو وهو يحلم ان يعود الى دمسق وهي محررة ونظيفة من هذا النظام الإرهابي … نعم اختلفنا معه في ادائه في الائتلاف وعندما سألته حول ذلك قال لي كنت أظن إن من قدمته إلى الإمام سيكون على مستوى أهداف الثورة السورية والشعب السوري… ميشيل كيلو هو في فكر كل ثائر ردد بقوة ..أرحل أرحل يا بشار ..”… ميشيل كيلو هو في قلب كل “طفل” كتب على الجدار الشعب يريد إسقاط النظام… ميشيل كيلو… هو حسين هرموش. ومشعل تمو والساروت وابو فرات و البورداني والهنداوي والمحامي اسعد حماده ويعقوب الفاضل وحمزة الخطيب ومي سكاف وميرا شتفيك الاسعد ورحاب العلاوي وفيصل ابراهيم باشا وحجي مارع ومحمد النعيمي ووحيد صقر وغياث مطر ومصعب عودة الله هو رائد فارس وعالم الآثار خالد اسعد والأب باولو … سيأتي يوم وعما قريب بعون الله تعالى سنذهب الى مقابر الثوار لنخبرهم إن ثورتنا اسقطت النظام ومن معه من دول الاحتلال والعصابات الإرهابية المؤيدة له … سيأتي يوم ونطلق أسماءهم على مدارسنا و معاهدنا وجامعاتنا و جاداتنا … لتبقى ذكراهم مخلده إلى الأبد…. اختلفنا او اتفقنا سيبقى ميشيل كيلو هو من صناع الثورة السورية الأوائل.”

من جهته قال الكاتب السوري ياسر الحسيني ” حين يجمع السوريون الأحرار على كلمة “مناضل وطني حرّ شريف” في وصف الأستاذ الراحل ميشيل كيلو، كما أجمعوا يوم استشهاد عبد الباسط الساروت، ومن قبله أبو فرات وفدوى سليمان ومي سكاف وعبد القادر الصالح والمئات من الشهداء الذين ساروا كتفاً بكتف في طريق الحرية …. فاعلم أنّ بوصلة الثورة ثابتة والطريق واضح جداً، مهما حاولوا حرفنا عن المسار وتشويه نقاء الثورة ونبلها وبعدها عن التطرّف والطائفية.

تجربتي الشخصية مع الأستاذ ميشيل كيلو كانت عبر النت، وكم كنت أتمنى أن ألتقيه لأنهل من ذلك النهر المفعم بالمعرفة والعطاء والخبرة العريقة في مقارعة الاستبداد الأسدي.. وكان لي لقاء يتيم معه منذ ما يقرب العامين عبر السكايب بتاريخ 2019/11/19.

 لقاء عبر السكايب جمع أعضاء من الصالون السياسي في عينتاب، مع المعارض السوري (ميشيل كيلو)، في قاعة (بيتنا سوريا)، وقد دام اللقاء ساعة ونصف، قدّم الأستاذ كيلو من خلاله عرضاً لتداعيات الأحداث في المنطقة، وخاصة الثورات المشتعلة في كلّ من لبنان والعراق وأخيراً في إيران، أمّا على الصعيد السوري فأتذكر عبارته التي ظلّت عالقة في ذهني حين  قال :” هذا النظام لم يعد يمثّل شيئاً له علاقة بسوريا، لا وظيفياً، ولا إدارياً، ولا عسكرياً، ولا سياسياً ، وأن عملية إحياء هذا النظام، وإعادته إلى ما كان عليه ما قبل آذار 2011، تعتبر مسألة تكاد أن تكون مستحيلة، بالنسبة للروس ولغير الروس ، وهذا ما دفع الروس إلى إرسال رسائل له مفادها أنه لم يعد له أي شعبية لا عند الشيعة ولا السنّة، ولو كان الأمر للسوريين لما كان له وجود، ولما استطاع أن يستمر، فهذا الشعب الذي قاتل لسنوات وهو شبه أعزل، ضدّ نظام مجرم مدعوم من قوى غربية وشرقية، يستحيل ولا بأي حال من الأحوال، أن يرجع إلى نظام الأسد”. وداعاً أبا أيهم وعهداً ا أن نكمل مسيرة الثورة حتى النصر”.

الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ رفيق درب ميشيل كيلو قال ” اليوم نودع أخاً وصديقاً ورفيق درب الأستاذ ميشيل كيلو. تغمدك الله برحمته أيها الإعلامي الكبير، ورجل المجتمع المدني. بالأمس ودعنا الأستاذ المحامي حبيب عيسى عاشق القومية. يا رب ارحم أبناء سورية من كانوا وأينما كانوا في رحاب الوطن وساكني الخيام واللاجئين ومن في المعتقلات… الأستاذ ميشيل كيلو رمز المعارض النبيل، فحضورك قضية، وغيابك اليوم خسارة لعائلتك الكريمة وخسارة لأصدقائك وخسارة لسورية. نتقدم من عائلة ميشيل كيلو ومن أصدقائه بأحرّ التعازي. تغمده الله برحمته وألهم أسرته وأصدقائه وألهمنا الصبر. “

الناشطة السيدة فطوم أحمد عبد الفتاح قالت عنهالحرية الحرية فتمسكوا بها تبكي سوريا اليوم المفكر السياسي السوري ميشيل كيلو، الثائر والمعتقل قبل ثورة 2011. الإنسان الدمث ذو القلب المرهف، الذي بكى لطفل لم يعرف الحرية، عندما كان يسرد قصته مع العصفورة. توفي ميشيل كيلو الاثنين في فرنسا، حيث كان يتعالج من فيروس كورونا. وُلد ميشيل كيلو في مدينة اللاذقية عام 1940. وكان من أوائل المشاركين في ربيع دمشق عام 2000. اعتُقل أكثر من مرة من قبل نظام الأسد. في وصاياه العشر التي كتبها قبل أيام من وفاته، دعا ميشيل كيلو السوريين إلى كثير من النقاط المهمة التي كانت تشغل باله، وهو المدافع عن حقوق الإنسان عامة والسوريّ خاصة، حيث كان همه الوطن أولًا. أوصانا ألا ننظر إلى مصالحنا الخاصة، ونتوحد كي نقهر الاستبداد، وجعل الوطنية والابتعاد عن الثأرية في البحث عن حل لسوريا نُصب أعيننا. ميشيل كيلو رأى كما رأينا كلنا أن ثمن الحرية كبير، ونحن ندفعه منذ عشر سنوات، ولكن وصيته كانت أن نتفكر ونراجع ذواتنا ونخلق بيئة مناسبة لشجرة الحرية ونسقيها بالتواضع والتعلم وعدم التعالي، والعودة إلى كنز الخبرات التي لدينا لنستفيد منهم ومنها. الشعب هو من صنع الثورة وهو من يحميها، ومن أجل مصلحته ومصلحة الدولة التي نحلم بها يجب أن نتفق على مبادئ جامعة ونتغاضى عن خلافات نتركها إلى حين إقامة دولة الحرية حيث نعمل على حل هذه الخلافات بالطرق السلمية السياسية وعن طريق صناديق الانتخاب الحقيقية، التي يحميها الشعب الحر. هذه وصية ميشيل كيلو إلينا، فهل ننفذها؟ ليبقى فكره منارة للعابرين…

الباحث السوري مهند الكاطع قالكبيرة هي فاجعة السوريين برحيل القامة الوطنية العظيمة الأستاذ ميشيل كيلو، فقد كان ثائراً على الظلم والاستبداد، وصاحب تاريخ مشرّف في معارضة أعتى الأنظمة الديكتاتورية وصاحب مشروع ديمقراطي وطني حقيقي. لقد كان ميشيل كيلو طيلة حياته وحتى لحظة وفاته علماً وطنياً بارزاً، وصرحاً للفكر والثقافة والتنظير والاستقامة.

كان فرداً بحجم جبهة، استطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام النظام الذي كان يتاجر باسم الأقليات وحمايتها، ويحاول تشويه الثورة السورية وصبغها بصبغة طائفية، فكان دور كيلو بمثابة كشف وفضح كل أكاذيب نظام الأسد في هذا الإطار.  ميشيل كيلو جرأة موصوفة، وشجاعة أدبية مميزة، وروحاً وطنية جعلته ينتزع احترام ومحبة الجميع” .

أما الأستاذ عمر شحرور أمين عام حزب العدالة والتنمية السوري فقال: برحيل ميشيل كيلو تخسر الثورة السورية قامة كبيرة كانت بتقديري هي الأهم والأكثر وعياً وعلماً بواقع ثورتنا وتاريخ الثورات العالمية.. فقد كان الفقيد موسوعةً سياسية – فكرية درس الفكر الماركسي من مصادره وأخذ عن الياس مرقص وجورج طرابيشي وحاول عكس ذلك على الواقع السوري والعربي عموماً ليصطدم بالفكر الكوسمبولتي الشيوعي الذي كان يقوده خالد بكداش والذين انضموا فيما بعد إلى تأييد حافظ أسد تماشياً مع رغبة الاتحاد السوفييتي كما أيدوا قيام دولة إسرائيل عام 1947 إثر اعتراف الاتحاد السوفييتي بها .. قاوم الفكر الستاليني وممثله خالد بكداش وكتب كتاباً مع الدكتور فايز الفواز حول ” قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري  ” وبعدها آثر الاستقلال تنظيمياً و حافظ على تواصله مع حركات التحرر العربية ومع فصائل الثورة الفلسطينية وحافظ على مبادئه وقناعاته في محاربة حكم العسكر وسلطة البعث ثم سيطرة العلويين على الدولة والحزب وعلى كل شيء خاصةً أنه ابن مدينة اللاذقية ويعرف تفاصيل نشاط العلويين السياسي فيها من  جميع الاتجاهات حزب العمل الشيوعي وجماعة صلاح جديد الذين اقتربوا من أفكار اليسار الماركسي الذي يمثله كيلو وتنظيمياً لم يجد كأي مفكر وكاتب ومبدع في الحزب الشيوعي السوري مكاناً له حيث يشكل الانضباط الحزبي الستاليني عنصراً أساسياً في عمل الحزب وهو الذي تربى في مدارس الشيوعية الليبرالية – القومية متأثراً بالمدرسة الفرنسية -الإيطالية وبغرامشي . كان أستاذ ميشيل كيلو على تواصل دائم مع أهم مفكرين سوريين يساريين هم مرقص وطرابيشي وغيرهم إضافة إلى التواصل مع الحركة الأدبية – السياسية اللبنانية والتي كانت على يسار الحزب الشيوعي السوري وتعيش العمل الوطني – الثوري في قلب الثورة الفلسطينية وفصائلها.. كنت في غربتي أتابع تطورات الحياة السياسية في سوريا  ونشاط المثقفين السوريين حيث عرضوا علي بيان ال 99 مثقف ولكن اعتذرت بسبب حياتي خارج سوريا وقد كان ميشيل كيلو ملهم ذاك البيان وقلب الحراك الوطني الديمقراطي الذي استمر حتى انتفاضة 2011 وقد تعرض الفقيد الكبير إلى الملاحقة والتضييق والاعتقال والسجن مرات ومرات ولم يثنه عن مواقفه الشجاعة التي اشتهر بها والتي يسجل له التاريخ موقفه عام 1980 في اجتماع مع اللجنة الأمنية الأسدية بأن أعلن موقفه بوضوح وصراحة وكان هو والشاعر المرحوم ممدوح عدوان من وقف وتكلم وطالب بإصلاحات لم يرض عنها المجرم حافظ أسد وعصاباته .. لقد تواصلت معه مرات ومرات وحتى الأمس القريب عندما سألت أحدهم أنه ليس من عادة أبا أيهم أن لا يرد على تواصلي معه وللأسف علمت السبب وتخوفت كثيراً بأن لا يقوم من هذا الفيروس اللعين وكان ذلك.. دعوته قبل 4 أعوام إلى ندوة حزب العدالة والتنمية السوري في عنتاب حول السوريين في تركيا ومشاكلهم فلبى دعوتنا وألقى كلمة افتتاحية تابعنا تواصلنا خاصةً فيما يتعلق بتطوير مؤسسات الائتلاف وتوحيد القوى الوطنية والعسكرية وقال رحمه الله أنا معك شيخ عمر في مشروعكم هذا.. لقد كتب لنا وصيته الجميلة نأمل أن يعمل عليها السوريين للخلاص من الطاغية وحكم العسكر وبناء سوريا الدولة المدنية والحكم الديمقراطي العادل وتحقيق أحلام ميشيل كيلو البطل السوري الذي سار على درب فارس الخوري وكان وريثاً شرعياً للخيرة الوطنية الحقة.. في وداعك أبا أيهم سنطلب من أبناء سوريا إعادة رفاتك إلى اللاذقية بعد تحريريها من المحتلين وداعميهم.. إلى جنان رب العالمين ميشيل كيلو الأخ الكبير.”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى