عن مستقبلية المشروع الوحدوي

ندى الخش

في ٢٠١١ قبل ٢٢ شباط وبعد تنحي مبارك في مصر سافرت الى حلب كي أحضر احتفالاً بسيطًا يعبر عن فرحتنا بما حصل في تونس ومصر وحراك ليبيا الذي لم تكن مخاطره واضحة وضمن أجواء احتقان شعبي سوري ينذر بثورة نتمناها لكنها كانت بعيدة واقعيًا…. الجلسة كانت بإشراف قيادات ناصرية من أبناء حلب ويحضرها شباب ومن قوى غير ناصرية…. الكل سعيد بما حصل في مصر وتونس وهذا إن دل على شيء فهو تعبير صارخ على قوة الروابط القومية رغم كل المحاولات لطمسها وإعلاء الرايات الإقليمية بديلًا عنها… لكن أين الخلل؟؟ سأعود لتلك الجلسة الاحتفالية لأنها في رأيي كانت المؤشر إلى الخلل… أثناء الحوار تم طرح تنظيم اعتصام في ساحة الجابري إذا كانت ذاكرتي تساعدني لإحياء عيد الوحدة استفزتني الفكرة في أجواء ثورات الربيع العربي وقلت شخصيًا لن أكون في وقفة في الشارع بعيدة عن ما يعانيه الإنسان في هذا الوطن. الأجواء متاحة للتعبير عن تطلعات الشعب السوري في دولة مواطنة وقانون التمهيد للثورة ضمن أجواء ما يحصل عربيًا يصب في مصلحة المشروع الوحدوي لهذه المنطقة، الظرف حاليًا لصالحنا في الانتقال خطوة بديلاً عن اعتصامات تقليدية كنا نقوم بها كسرًا لإلغاء السياسة في المجتمع… وقوبلت رؤيتي برفض كبير من بعضهم واستحسن بعضهم الفكرة لأنهم أدركوا أن الخلفية كانت قومية ووطنية في الوقت نفسه… الخلل إذًا يتجسد في النخب السياسية والفكرية والثقافية التي كانت وماتزال تنشط في الساحات العربية… هذه النخب ترفع شعارات القومية لكنها أبعد ما تكون عن أي تنسيق سياسي يخدم هذا الشعار، وغياب هذا التنسيق تجسد فيما بعد بمواقف مخزية ومخجلة من قبل أحزاب هي قومية بشعاراتها ولكنها بوقًا لأنظمة الطغيان ولا يغيب عننا بيانات المؤتمر القومي العربي ومشاركة ميلشيات قومية في الحرب مع الأسد ضد الشعب السوري الذي تظاهر دعمًا لثورات تونس ومصر وليبيا… كان الفرق ما بين التنسيق الأمني للنظام العربي رغم الخلاف الشكلي وغياب التنسيق الكامل للقوى والأحزاب على مستوى الوطن العربي… الخلل الآخر والمهم غياب العلاقة ما بين الوطنية كاستحقاق واقعي تجاهله والبقاء في دائرة الشتم على سايكس بيكو لم يفد سوى مخططات الغرب وحراسه (النظام العربي) وما بين القومية كعمق استراتيجي حيوي لهذه المنطقة… هذه العلاقة مسكونة في إنسان هذه المنطقة بشكل عفوي ولذلك نرى الفرح والحزن الجماعي أمام حدث مفصلي بينما تغيب عن الأحزاب القومية هي إما غارقة في المشروع الوطني وكأنهم في جزيرة معزولة أو في شعارات تتجاهل استحقاقات الوطنية وكأنهم يعملون في المريخ.. شخصيًا واستنادًا لحقائق التاريخ والجغرافيا والواقع اليومي أجد أن حلم الوحدة ما يزال باقيًا وهو المخرج الوحيد لنهوض هذه المنطقة واستقرارها، هذه الوحدة التي تنطلق من استحقاق الوطنية الذي لا مفر منه وصولاً إلى صيغ في التنسيق الاستراتيجي على مستوى المنطقة من المحيط الى الخليج. إجهاض الثورات العربية في جولتها الأولى تزيد من المسؤولية في البحث لإعادة إحيائها وصولًا لبناء دولة المواطنة والقانون وفق المعايير العالمية العصرية تمهيدًا للوحدة كما تراها شعوب المنطقة. لم ولن أفقد الأمل بقدرة إنساننا على تحقيق حريته وعدالته وكرامته والسفر بحرية من الخليج إلى المحيط بعيدًا عن قرف حراس الحدود وامتهان كرامتنا…. وجود محاولات الصمود في فلسطين رغم كل المحاولات لقتل هذه القضية، بقاء صمود الشعب السوري رغم الهجمة البربرية لكسر إرادته وقدرته، كلها مؤشرات أن الحلم باق ولا يموت.؛. عاشت الشعوب العربية ولتسقط كل المخططات التي تنتهك كرامته وحقه بالحياة حرًا كريمًا آمنًا مستقرًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى