- الإحصاء الاستثنائي في مدينة الحسكة.
صاحب هذا الموضوع الكثير من اللغط. وحقيقته أن قرارا بالحصاء حصل عام ١٩٦٢م. اعتبر كل من يسكن في تلك المناطق وغير مقيد في السجلات المدنية والنفوس منذ ما قبل عام ١٩٤٥م. يعتبر أجنبيا ولم يجنس واضيف له.اولادهم وأجانب آخرين. كان عددهم حينها يقدر بنحو 25 ألف نسمة، والأرقام الكردية تتحدث لاحقاً عن 120-150 ألف نسمة، أما بيانات الحكومة السورية في التسعينات فقد تحدثت عن ١٢٠ الف نسمة لم يحصلوا على الجنسية. وبعد الثورة السورية منح النظام الجنسية للأكراد. في محاولة للإلتفاف على الثورة السورية وتحييد الأكراد وعدم مشاركتهم فيها.
كما صنع الأكراد مظلومية أخرى بحقهم فقد طرح القوميون الأكراد مقولة الهولوكوست عن ما حصل في حريق سينما عامودا حيث مات عدد من الأطفال في سينما وسميت مذبحة. واعتبرت عمل عنصري مستهدف منه الاكراد. وكان ذلك عام ١٩٦٠م. السينما بيت طيني متواضع والسينما بدائية وما حصل كان نتيجة الإهمال. وكان بين الأطفال أبناء مسؤولين في عامودا. يعني أن ما حصل لا يعني مذبحة للأكراد ابدا.
- الانفصاليون بين الاتهام والواقع.
لم يكن نضال الأكراد في العراق فيما بعد حكم صدام وطلبهم للحكم الذاتي مع ادعائهم الحفاظ على وحدة العراق. إلا مجرد خطوة في طريق الانفصال واعلان الدولة. فلم يكتفوا بالحكم الذاتي بل طرحوا الإنفصال وتشكيل الدولة وحصل استفتاء ونجح في تقرير تشكيل الدولة، لكنه لم ينفذ قانونيا لعدم حصول القبول الإقليمي والدولي له. وكذلك الحال بالنسبة لسورية حيث يطرح الأكراد بجناحيهم العمال الكردستاني والمجلس الوطني الكردي مقولة بناء دولة كردية او الاكتفاء بالحكم الذاتي مرحليا.
- مسوغات الايديولوجية الكردية.
اولا- المسوغات السياسية والقوانين الدولية:
١- يتحدث الأكراد السوريون عن كونهم القومية الثانية في سورية بعد العرب، معتمدين على ما حصل بالعراق، مع غياب أي إحصاء رسمي. وسعيا منهم للحصول على امتيازات القومية الثانية. وهذه مغالطة قومية.
٢- كذلك مغالطة حق تقرير المصير، التي ثبتت بالقانون الدولي للمناطق المستعمرة، او لمن خضع للاستعمار بعد عام ١٩٤٥م. توقيت إقرار القانون دوليا. أو في حالة الدولة الاتحادية. وهذا كله غير منطبق على سورية. ولا حق تقرير مصير لهم في سورية وفق القانون الدولي.
٣- مغالطة النسيج المجتمعي الفسيفسائي. وان سورية مجرد تجمع قومي ديني طائفي متنوع. وتم تغييب الهوية العربية الجامعة التي ينتمي اليها اغلب السوريين.
- الفدرالية في خطاب أكراد سورية.
تحدث الكاتب عن مفهوم الفدرالية وانه يعني اتحاد دول أو ولايات في دولة سياسية واحدة، ونموذجها الولايات المتحدة الأمريكية. او من تفكك دولة موحدة ومن ثم اتحادها فدراليا كما حصل في الاتحاد الروسي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. أما في سورية فهي اصلا دولة واحدة بسيطة ، ولتكون فدرالية يتطلب وجود أقاليم مختلفة ومتميزة، وهناك رغبة بالإنفصال والاتحاد الفدرالي. حيث لا يوجد في سورية هذا التجانس في اقليم واحد يطرح تفكيك الدولة الواحدة؛ الانفصال، ومن ثم العودة للفدرالية.
- اللامركزية الإدارية والسياسية.
حيث تختص اللامركزية الادارية بالمسؤوليات الإدارية ضمن المركز والأطراف. أما السياسية فهي تعني حرية التصرف سياسيا، فقد يكون لها قانون ودستور ومجالس تشريعية وقضاء خاص لكل ولاية.
- الفيدرالية حلا لأكراد سورية.
باستثناء صلاح بدر الدين وحزبه الذي طرح منذ ١٩٨٠م موضوع حق تقرير المصير للأكراد السوريين. كان مطلب الأكراد السوريين حتى ماقبل احتلال العراق ينصب على الحقوق الثقافية وتعلم اللغة الكردية وحق التجنيس. وبعد قيام الثورة السورية عام ٢٠١١م ارتفعت المطالب الى حكم ذاتي وإدارة ذاتية وفدرالية. حيث طرح المجلس الوطني الكردي وأحزابه المدعومة من البرزاني. شعار “الفدرالية مطلبنا”. أما حزب العمال الكردستاني ومثله في سورية حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ypg. فقد طرحوا فيدرالية غرب كردستان في عفرين وعين العرب والحسكة. مع العلم أن الطرفين مختلفان متصارعين.
- عوائق الفيدرالية في سورية.
١- العائق الجغرافي حيث يوجد فواصل جغرافية بين عين العرب وعفرين والحسكة لا يتواجد بها أكراد بل يسكنها عرب. يعني لا امتداد جغرافي للأكراد في سورية.
٢- العائق الديمغرافي. حيث النسبة العددية للأكراد باستثناء عفرين التي يمثلون اغلبية فيها. وعددهم ٢٠٠ ألف نسمة، فهم يمثلون أقلية في عدد السكان حيث يقطنون في المناطق الاخرى، فهم في الحسكة ٢٨بالمئة، وفي عين العرب ٤٥ بالمئة.
٣- هناك عائق دستوري في سورية حيث لا نص دستوري يعطي أي حق لحصول هكذا فدرالية. وكذلك هناك عائق قانوني حيث سورية وفق قانونها دولة واحدة وليست فدرالية وتحويلها للفدرالية غير ممكن. وإن الاستعانة بالتدخلات الخارجية يزيد من تعقيد المشكلة وليس حلها.
كما رفض الأكراد فكرة دولة المواطنة المتساوية في سورية. واعتبروها مجرد غطاء لاعادة هيمنة الأغلبية العربية على الشعب السوري وإقصاء للأكراد.
- الجغرافيا البشرية لأكراد سورية:
١- الوجود الكردي في سورية بعضه قديم منذ قرون اقترن مع الدول التي تشكلت به وحصول هجرات كثيرة إليها مع تواجد للقوى العسكرية التابعة لهذه الدول. اغلبهم استعرب.
٢- كذلك الأكراد الذين تواجدوا في سورية في المرحلة العثمانية مع جيش الدولة أو بالهجرات الذاتية. كذلك استعرب اغلبهم.
٣- الأكراد المحافظين على هويتهم الكردية واغلبهم على الشريط الحدودي بين سورية وتركيا في ريف الجزيرة وعين العرب وعفرين. كانوا يتكلمون الكردية والعربية، بسبب تواصلهم مع العشائر العربية جوارهم. بعضهم استعرب. زاد حضورهم وتكتلهم بعد حصول الهجرات الكردية من تركيا بعد تشكيل الدولة التركية على أنقاض العثمانيين وثورة سعيد بيران عام 1925 ١٩٣٥م وماتلاها.
- أكراد سوريا التوزع، العدد، النسب المئوية.
استعرض الكاتب عدة مصادر أشارت إلى تقديرات الأكراد، معظمها يشير إلى أرقام تتراوح بين 7-8% من مجموع السكان. بينما تحدث الأكراد عن أن نسبتهم بين ١٠بالمئة و١٨ بالمئة. وأن عددهم بين ٣ و٥ مليون نسمة من عدد السكان في سورية. واستنادا على ذلك اعتبروا أنفسهم قومية ثانية في سورية، وبرروا مطلبهم بالحكم الذاتي وحتى حقهم بالإنفصال لاحقا.
لذلك قام الكاتب بالإعتماد على إحصاء عام ٢٠٠٤م للنواحي والقرى، مع فريق عمل زاد عن ١٠٠ شخص، بإنجاز دراسة ميدانية لمناطق الحسكة، طورها الكاتب بدراسة لكل من منطقتي عين العرب وعفرين للوصول إلى تعداد تقريبي للأكراد والعرب وبقية مكونات الشعب السوري في كل المنطقة، وبدقة علمية عالية وبمصداقية يشكر عليها. لقد درسوا بالتفصيل المنطقة ونواحيها وقراها وتوصلوا الى نتائج في كل منطقة ونحن هنا لن ندخل في التفاصيل ويهمنا النتائج وكانت على الشكل التالي:
بالاعتماد على إحصاء ٢٠٠٤م، سيكون عدد سكان سورية تقريبا ١٨ مليون نسمة. ويكون عدد الأكراد في سورية ٩٣٧ الف نسمة تقريبا. وتكون نسبتهم المئوية ٥,٢٣ بالمئة من عدد سكان سورية. وضمن هذه النسبة العددية مع غياب الامتداد الجغرافي والديمغرافي للأكراد في سورية تسقط المبررات التي يدعيها الأكراد لتحقيق مطلب الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الإنفصال عن سورية الدولة الأم.
هذا مع العلم أن الإحصاء الذي اعتمده الكاتب مع فريقه كان متساهلا جدا مع النسب العددية للأكراد في حلب والأكراد الذين استعربوا وحسبوا مع المجموع العام للأكراد.
- تطور الحركة الكردية في سورية.
١٩٤٦ – ٢٠١٨م
١- الحركة الكردي قبل حقبة الأسد.
١٩٤٦ – ١٩٧١م.
تعود هذه المرحلة الى بداية تشكل الاحزاب الكردية في العقد الأول بعد الاستقلال السوري يعني بين عامي ١٩٤٦و ١٩٥٦م. حيث كان حزب خويبون الذي تشكل منذ الاستعمار الفرنسي بين الاكراد والارمن المهاجرين من تركيا، تحدثنا عنه سابقا. هؤلاء استمروا بعد انقسامهم بين ارمن واكراد وتوقف عملهم الحزبي. لكنهم استمروا يحملون الهم الكردي. كما كان للنشاط الكردي في إيران دور أساسي في تفعيل النشاط السياسي الكردي بين أكراد سورية. حيث امتد حزب “شورش” الحزب الشيوعي الكردي في ايران نشاطه الى اكراد سورية في القامشلي. وكذلك “خيوى” للطلاب الشيوعيون الأكراد،. وكذلك حزب “رزكاري كرد” وهو حزب يساري كردي تأسس عام ١٩٤٦م وهذه كلها منشأها إيران وامتدت إلى اكراد سورية. وهناك ايضا الشبيبة الاسلامية الكردية ومقرها عمان الاردن. والحزب الديمقراطي الكردي ومقره السليمانية وهذه ايضا ظهر امتداد لها بين أكراد سورية.
كما تطورت مطالب الأكراد في هذه الفترة. حيث كانت مطالب خويبون العودة إلى كردستان في تركيا وتحريرها. لكن وبعد إعلان جمهورية مهاباد الكردية في إيران وسقوطها بعد أشهر وذلك بعد رفع دعم السوفييت عنها. ولجوء مصطفى البرزاني الى السوفييت وتحوله الى رمز قومي كردي. فقد ارتفع السقف الكردي وأصبحوا يطالبون بكردستان الممتدة بين إيران والعراق وتركيا. يطالبون بتحريرها وتوحيدها. واعتبروا أن هناك اكراد ايضا في سورية وبعض الدول السوفيتية ولم يدخلوها في مشروعهم القومي الكردي.
- تأسيس أول حزب كردي في سورية.
تأسس أول حزب كردي سوري على يد عثمان “اوصمان” صبري اللاجئ من ايران عام ١٩٥٦م. وسمي الحزب الديمقراطي الكردي في سورية، كان من رموزه عبد الحميد درويش وحمزه نوران وصبري. كان جلال الطالباني داعما لتشكيل الحزب منذ إعلان الحزب عام ١٩٥٧م حتى عام ١٩٧١م. مر الحزب والحركة الكردية السورية بعدة انشقاقات تمخض عنها أحزاب جديدة. كان الاختلاف على الزعامات في بعضها. وعلى التوجه السياسي بين يسار ويمين. توجهات جذرية تطالب بتحرير كردستان وتوحيدها. حيث ضموا الجزيرة السورية وعفرين وعين العرب إلى ارض كردستان. فقد حصل أول انشقاق عام ١٩٦٠م بعد اعتقال قادة الحزب واختلافهم في السجن.
كانت مرجعية الحزب الديمقراطي الكردي جلال طالباني . بينما كانت بقية الأحزاب تتبع مرجعية مصطفى برزاني بعد عودته من السوفييت بعد ثورة العراق عام ١٩٥٨م. زادت الأحزاب الكردية و يضاف على تسمياتها. يساري أو تقدمي.
كان جوهر الخلاف السياسي هو في الموقف من النظام السوري. بين من يتحالف معه ويريد حقوق ثقافية وحكم ذاتي. او من يريد تحرير كردستان كاملة وتوحيدها بما فيها كردستان سورية. وهذا ما سوف يتبلور في عهد حافظ الأسد.
- الأحزاب الكردية في عهد حافظ الأسد. (١٩٧١- ٢٠١١م).
يذكر الكاتب أن حافظ الأسد ونظامه كان حاضنا للأحزاب الكردية المشكلة داخل سورية، وتلك التي تواجدت في العراق. وكذلك التي عملت لتمتد في تركيا. لقد رعاها النظام السوري لتحقيق هدفين: الأول لخلق عمل سياسي وعسكري كردي معادي لصدام حسين في العراق وللدولة التركية. فقد احتضن الأسد البرزاني والطالباني بحزبيهما العراقيين. كما حضن منذ الثمانينات عبد الله اوجلان الذي انشأ حزب العمال الكردستاني ضد الدولة التركية. والهدف الثاني امتصاص الاندفاع الكردي السوري وتوجيهه للخارج. مع منع أي نشاط كردي داخل سورية ينبئ بأي طموحات قومية كردية داخل سورية.
كم يتوسع الكاتب في هذا الفصل في واقع الأحزاب الكردي عن نشأتها وتاريخها وانشقاقاتها، وهي متماثلة، تختلف فقط في فرز قيادات جديدة.