حسين السيد عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى الوطنية ما حصل في سورية ثورة شعبية.. ولا حل إلا بالتخلص من الأسد وعصابته

أيام تفصلنا على الاحتفاء بذكرى ثورة أرادتها أطراف كثيرة حربا مستعرة وغذّتها صراعات مأجورة راح ضحيتها أبناء شعب طالب بالعيش بكرامة وحرّية وعدالة، تلك الانتفاضة والهبّة التي بدأت في شكل حراك شعبي عفوي سلمي وأخذت طابعا جماهيريا، سرعان ما انتشر ليشمل الجغرافيا السورية بأكملها خلال فترة قصيرة. لكن سرعان ما انقلبت الأوضاع بعد عسكرتها بقوة السلاح وهيمنة أجهزة المخابرات، فقوبلت المطالب الشرعية، بالتخوين والتهديد والوعيد، وبدأ بممارسة الاعتقالات على نطاق واسع، لم يسلم منها بيت سوري. بل ذهب الى أبعد من ذلك، فقابل الحراك المدني السلمي بالرصاص الحي..
ويرى المعارض السوري وعضو اللجنة التحضيرية المركزية في مؤتمر القوى الوطنية السورية، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن ما حصل في سورية في آذار 2011 هو ثورة شعبية وطنية وأخلاقية رغم كل محاولات التشويه التي أدخلها النظام ومنظومته، لافتا إلى أن استمرار هذا النظام هو أكبر مشاكل البلاد.

س- فكرة إنشاء مجلس عسكري مشترك بين ضباط من القوى المعارضة ومن الجيش السوري لحكم البلاد، تم تداولها الفترة الأخيرة، كيف ترونها في مؤتمر القوى الوطنية السورية؟ وماذا يمكن برأيكم ان تضيف للوضع المتشابك في سورية؟

ج- الضباط العسكريون المنشقون عن جيش نظام بشار الأسد هم الجناح الآخر للثورة السورية، ووجودهم في مؤتمر القوى الوطنية السورية الذي يتم التحضير له أساسي وجوهري، مع ترك الحرية الكاملة لهم في تحديد شكل الجسم العسكري الذي سيجمعهم وخلال المرحلة الانتقالية القادمة، على أن يتبع هذا الجسم في كل الأحوال للسلطة المدنية الانتقالية وللقرار السياسي ومحدداته العامة.
– أما فيما يتعلق بالإضافة التي يمكن أن يشكلها هذا المجلس العسكري فبكل تأكيد وجوده في غاية الأهمية:
فالتوافق مع القرارات الدولية المتعلقة بسورية لخلق بيئة آمنة تضمن الإنتقال السياسي وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الحقيقية في البلاد، لا يمكن أن تكون إلا بوجود مثل تلك القوى العسكرية المنضبطة والمنظمة، ولذلك تشكيل المجلس العسكري ضرورة وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها في عملية الانتقال السياسي وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بسورية.

س- هل من الممكن أن تكون فكرة المجلس العسكري خلاصا من حالة الفصائلية وأمراء الحرب المسيطرين على الوضع؟
ج– السوريون اليوم أمام تدويل كامل لقضيتهم و فقدان كلي لسيادة دولتهم الوطنية، فقد تزاحمت الجيوش الأجنبية على أراضيهم، وتواصل الإجرام غير المسبوق عليهم من الأسد وعصابته الحاكمة طيلة السنوات العشر الماضية، وأمام السقوط السياسي والأخلاقي لهياكل المعارضة الرسميّة، ووجود تجمعات ثوريّة وسياسية ومشاريع كثيرة وسلطات أمر واقع فرضت على السوريين فرضاً نتيجة استقوائها بالخارج وبالدول المتدخلة في سورية.
-وأمام هذا الواقع وحالة الفلتان الأمني في جميع المناطق السورية……فلا بدّ حيال كل ذلك من ضبط البلد وتوفير الأمن فيه قبل أي شيء آخر، وحتى يتمّ ذلك لا بدَّ من (مجلس عسكري) تُحدّدْ له سياسة واضحة تحقق الأمن والأمان من خلاله ريثما يتم نقل البلد للاستقرار وللانتخابات الحرة الحقيقية.

س- ما ردكم سيد حسين على من يتّهمكم بتدمير الائتلاف السوري المعارض، وهل تغيّرت الخريطة السياسية منذ بدء الثورة حتى اليوم في سورية، ما يستوجب عليكم إعادة النظر في الكيانات والتيارات الممثلة في الائتلاف الوطني السوري؟

ج- بعد قبول الإئتلاف أن يكون منصة من منصات المعارضة في هيئة التفاوض السورية فقد تحول إلى تيار سياسي ضعيف متناقض لا يمتلك صناعة أو اتخاذ أي قرار تفاوضي داخل تلك الهيئة المستهلكة والتي لم تجتمع منصاتها منذ عام تقريباً، وعليه فجميع الدعوات القديمة الجديدة لإصلاح ذلك الهيكل لن تكون مجدية بسبب بنيته الأساسية وتناقضاتها وكذلك هي وظيفته التي تأسس لأجلها، فمشكلة الإئتلاف ليست بنظامه الأساسي أو رؤيته أو ما يتكلم به أغلب أعضائه على وسائل الإعلام أوفي اللقاءات العامة …مشكلة الإئتلاف الحقيقية في بنيته وعدم مصداقية وصلاحية شخوصه لتطبيق تلك القرارات والأنظمة والقوانين التي يطلقها نفسه بين الحين والآخر
-فقد سبق لهم وأن اعترضوا على الاستانة ثم تبنوا كل ما فيها، ثم أصدروا اعتراضهم على مؤتمر سوتشي وحضوره وما لبسوا أن تبنوا مخرجاته كاملةً، ثم قاموا باتخاذ قراراً يقضي برفض ضم منصة موسكو لهيئة التفاوض ثم عدلوا عن ذلك و ادخلوها راغبين ، اتخذوا من قبل ذلك قراراً بعدم الدخول بالتفاوض مع نظام الأسد حتى تنفذ الفقرات 12و13 و14 من القرار 2254 وهي فقرات فوق تفاوضية تقضي بالإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وادخال المساعدات الانسانية..، ثم تراجعوا وهم من طلب استئناف العملية التفاوضية! …
اتخذوا قراراً بالتزامهم بتراتبية القرار الدولي 2254 وبيان جنيف أساساً لأي حل سياسي، ثم انقلبوا عليه وأهملوا تراتبية ذلك القرار الدولي و تجاوزا الانتقال السياسي وقبلوا بالشراكة الضمنية مع الأسد من خلال الدستور والانتخابات ووجودهم في حكومة تسمى “حكومة وحدة وطنية” وهذا هو مضمون وحقيقة اللجنة الدستورية والقرار 24 الأخير الذي أصدره رئيس الائتلاف الحالي، هذا عدا عن تبديل الطرابيش الذي كان مخزياً ومخجلاً لجميع السوريين أمام العالم كله،هؤلاء لا يشبهون أحرار سورية أو ثوارها أو رجالها…

س- هل هناك تجانس بين مختلف أطياف المعارضة السورية ؟ ولماذا تتهمون بالتشتت وخدمة المصالح الخاصة؟
ج- ما حصل في سورية بدايات 2011 هو ثورة شعبية وطنية وأخلاقية رغم كل محاولات التشويه التي أدخلها الأسد ومنظومته عليها، من خلال (معارضات) هي على شاكلة أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي صنعها الأسد الأب، إضافةً إلى شخصيات صنعتها و فرزتها الدول وأجهزتها لتكون (معارضة)، فهذه لا يمكن أن يطلق عليها معارضة لأنها ما زالت تدور في فلك الأسد ومنظومته وعمل الكثير من أعضائها وما زالوا لإعادة شرعنته والشراكة معه بالتعاون مع أجهزة دول متدخلة ومحتلة لسورية.
-أما قوى الثورة والمعارضة السورية الحقيقية وقوى الحراك الشعبي فهي موحدة على رأي واحد وقرار واحد وهدف واحد هو إنهاء حكم عائلة الأسد ومنظومته المجرمة من سورية إلى غير رجعة وإحالة جميع مرتكبي جرائم الحرب والقتل ضد السوريين إلى المحاكم الوطنية السورية.

س-تقول المعارضة السورية أن تشكيل أي جسم سياسي جديد وجب أن تسبقه حلّ العقدة الأساسية بالأزمة السورية وهي النظام القائم، ولحين حلها برحيله تحل ّ العقد ويفرج الوضع، هل تتفق مع هذا الرأي؟

ج- الحل في سورية لا يمكن أن يحصل إلا بالتخلص من نظام الأسد والعصابة المقربة من حوله، ولذلك فنحن نحتاج لجسم وطني حقيقي مختلف في التكوين والأداء عن الأجسام (المعارضة) السابقة، على أن يشكل هذا الجسم أو الفريق ممثلية لأغلبية الشعب السوري ويتمتع بمصداقية وفاعلية تضبط العملية السياسية ومسارها بما يلبي طموحات شعبنا ويحقق أهدافه في الحرية والكرامة والعدالة والحداثة…
ومن المهم جداً أن تكون هذه الجهة وطنية التوجه تمثل كل ألوان الطيف السوري دون تهميش أو إقصاء لأحد.

س- كان ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الروسي إلى سورية، قد وصف المعارضة في سورية ب”الأطفال” أكثر من مرّة وهو تقزيم سيّء لها، واليوم يدعوها بنفس اللهجة الحادة إلى التفاوض لإقرار حلّ سياسي يكون الأسد ضمنه، ما تعليقك؟
ج- إن تسلط الإقليمي والدولي على القرار السوري واستسهال الأخرين من السوريين الذين تصدروا المشهد السياسي للثورة السورية وقبولهم ضمانة العدويين الرئيسين لتلك الثورة (قوى الاحتلال الروسية والايرانية) هو ما يدفع لافرينتيف وغيره ليس لاستصغار هؤلاء فقط، بل للتلاعب معهم وأخذهم للمكان الذي تريده وتسعى إليه روسيا منذ البداية وبما يحقق أطماعها ومصالحها الخاصة.

س- فشلت السياسة الأميركية في سورية، لإدارتي الرئيسين السابقين دونالد ترامب وباراك أوباما في تحقيق نتائج ملموسة إزاء تغيير الوضع في سورية وإحداث التسوية، هل تتوقعون حلا مع ادارة بايدن ومقاربة جديدة قد تحمل إلى تسوية شاملة قريبا ؟

ج- السياسة الأمريكية لم تفشل في سورية، إلا أن قرار الإدارة الأمريكية ومنذ انطلاقة الثورة السورية كان أن لا ينتصر الشعب السوري في ثورته على النظام الطائفي الإجرامي الحالي، ومن دلالات ذلك تعاطي السفير الأمريكي فورد عندما كان ممسكاً بالملف السوري، فقد كان حريص كل الحرص أن لا تجتمع القوى السياسية والقوى العسكرية في الثورة السورية، بل كان يسعى بشكل جاد لمنع أي خطوة يمكن أن تربط الذراع العسكري للثورة بالذراع السياسي، كما كان حريصاً في لقاءاته مع السياسيين في المعارضة وقوى الثورة ودفعه المستمر للتعامل مع الجانب الروسي والتعاطي معه كأولوية، وكان ذلك مؤشراً مفهوماً على الدور المعطى من إدارة أوباما نفسها للروس حول تدخلهم في سورية لمنع سقوط مجرم الحرب بشار الأسد.
ونتمنى أن لا تكون إدارة بايدن الجديدة نموذجاً مكرراً عن سياسات الرئيس الامريكي السابق أوباما الذي سلم سورية والسوريين عربون صفقته الخاطئة مع ملالي الشر في طهران، وأن يتخلى الجانب الأميركي عن إدارة القضية السورية وينتقل بشكل جدي وصادق إلى حلها بشكل عادل.

س- قال المسؤول الأمريكي والأممي السابق جيفري فيلتمان في حديث إعلامي مع صحيفة الشرق الاوسط مؤخرا، إن تهديد البقاء لحكم الأسد، لم يعد عسكرياً ولا بسبب الانتفاضة، بل بسبب تراجع المأساة الاقتصادية، ما تعليقك سيد حسين ؟
ج- هذه المقاربة ربما تتحقق في ظل حكم استبدادي في بلدان أخرى، أما سورية فتحكمها اليوم عصابة مجرمة متوحشة لم تتردد لحظة واحدة في قتل وتقطيع أوصال ملايين السوريين بشتى أنواع الأسلحة المحرمة دولياً بما فيها السلاح الكيماوي، فكيف لها أن تهتم لأوجاعهم و فقرهم ومعاناتهم الاقتصادية؟!
-تلك مقاربة تجانب حقائق ما يعرفه العالم كله وما تعرفه الادارة الامريكية نفسها عن ذلك النظام المتوحش.

س- هل تعتقدون أن العقوبات والحصار والأزمة الاقتصادية الخانقة ستؤدي إلى إضعاف النظام وانهياره؟

ج- العقوبات الاقتصادية لوحدها لن تنهي أو تدفع الأسد ومنظومته المجرمة للإنهيار ولن تدفعه للقبول بالإنتقال السياسي ، فهذا النظام الذي قتل ملايين السوريين وهجر ما يزيد عن نصف سكان سورية، بكل تأكيد لن يكترس لموت النصف الآخر جوعاً وفقرا ومرضا.

س- يتهم النظام بأنه لم يستجيب لمطالب وطروحات الأمم المتحدة بخصوص اللجنة الدستورية ما يحيل دون إحداث أي تقدم أو تغيير في عملها ، لماذا برأيكم هذا التعطيل ولمصلحة من وخاصة وان النظام يستعد لإجراء انتخاباته قريبا ؟
ج- إن تعطيل نظام الأسد للجنة الدستورية لا يفسر إلا في إطار الغرور والغباء والبلاهة المنغولية التي يمارسها رأس هذا النظام ويتصف بها منذ توريثه السلطة في سورية، وهذا يعود لطبيعة وبنية هذا النظام المتوحش من جهة، إضافةً لتطمينات حلفائه والمجتمع الدولي بمواجهته عسكرياً في حال قام بذلك التعطيل من جهة أخرى.

– جميعنا يعرف بأن اللجنة الدستورية خديعة، وتنازل، واستسلام، ومهانة، وذل، وتفريط بتضحيات السوريين قامت بها هياكل المعارضة الحالية، فاللجنة الدستورية هي السبيل الوحيد لإعادة إنتاج حكم الأسد وشرعنته وبقائه في السلطة وإعفائه من جميع الجرائم التي ارتكبها و مجرميه في المنظومة الأمنية و العسكرية بحق عموم الشعب السوري، واللجنة الدستورية قفز على سلة (الحكم) المحددة أولاً في تراتبية القرار الدولي المذكور وهي تجاوز مفضوح ومقصود لمضمونه، وطي لعملية الإنتقال السياسي برمتها و الذي لأجله ضحى ملايين السوريين للوصول إليه ولأجل إنهاء حكم عائلة الأسد المجرمة.

واللجنة الدستورية هي الجسر الوحيد الذي من خلاله سيعبر بشار الأسد وبطريقة قانونية إلى ضفة النجاة وإغلاق ملف المحاسبة من خلال إعادة انتخابه رئيساً شرعياً وفق أحكام الدستور الجديد الذي سيقره بنفسه باعتباره رئيساً حالياً للبلاد وفق الشرعية الدولية، فالدستور الجديد والانتخابات سينهي حالة تنازع الشرعية بينه وبين قوى الثورة والمعارضة السورية ، واللجنة الدستورية هي التي ستضع من يرفض مخرجاتها وتولي الرئيس المنتخب الجديد (بشار الأسد) في سلة المتمردين والإرهابين والخارجين عن القوانين ودستور البلاد وربما سيتم ملاحقة هؤلاء جميعا في كل مكان داخل وخارج سورية…
-لذلك فإن اللجنة الدستورية وبعد انجاز مهمتها ووضعها للدستور ستعبر وتنتقل بشكل طبيعي لسلة الإنتخابات وهي نتيجة طبيعية وعندها لا يعود لهيئة الحكم الانتقالي أي إمكانية للوجود أو التشكيل أو الحياة تبعاً لانتفاء السبب الذي كانت ستشكل لأجله وهو( قيادة المرحلة الانتقالية) كما نص على ذلك القرار 2254 والقرار 2118 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 262/67 لعام 2012، فكتابة الدستور والانتقال إلى الانتخابات بدون المرور بمرحلة انتقالية، ستقود بلا شك إلى شرعنة الأسد ومنظومته ذاتها، وهذا ما صرح به منذ مؤتمر سوتشي ميخائيل بوغدانوف نائب وزير خارجية الاحتلال الروسي حينما قال ” إن موسكو تضع نصب أعينها الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية استحقاقاً تاريخياً يجري على أساس الإصلاح الدستوري المنشود “.

س-: كيف ترون الوضع مستقبلا وفق المؤشرات الحالية ونحن على أبواب الذكرى العاشرة للثورة؟
ج- أخيراً لا شك بأن الحل في سورية ليس في متناول اليد حالياً، فما زالت جيوش أجنبية متعددة ومليشيات دول تحتل أراضينا السورية، و أن الإملاءات الخارجية على السوريين قد بلغت أقصاها، وأن محاولة إعادة الملف السوري لأهله الحقيقين سيصطدم مع مصالح تلك الدول.
-لذلك علينا الاستعداد للتعامل مع تلك الدول بدراية وحذر شديد ومصارحتها بأن شعبنا له الأولوية في التخلص من الأسد ومن الواقع المأساوي الذي يعيشه منذ عشر سنوات، ولا توجد لدينا أولوية أخرى قبل ذلك.
مع إدراكنا ومراعتنا لمصالح تلك الدول وتبديد هواجسها ولكن دون التفريط بالمصلحة السورية العليا وقرارنا الوطني المستقل، فالعلاقة وقوتها بين الجميع ومع الجميع تأتي من توازن تلك المصالح.

المصدر: المرصد السوري 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى