أعلن مجلس إدارة بنك بيمو السعودي الفرنسي، يوم أمس، عن تنفيذ عملية شراء حصة من بنك الائتمان الأهلي (آي. تي. بي) ش.م.م.ع (بنك عودة – سوريا سابقاً)، والتي توازي 27 مليوناً و634 ألفاً و443 سهماً تمثّل 46،0461 في المئة من رأسمال المصرف.
ومع عملية الشراء جرى نقاش كيفية تجاوز بنك بيمو لعقوبات قانون قيصر المفروضة على سوريا، على اعتبار أن بنك بيمو هو البنك السعودي الفرنسي، وهذا الظن قاد كثيراً من الصحفيين إلى تبني فكرة روجها النظام بأن الخليج العربي تواق إلى إعادة العلاقات مع النظام، وأنه يدعم الأسد إذا ما اتيحت لهم الفرصة، وأن بقاء القطاع المصرفي يعني بقاء الاستثمارات وأنهم (أي الخليجيين) كانوا بانتظار انتهاء الحرب لاغتنام فرصة الاستثمار. غير أن الحقيقة ليست كما تبدو.
إن البنك الفرنسي السعودي قد خرج من سوريا، منذ أكثر من 9 سنوات، حيث ذكر موقع قناة “الجزيرة” القطرية، أواخر عام 2011، أن مجلس إدارة البنك السعودي الفرنسي (في ختام شهر تشرين الثاني) باع حصته في بنك بيمو السعودي الفرنسي بسوريا والبالغة 27 في المئة، وحصته في بنك بيمو لبنان التي تناهز 10 في المئة، نقلا عن رئيس مجلس الإدارة صالح العمير وعن الموقع الإلكتروني للبنك، أي أن البنك السعودي الفرنسي لم يعد يملك أي حصة له بسوريا ولبنان.
ثانياً إن إنشاء شركات مساهمة مغفلة هو جزء من قانون تأسيس المصارف الخاصة – القانون رقم (28 /2001)-، والتي اتخذت هذه الشركات اسمها من الشريك الأقوى كنوع من التسويق للشركة المساهمة، إضافة إلى أن لها علاقة بمعايير المحاسبة الدولية، ويبدو أنه بعد الانفصال عن الشريك حافظت الشركة المساهمة على الاسم؛ كونه يحتوي على كلمة إضافية وهي بيمو، وفي الوقت نفسه هنالك اختلاف في الشعار “اللوغو” مما جعلها مختلفة عن الشركة الأم، وأن الغرر الحاصل من الناس لا تتحمل تبعاته الشركة المساهمة الجديدة، إضافة إلى أن النظام المصرفي السوري لا سلطة تمكن من محاسبته عدا أن هناك تقاعسا من البنك السعودي الفرنسي لإيضاح الأمر.
ثالثاً رئيس مجلس إدارة بنك بيمو رياض بشارة عبجي، ففي حين يذكر موقع الاقتصادي المحلي أنه لبناني الجنسية، فإن التقرير السنوي لعام 2019 لبنك بيمو المنشور في هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية أنه سوري الجنسية، واختلاف الجنسية الحاصل، يُعتقد أنه يستخدم بتواطؤ من البنك المركزي اللبناني الذي صدرت عنه تعليمات منذ عام 2013 تقضي بحظر تعامل البنوك اللبنانية مع البنوك السورية والإيرانية، وبالتالي فإن تغيير الجنسية يتلافى العقوبات من المركزي اللبناني وحتى العقوبات الدولية، كما أن بيمو لم يدخل بحركة تحويلات واعتمادات مستندية دولية لحكومة النظام مباشرة، لذا لم يكن هناك اهتمام بجنسية عبجي، دون أن ننسى أن تحييد المصارف الخاصة عن الدخول في حركة الاعتمادات المستندية حركة ذكية من أديب ميالة (وزير اقتصاد سوري سابق وحاكم سابق لمصرف سوريا المركزي) خففت ضغطاً عن المصارف.
وفي الوقت نفسه هو أيضاً فشل للمعارضة بالاهتمام بهذا القطاع كخطوة من خطوات تقليص نفوذ النظام، والضغط على مركزي لبنان لإيضاح الخرق، وأيضاً فشل في التواصل مع القائمين على قانون قيصر ليضغطوا على مركزي لبنان بسبب انتهاك العقوبات.
رابعاً، إن الشخصيات الاقتصادية والمالية الداعمة للنظام بقيت في مأمن من أي محاسبة كون العقوبات شملت المتورطين بدعم ميليشيات أو علاقة مع بشار الأسد بشكل مباشر، ليكون هؤلاء الحديقة الخلفية للنظام النقدي الذي دعم النظام السوري وآلته بالنقد الأجنبي.
أما سبب الخروج الآن لبنك عودة من سوريا، فيعود لمجموعة عوامل متزامنة مع بعضها، منها هو تعزيز وضعها المالي والتوافق مع المتطلبات التي فرضها مصرف لبنان المركزي الذي يلزم المصارف بزيادة في رؤوس أموالها بنسبة 20 في المئة عما كانت عليه في نهاية العام 2018، إضافة إلى هيكلة فروعها بالدول العربية التي تعاني من انهيار بالقدرة الشرائية لعملتها، وتوقف الاستثمارات، بسبب الوضع الأمني المضطرب في دول كالعراق ومصر، وحتى الخوف من عقوبات قانون قيصر في سوريا التي تحولت من عقوبات ذكية إلى عقوبات قطاعية تمنع التعامل مع المركزي السوري.
وبعيدا عن عملية الاستحواذ بين بيمو – عودة، يبقى السؤال إلى متى يتم إهمال الجانب الاقتصادي من الحل السياسي من قبل المعارضة السورية؟ ألم يحن الوقت إلى طلب إنشاء محاكم اقتصادية على غرار محاكم جرائم الحرب لمن دعم آلة العسكرية للنظام السوري وأثرى بها؟
المصدر: موقع تلفزيون سوريا