ستة أسئلة محورية عن قرار بريطانيا زيادة ترسانتها النووية قد يكون هذا أكبر إعادة ضبط للسياسة الخارجية والدفاعية منذ الحرب الباردة فهل تدرك الحكومة ما فعلت؟

جوناثان شو

قد تكون المراجعة المتكاملة بالفعل أكبر إعادة ضبط للسياسة الخارجية والدفاعية البريطانية منذ الحرب الباردة، ولكن يبدو أن الحكومة البريطانية مندهشة من أن تركيز العالم ينصب على زيادة الحد الأقصى للرؤوس الحربية النووية، وهي الزيادة التي لم يتم الإبلاغ عنها في أي من الإيجازات الصحافية المبكرة التي تم إرسالها إلى قادة الرأي مثلي.

هل تدرك الحكومة ما الذي فعلت؟ إن قراءة خطة المراجعة المتكاملة لا تقدم طمأنة إلى أن وزارة الدفاع ما زالت تتشبث بالمبدأ الأساسي لنظرية الردع والموقف النووي للمملكة المتحدة، بالتالي فإنها لا تدرك عمق التغييرات التي ينطوي عليها إعلانها.

وتعد هذه الورقة الأولى من بين مجموعة تفصيلية ستأتي لاحقاً. وفيما يلي بعض الأسئلة التي ينبغي على الأوراق اللاحقة الإجابة عنها.

أولاً: لماذا ينبغي امتلاك أسلحة نووية أصلاً؟ لطالما تم الترويج للردع النووي كسلاح الملاذ الأخير، سيستخدم فقط للرد على تهديد وجودي. لقد كانت الحرب الباردة معركة من أجل التفوق العالمي بين الأيديولوجيات العالمية المتنافسة؛ أي إنها كانت حقاً معركة من أجل العولمة، لكن تخلت كل من الصين وروسيا عن الأيديولوجية بعد ماو ونهاية الحرب الباردة على التوالي (وتخلت الولايات المتحدة في عهد بايدن رسمياً الآن عن سياسة تغيير الأنظمة). هذا يعني أنه لا يوجد هناك تهديد وجودي لكتلة الأرض المادية للمملكة المتحدة. إذاً ما هو مبرر للأسلحة النووية الآن؟

ثانياً: توضح الورقة إلى حد كبير كيف تشكل أسلحتنا النووية جزءاً من التزاماتنا التحالفية. لقد أثار التخلي عن الاتفاق المتعلق بالقوات النووية المتوسطة المدى بالفعل مخاوف من حدوث سباق تسلح نووي في أوروبا، لكن معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى تخص الأسلحة القصيرة والمتوسطة المدى التي لم تتبناها المملكة المتحدة أبداً. لذا فإنه، منطقياً، كان ينبغي ترك الرد في إطار الحلف إلى فرنسا والولايات المتحدة. ويبدو أن زيادة ترسانتنا الاستراتيجية رداً على التهديد التكتيكي المتزايد المحتمل من روسيا غير مناسبة وغير متناسبة.

ثالثاً: لماذا تعد الأسلحة النووية رداً مناسباً على التهديد الروسي؟ تشكل روسيا تهديداً لنا، ليس فقط بسبب تمسك بوتين بعقيدة دوستويفسكي التي تؤمن بالأهمية الثقافية والروحية للشعب الروسي (أينما كان)، ولكن أيضاً لأنها تخشى أن يشجع نموذجنا على اضطرابات داخلية في روسيا. لذا فإنها تعمل على تقويض منافسها بالقوة الناعمة خارجياً، وتزيد من أمنها داخلياً (على سبيل المثل، احتفى الكرملين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وينبغي أن نتوقع أن تدعم روسيا مارين لوبان ضد ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، لما ينطوي عليه فوز لوبان من عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبي).

ومن بين الأسباب التي تجعل روسيا تضع دول البلطيق نصب أعينها أن عدداً كبيراً من الروس الأصليين يعيشون في هذه الدول (25 في المئة في لاتفيا). وكما يتضح من مثال أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، إذا رغبت روسيا في الانخراط في دول البلطيق (و”تحرير” السكان الروس)، فلن تستخدم الأسلحة النووية أو الكيماوية أو البيولوجية، بل ستستخدم “الرجال الخضر الصغار” وتقنيات الحرب الهجينة وفقاً لعقيدة فاليري غيراسيموف (رئيس الأركان للقوات المسلحة الروسية).

ما أهمية رفع سقف الأسلحة النووية الاستراتيجية في هذا السيناريو؟

رابعاً: هل رفع السقف حقيقة أم خدعة؟ تتحدث الورقة عن رفع سقف الرؤوس النووية، لكنها لا تلتزم بزيادة أعدادها. وبغض النظر عن وجود خط تمويل لتعزيز الرؤوس الحربية أم لا؛ قد يمنعنا التصنيف الأمني ​​من معرفة ذلك. ونظراً لأن الغموض يخيم سلفاً على موقفنا النووي، من غير الواضح كيف سيعزز رفع السقف النووي من موقفنا (الغامض).

خامساً: ما أهمية الأسلحة النووية عند تكاثر مصادر التهديد؟ تتحدث الورقة عن تكاثر التهديدات، بما فيها التهديدات الصادرة من جهات غير تابعة للدول. وفي هذا الصدد، كان الكاهن الأكبر لنظرية الردع السير مايكل كوينلان، دقيقاً عندما أشار إلى أن “الردع يعمل من خلال عرض احتمال التكاليف من حيث القيم التي يقدرها الرادع”، ومن ثم فإن الأسلحة النووية “لا يمكن بالتأكيد أن تلعب دوراً مفيداً مباشراً ضد الإرهابيين، الذين لا يمتلكون هم أنفسهم قاعدة أصول واضحة يمكن أن تهددها الأسلحة النووية بشكل موثوق”. وإذا كانت الحكومة تنوي بجدية استخدام الأسلحة النووية كرد محتمل على هجوم إلكتروني، فإن الصعوبات الأخلاقية والقانونية والعملية لهذا الموقف بحاجة إلى توضيح في الأوراق المستقبلية؛ لأن التحديات كثيرة.

سادسا: هل تقوض تكاليف الفرصة البديلة لزيادة الحد الأقصى موقف الردع العام لدينا بشكل مميت (على افتراض أننا سنرفع أعداد رؤوسنا الحربية). يعمل الردع من خلال المواجهة المفرطة للعدو على كل مستوى من مستويات المنافسة، والسلاح النووي هو أهم ورقة رابحة.

لكن، كما يعلم كل لاعب ورق، من الحماقة المراهنة بأربع أوراق عندما لا تملك سوى أهمها. لا يمكن لعب البطاقة النووية إلا مرة واحدة، وإذا تعرضنا للهزيمة على مستوى أدنى، حيث تكون الاستجابة النووية غير واردة، سنكون قد خسرنا حتى مع امتلاكنا أسلحة نووية. فهل لدينا المورد للفوز على كل مستوى تصعيدي؟ يبدو هذا من غير المرجح بالنظر إلى التقارير عن مدى ضعف قواتنا التقليدية. وأي التزام مالي لرفع سقف الرؤوس الحربية لن يؤدي إلا إلى تفاقم هذا الأمر.

اللواء جوناثان شو مدير القوات الخاصة وقائد القوات البريطانية في جنوب العراق عام 2007

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى