أغلبنا لاحظ كيف أن الدولار الأميركي يأخذ خط تراجعي أمام العملات العالمية ويفقد تدريجياً بعض من قيمته حيث تتوقع دور الخبرة ومراكز التحليل الاقتصادي أن يصل سعره أمام اليورو 1.25 في الايام القادمة رغم أن الحكومة الأمريكية بصراع مستمر حول تطبيق حزمة المساعدات التي ينتظرها الشعب منذ أيام الرئيس ترامب والتي تقدر 1.9 ترليون دولار فدعونا نتعرف على تلك الحزمة ودورها إن كان على الدولار أو على الاقتصاد العالمي كون الدولار عملة سيادية بامتياز وتهيمن على اقتصاد العالم شئنا أم أبينا.
ما هي “حزمة التحفيز الأمريكية”؟
عندما نقول حزمة التحفيز المالية التي تقدمها أي حكومة كانت لفئات من المواطنين أو شركات ومؤسسات مالية ،هي لإعانتهم على تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها في أوضاع استثنائية على مستوى العائلة أو الشركات المتعثّرة، بهدف دعم الاقتصاد لذلك الشعب ككل ينتظر تلك الحزمة بفارغ الصبر .
ما تقوم به الحكومة حاليا ليس بجديد حيث هناك حزم عديدة تم تطبيقها من قبل، أما ما يثير الجدل بالحزمة الحالية هو النقاش الحاد الذي يدور حول سلبيات تلك الحزمة ، وكما كشف الرئيس الأمريكي “جو بايدن” منتصف كانون الثاني الفائت، عن تقديمه مقترحاً لمنح حزمة تحفيزية قيمتها تصل إلى 1.9 تريليون دولار أمريكي بهدف مواجهة ظروف تفشي فيروس كورونا في البلاد الذي كان السبب الأول بتوقف معظم النشاطات الاقتصادية ، وهي لا تزال في موضع تفاوض مع الكونغرس حول تخفيض مقدارها أو تمريرها.
وكلنا يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” قد أصدر قرار بمنح حزمتين تحفيزيتين لمساندة الأمريكيين، وافق الكونغرس على اثنتين في آذار 2020 بقيمة 2 تريليون دولار وهي أكبر حزمة تحفيز اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة، والثانية بقيمة 900 مليون دولار قبيل انتهاء ولايته وتسليمه السلطة، فلنرى ماهي نقاط الخلاف لعدم الموافقة حتى الآن على تلك الحزمة والتي كما ذكرت كثيرون ينتظرونها حتى تنجلي الأمور ويعرفون على أي أرض سيرسون.
فوائد الحزمة التحفيزية الأمريكية
وفقاً للدراسات الأخيرة ارتفع دخل الأسرة الأمريكية بأكثر من 6% خلال عام 2020 رغم وصول معدل البطالة إلى نحو 15% قبل وصول بايدن إلى الرئاسة وفي حال الموافقة النهائية على الحزمة والبدء بتوزيعها سيصل مجموع الحزم الى 20 % من الناتج المحلي لعام 2019 والذي سيقدر حينها في 21 ترليون دولار.
منذ اللحظة الأولى الذي بدأت الحكومة التنفيذية الحديث عن حزمة مساعدات انعكست مباشرة على سعر صرف الدولار مقابل العملات وحينما تقرر المبلغ الأول أيضا ارتفع الدولار ونلاحظ بالأخير حينما تم التوزيع فوراً تمت ملاحظة تحسن سعره رغم أن البطالة كانت في أوجها.
لذلك إن حزمات التحفيز من المفترض أنها ستحسن الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي ستحسن الدولار أمام العملات العالمية الأخرى، وبالتالي ستخفض سعر الذهب، وستؤثر على العملات والاقتصادات المرتبطة والمتأثرة بالاقتصاد الأمريكي وعملته.
ومن جهة أخرى تكمن خطورة استمرار وتوالي الحزمات التحفيزية الأمريكية في غضون فترات زمنية متقاربة للغاية، وخاصة ذات المبالغ الكبيرة وبلوغ مقدارها خلال عام 4 تريليونات دولار، وهو ما قد يحدث زيادة في المعروض الدولي من الدولار، وستؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الأمريكية حيث ندخل بمفهوم العرض والطلب ، وبالتالي انعكاس ذلك على المنظومة الاقتصادية الدولية المُرهقة من تداعيات كورونا.
ومن المحتمل أن تؤدي برامج التحفيز الأمريكية إلى زيادة معدلات التضخم في الولايات المتحدة، إذ إنها تمثل عملية ضخ مالي في الأسواق، بينما لا توجد عملياً قنوات تعمل لاستيعاب وامتصاص تلك المبالغ المالية.
ومن المخاطر المحتملة تصاعد الأعباء على المقترضين الذين اقترضوا عند توفر السيولة الزائدة وهبوط سعر الفائدة، ولاحقاً وجدوا أنفسهم أمام أعباء رد الديون مع أسعار فائدة عالية وذلك بعد نجاح البرامج التحفيزية ونهوض الاقتصاد الأمريكي.