اعتبر المعارض السوري وعضو لجنة مؤتمر القاهرة، قاسم الخطيب، أنه بعد مرور عشرة أعوام على الحراك الشعبي والنزاع في سوريا لا تزال” الصورة الحالية قاتمة وغامضة”.
سورية واقعة اليوم تحت احتلالات عديدة
وأضاف الخطيب في حديثٍ خاص لـ تموز نت, أنه رغم تمسك السوريين “بأهدافهم المنشودة وبثوابت ثورتهم العظيمة وتضحياتهم الجسام فإن المشهد أو الصورة الحالية قاتمة وغامضة لأن سورية واقعة اليوم تحت احتلالات عديدة تهدد وحدة أراضيها ومستقبلها”.
وتابع الخطيب “هناك تقاسم مناطق نفوذ تترسخ وترتسم حدودها على الأرض، وهي غير خافية على أحد، منطقة لـ قسد في شمال شرق سورية بوجود أميركي قوي, وأخرى للفصائل التابعة والموالية لتركيا في الشمال السوري مع إدلب، ومناطق نفوذ إيراني وروسي, وفي الجنوب والوجود الإسرائيلي ومخاطره”, وأشار الخطيب إلى أن “إرادة عموم السوريين قوية وترفض العودة إلى ما كان، ولكن العقبات والتحديات كبيرة في ظل عدم الاهتمام العربي والدولي لإنجاز تسوية سياسية وفق قرار 2254 وقرارات الشرعية الدولية إلا ضمن ما تتطلبه مصلحة كل دولة من تلك الدول خدمة لمشاريعها الخاصة”.
لنبدأ بخطاب وطني جامع
وأشار المعارض السوري قاسم الخطيب, إلى أنه من الممكن تجاوز حالة الانقسام الحاد في المجتمع السوري, “لكن الأمر يحتاج إلى جهود جبارة وكبيرة على السوريين أنفسهم. اعتقد إن الكثيرين يحاولون فعل شيء والعمل على مشروع وطني لبناء ما أفسده النظام والإسلام السياسي, ونحتاج إلى حوار سوري- سوري وإلى قراءة موضوعية لمجريات ما حصل, ولا بد الحفاظ على وحدة المجتمع السوري وبقاء الكيان السوري دون التخلي عن الثوابت وإحقاق الحق والانصاف والعدل”, مضيفاً “مرت شعوب عديدة بما نمر به ولابد هنا من الاستفادة من تجارب التاريخ والآخرين. الأمر ليس سهلا وبسيطا، لنبدأ بخطاب وطني جامع لا يفرق بين صغير وكبير ولا يستثني أحداً منا”.
بعد الانتقال السياسي؛ إعادة الاعمار وفتح باب الاستثمار
وأكد الخطيب أن الاقتصاد أحد المجالات الأساسية التي تتطلب الإصلاح والبناء وإعادة الهيكلة والتخطيط العلمي. مضيفاً “لا خوف على سورية المستقبل من هذه الناحية فهي تملك ثروات طبيعية ومناخ مناسب ومساحات كبيرة صالحة للزراعة إضافة لرأس المال البشري الذي يعتبر عاملا مهما في التنمية الشاملة والمستدامة. هناك معوقات يجب التغلب عليها ولا شك أن بداية كل ذلك بعد الانتقال السياسي هو إعادة الإعمار وفتح باب الاستثمار. سورية غنية ويجب العمل على استعادة أبنائها وكل رؤوس الأموال التي انتقلت لبلدان أخرى مع الخبرات والكفاءات المتنوعة. أكرر هذا ليس أقوى التحديات”.
سوريا دولة فاشلة بحكم سياسات النظام وفساده
ورأى الخطيب أن سورية تحولت إلى “دولة فاشلة”, مضيفاً “هذا ليس تقديري إنما هو كلام كل الخبراء والمحللين والمرجعيات الدولية ذات المصداقية والكفاءة والاختصاص. دولة فاشلة بحكم سياسات النظام وفساده وأجهزته الأمنية, وهذا أمر يعود لما قبل الثورة لعقود من الزمن . نأمل أن تتجاوز سورية فشلها وتنتقل إلى مصاف الدول المحترمة والمتقدمة في مدى زمني ليس بطويل بعد الانتقال السياسي والخلاص من نظام الاستبداد الذي جثم على صدور السوريين لخمسة عقود متتالية ونهب وسلب كل خيرات البلد حيث تحولت سورية من دولة مؤسسات إلى دولة عصابات”.
لا بد من تحرك سوري وحشد كل الإمكانيات لإعادة القضية السورية إلى صدارة الاهتمام العربي والعالمي
وعن الدور المحتمل للإدارة الأمريكية حيال الملف السوري, وإمكانية الضغط باتجاه تطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤, قال الخطيب: “حتى الآن لم تستكمل الإدارة الأميركية الجديدة فريق عملها المعني بالملف السوري، ولم تتضح تماماً رؤيتها، لكن هناك مخاوف بحسب كل المراقبين والمتابعين أن لا تكون القضية السورية محل اهتمام إلا من خلال التعاطي مع الملف النووي الإيراني. كثيرون استمعوا خلال هذه الفترة لمسؤولين أميركيين أو مقربين منهم ولم يبدوا ارتياحاً لموقف الإدارة الأمريكية الجديدة”.
وتابع الخطيب قائلاً: “لا بد من تحرك سوري وحشد كل الإمكانيات لإعادة القضية السورية إلى صدارة الاهتمام العربي من طرف, والعالمي من طرف آخر. ومع ذلك حتى لا أكون متشائما علينا الانتظار قليلا لنرى ما ستسفر عنه الترتيبات الأخيرة للإدارة الجديدة، والعمل الجاد والتنسيق مع الأطراف العربية الفاعلة وخلق محور عربي داعم لقضية الشعب السوري”.
الصورة العامة للمعارضة تستحق الشفقة
وعن أداء المعارضة عسكرياً وسياسياً خلال السنوات العشر من الحرب في سوريا, قال الخطيب: “للأسف الشديد أداء المعارضة الرسمية سيء جداً، سمته العامة التنازع والتخبط والارتهان لجهات دولية شريكة في قتل السوريين، هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد العسكري فسمته العامة الفشل وانتظار الخارج. الصورة العامة للمعارضة تستحق الشفقة فهي لم تعد تحظى باحترام عموم السوريين وعدم الاكتراث من المراجع الدولية وكثيراً من اللقاءات الدولية لم يدعى لها السوريين. بؤس المعارضة من بؤس السياسة الدولية بشكل عام، وللأسف مرة أخرى أقول كان ذلك منذ البداية لأنه لم يتاح لأهل الثورة أن يفرزوا من يمثلهم وأصبحت مؤسسات المعارضة مجالا للقسمة والهيمنة. لابد من ولادة جديدة لمعارضة وطنية صرفة تدعو إلى مؤتمر وطني سوري جامع قادر أن يخلق معارضة قوية فاعلة وأن تنتزع الحقوق وتلبي طموحات الإنسان السوري بقدر تماسكها وتفاعلها وأن يكون بيدها استقلالية قرارها وتحقق تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة ودولة المواطنة”.
مصير العملية السياسية مجهول
وفي ختام حديثه اعتبر المعارض السوري قاسم الخطيب أن “مصير العملية السياسية مجهول, وكأنها في نفق مظلم في ظل التراخي الدولي وتغيير أولوياته مع إدارة أميركية جديدة”, مضيفاً أن “سورية أمام مفترق طرق خطير, كما قلنا في الاجابة على السؤال الأول، حيث الاحتلالات وتقاسم مناطق النفوذ، والأخطر أن البنية الاجتماعية للمجتمع السوري بدأ يصيبها المرض والعطب”.
سورية في خطر
وأعاد الخطيب التذكير بأن “سورية في خطر”, مؤكداً أنه “على أبنائها الغيورين والمخلصين السباق مع الزمن لتجاوز هذه المرحلة الحرجة والخطيرة، وهي مرتبطة بملفات أخرى في المنطقة لا تنفصل عنها. حمى الله سورية من كل هذه الصراعات على أرضها لأجل مصالح الغير”.
المصدر: تموز نت