ما لا يرى بالعين المجردة  || ضرب الناقلات والسفن في البحار جبهة حرب ثالثة بين إيران واسرائيل 

محمد خليفة 

سجل المحللون العسكريون مؤخرا اشتعال جبهة حرب جديدة بين اسرائيل وإيران، هي الجبهة البحرية، بعد جبهة الحرب الجوية الدائرة في الأجواء السورية، وجبهة الحرب الاستخبارية التي شملت اغتيال الموساد لعلماء وخبراء، يعملون في البرنامج النووي، وسرقة ملفات ووثائق فائقة الأهمية.

“الجبهة البحرية” لم تكن معروفة ولا معلنة قبل الضربة الغامضة التي وجهها الحرس الثوري الايراني لسفينة تجارية اسرائيلية في مياه الخليج في نهاية شباط / فبراير الفائت، وأصاب الهجوم الطابق العلوي منها ، بأضرار مادية . وبينما أنكر الايرانيون تنفيذ الضربة تولى نتنياهو كشف العملية في مطلع آذار/ مارس الحالي، وأكد أن الهجوم جرى بلغم بحري ايراني. ثم ردت اسرائيل يوم الخميس الماضي بضرب السفينة (شهركورد نفت) تهرب بترولا ايرانيا الى سورية أفرغته في ميناء بانياس . وكشف الصحافي الإسرائيلي المقرب من المؤسسة العسكرية رون بن يشاي في مقال في يديعوت احرونوت إن السرب 13 من الكومندوس الاسرائيلي هو الذي نفذ العملية وقصف السفينة قبالة بانياس بصاروخ جو – بحر. والمثير أن الدولتين تكتمتا على العملية ، ايران واسرائيل ، الى أن كشفتها صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية يوم الخميس 12 من الشهر الجاري . تكتم اسرائيل اسلوب نمطي منذ عشرات السنين ، فهي لا تعلن رسميا عن عملياتها إلا بعد مرور سنوات ، وأما ايران فهي تكتمت لأنها تمارس تجارة التهريب منتهكة نظام العقوبات عليها وعلى نظام الاسد ، وهذا النشاط غير المشروع تعارضه كل الدول الغربية، ولذلك فهي تؤيد العمليات الاسرائيلية ضد ناقلاتها .

  لم يكتف تقرير الصحيفة الاميركية عند هذا الحد ، بل كشف أن اسرائيل نفذت 12 عملية على الأقل في مياه البحرين الأحمر والمتوسط بين أواخر 2019 ، وحتى اليوم بدعم كامل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية  ، وقالت الصحيفة إن السفن الايرانية التي تهرب البترول وسلع اخرى الى حليفيها في لبنان وسورية ، كانت تسلك طرقا التفافية بعيدة ، أو تستعمل سفنا مستأجرة لا تحمل العلم الايراني  ، لكن دوائر الاستخبارات الغربية كانت تراقب تحركات ايران ، وتعطي المعلومات لإسرائيل للتعامل معها . أي أن هذه العمليات تعكس سياسة غربية بذراع اسرائيل مستمرة منذ عام ونصف ، هدفها خنق الأسد وحزب الله اقتصاديا ونفطيا ، ومنع ايران من جني الأموال لتمويل خزينتها ، وأذرعها الاقليمية .

أما اللغز الأكثر إثارة فهو ما كشفه مصدر مطلع لنا، وهو أن السفن الايرانية التي تحمل البترول الى الأسد وحزب الله ، تنقل أيضا صواريخ ايرانية استراتيجية كبيرة ، لا يمكن نقلها بريا في الشاحنات التي تعبر الكوريدور الايراني من طران الى دمشق وبيروت ، ولا بالطائرات المدنية التي تتنقل بين طهران وبيروت ودمشق ، لأنها صواريخ ضخمة وثقيلة الوزن .

وأكد المصدر أن السفينة التي قصفتها اسرائيل قبالة بانياس نقلت البترول في الطابق العلوي وصواريخ ضخمة في الطابق السفلي ، وافرغت حمولتها في بانياس .

حتى الآن تجنبت الدولتان الضربات القاصمة التي تؤدي الى اغراق السفن والناقلات المستهدفة، ويمكن وصفها بأنها ضربات تحذيرية وتأديبية، ولكن المصدر المطلع لم ينف احتمال وامكانية تطور الحرب على الجبهة البحرية لتصل الى ضربات اشد وأقوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى