الأسد بين جويل ريبورن وسيرغي لافروف

بشير البكر

بشرّنا المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جويل ريبورن بإمكانية انهيار النظام السوري. وقال في مقابلة على قناة الحرة قبل أن يستقيل من منصبه مطلع هذا الأسبوع “لا يجب أن يتفاجأ الجميع إذا بدأ النظام السوري بالانهيار بسرعة.. قدرته على الاستمرار أصبحت أضعف”. لم يجزم المسؤول الأميركي، لكنه لا يتكلم من فراغ، فهو على اطلاع على الملف السوري بحكم موقعه منذ عام 2018 كمساعد للمبعوث السابق جيمس جيفري الذي ذهب إلى التقاعد منذ حوالي شهرين. ومن اللافت جدا أنه قدم جردة صريحة عن الموقف في سوريا، وسبقه إلى هذا جيفري بعد أن ترك منصبه، حيث أدلى بحديث إلى موقع المونيتور لم يترك فيه جانبا غامضا في المسألة السورية.
عادة، يتحدث المسؤولون الأميركيون بقليل من الصراحة حين يتحللون من ثقل المسؤولية ويغادرون مناصبهم، وما فعله جيفري وريبورن هو أنهما ذهبا بعيدا في الصراحة حتى إنهما تجاوزا خطوط الديبلوماسية. وحين يقول ريبونرن إن “النظام السوري بدأ يتعامل من ابن بشار الأسد كولي للعهد، كما تحولت زوجته أسماء من رمز للموضة إلى ما يشبه زعيمة المافيا هي وعائلتها”، فإنه بذلك لا يطلق تقييما دبلوماسيا أو يرد على سؤال صحفي، بل هو يقول ما يتردد على ألسنة السوريين الذين شردهم هذا النظام ودمر بيوتهم وصادر أرزاقهم. كلام ريبورن ليس تشخيصا للحال، بقدر ما هو عزاء وتعاطف مع الشعب السوري الذي تخلى عنه المجتمع الدولي.
قليلا من الأمل بانهيار سريع للنظام السوري لا يضر، بل هو مطلوب لملايين السوريين الذين صار مستقبلهم مرتبطا برحيل هذا النظام الضالع بالجرائم ضد الإنسانية، وصار ثابتا أن لا أحد من السوريين الذين غادروا سوريا أو لجؤوا إلى مناطق أخرى في الداخل، لديه استعداد أن يرجع إلى بيته إلا إذا رحل هذا النظام الذي لم يترك جريمة إلا وارتكبها. وإذا نظرنا إلى سكان المخيمات في دول الجوار وداخل سوريا، سنجد أن هناك إجماعا على قبول أقسى الظروف، مقابل رفض قاطع للعودة والحياة في ظل نظام الأسد.
وأمام رؤيا ريبورن التي قد تبدو حالمة، ولكنها مشروعة، هناك البروباغندا والدعاية لإعادة تأهيل النظام. هذا ما ينشره الروس كل يوم على ألسنة ديبلوماسييهم الذين يقودهم محترف التزوير وزير الخارجية سيرغي لافروف، الرجل الذي تطوع منذ بداية الثورة السورية للدفاع عن نظام الأسد، وصرف هذا المتعهد خلال عشر سنوات 50 % من جهده الدبلوماسي على الدفاع عن الأسد. وهذا أمر ليس بغريب من نظام استثمر في الأسد بلا حدود. صرف عدة مليارات من الدولارات لتعزيز اقتصاده المنهار، وهو ينشر جيشه على امتداد الجغرافيا السورية. كل هذا سيتبخر في اللحظة التي سيغادر فيها الأسد الحكم، ولن تخسر روسيا فقط رصيدها الراهن في سوريا، بل كذلك المستقبلي، ولن يتخلى السوريون عن مقاضاتها أمام المحاكم الدولية، بوصفها مسؤولة مباشرة عن كل الدمار الذي حصل في سوريا منذ تدخلها العسكري في أيلول 2015. وتذهب موسكو اليوم في الإعداد لانتخابات رئاسية في سوريا في منتصف هذا العام من أجل التمديد للأسد في ولاية رئاسية جديدة، وهي تتحدى بذلك إرادة السوريين، وتقفز فوق اللجنة الدستورية والقرار 2254. ومن المفروض أن تجري الانتخابات المرتقبة وفق دستور جديد وعلى أساس القرار 2254.
وفي وقت تسود سوريا حالة من اللاحرب حاليا، فإن ذلك لا يعدو أن يكون استراحة بين جولتين تعطي فيها موسكو الأولوية لمعركة الانتخابات الرئاسية، والتي ستكون محطة مفصلية في القضية السورية.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى