ملخص بحث للأكاديمي الدكتور محمود الحمزة
في مؤتمر أكاديمي سياسي دولي نظمه مركز “أوروبا- الشرق الأوسط” في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية
موسكو 10 ديسمبر/كانون الأول 2020
* استهله بمقدمة عن الوضع في سورية:
– ملايين السوريين بين شهداء ومهجرين وفي السجون ومقعدين ومختفين ( مغيبين ) قسرياً.
– تغيير ديموغرافي واسع: نصف سكان سورية (13 مليون) تم تهجيرهم إلى خارجها أو نازحين في الداخل السوري.
– تم تدمير 50% من البنيية التحتية للبلاد.
– اكثر من 90% من السوريين تحت مستوى خط الفقر.
– ملايين الأطفال السوريين لا يعرفون غير الحرب ولم يعد يفهموا سوى لغة السلاح والقصف بالبراميل المتفجرة والنزوح والسجون واستشهاد اعز الناس إليهم، وهم يعيشون في الخيام في ظروف لا إنسانية.
– ورغم من كل تلك الكوارث والمآسي لم تنضج الإرادة السياسية لدى الدول الكبرى المؤثرة في سورية وهي الولايات المتحدة وروسيا لكي يقدموا حلا وقعيا مقبولا للازمة.
– يوجد قرارات جنيف- 1 (2012) والقرار 2254 (2015) لمجلس الامن الدولي ولكن لا يوجد من لديه الرغبة والإرادة لتطبيقهما وخاصة نظام الأسد، الذي لا يعترف بكل هذه القرارات ويعتبر نفسه منتصرا في الحرب وبالتالي فهو غير مضطر لتقديم تنازلات من وجهة نظره.
* مواقف القوى الدولية والإقليمية في سورية منذ 2011:
1- الولايات المتحدة :
– السمة الأساسية للسياسة الأميركية في سورية هي إدارة الأزمة وليس حلها (والدليل انها كانت تعيق تقدم الجيش الحر ولم ترغب بإزاحة الأسد برغم العديد من الفرص المتاحة لاسقاطه وهذا يتفق مع الرغبة الإسرائيلية في إبقاء الأسد كونه خدم إسرائيل لمدة 40 سنة )
– فالتهديد الأميركي برحيل الأسد والخطوط الحمراء المرتبطة باستخدامه للسلاح الكيماوي (ومقتل ما يقارب الفين طفل وامرأة وشيخ في الغوطة الشرقية في صيف 2013) لم يتم الالتزام بها.
– تم الاتفاق على نزع السلاح الكيميائي من النظام بضمانة روسية ولكنه لم يسلم كل الكميات والدليل استخدام النظام للغازات السامة في 2017 والتي تم اثباتها من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية.
– اتضح ان هناك تفاهم أميركي إسرائيلي روسي على عدم السماح باسقاط الأسد (القمة الأمنية الاميركية الإسرائيلية الروسية في صيف 2019 في إسرائيل)
– الولايات المتحدة خلقت مشكلة كبيرة في شرقي الفرات كونها استخدمت قوات كردية لمحاربة داعش ودعمتها بالسلاح والمال فسيطرت على الجزيرة وشرقي الفرات وبالتالي فواشنطن تتحمل مسؤولية خلق مشكلة كبيرة هناك لأن قوات قسد تابعة لحزب العمال الكردستاني المصنف كتنظيم إرهابي. والحقيقة أن قوات قسد وكل ما يتبع حزب العمال الكردستاني في سورية من تشكيلات سياسية ومسلحة تلعب دورا تخريبيا وتدميريا وتنتهك حقوق الناس (وخاصة العرب حيث يشكلون 85% من سكان شرقي الفرات) وتنهب خيراتها النفطية والزراعية ولديهم ميول انفصالية معلنة.
2- الاتحاد الأوروبي :
– الموقف الأوروبي للأسف كان ضعيفا وتابعا للموقف الأميركي ومتسقاً معه .
– والميزة الأساسية للسياسة الأوروبية هي استقبال مئات الالاف من اللاجئين السوريين وارتبط ذلك بظروف معقدة تخص التصعيد من قبل الشعبويين واليمين الأوروبي ضد استقبال اللاجئين.
– واقترنت موجات اللجوء إلى أوروبا بحملة إعلامية قذرة في روسيا تتهم السوريين بأنهم أولا هربوا من داعش (علما ان اغلبهم هرب من قصف الطيران الأسدي والروسي) واتهموا الهاربين من الجحيم في سورية بأن اغلبهم يريد تحسين وضعه الاقتصادي وانهم سيئون وسلوكهم غير حضاري. والواقع يثبت عكس ذلك.
3- الموقف التركي :
– في بدايات الثورة سمعنا تصريحات قوية من القيادة التركية لصالح الشعب السوري وضد جرائم الأسد
– وسرعان ما جابهت تركيا عددا من التحديات والمشاكل الجدية: التجاذب مع الاتحاد الأوروبي ومع حلف الناتو- اسقاط طائرة حربية روسية عام 2015 وتجميد العلاقات مع روسيا لمدة سنة تكبدت فيها تركيا خسائر اقتصادية تقدر بالمليارات)- محاولة انقلاب فاشلة في تموز 2016 ومحاولة ضرب الاقتصاد التركي (من خلال ضرب الليرة ) – ومقتل السفير الروسي في تركيا- وكذلك اغتيال لإعلامي السعودي جمال خاشقجي وغيرها من المشاكل.
– فأصبح الهم الأكبر لتركيا هو حماية أمنها القومي وعدم السماح لحزب الاتحاد الديمقراطي التابع لحزب العمال الكردستاني واستطالاته المختلفة من إقامة كيان انفصالي على الحدود الجنوبية لتركيا (الإدارة الذاتية لقسد نشرت في الكتب التعليمية في الجزيرة وشرقي الفرات خرائط لكردستان تشمل 40 % من الحغرافيا السورية). ولذلك ساهمت في دعم الموقف الروسي منذ أواخر 2016 عندما نظمت لقاء للروس مع الفصائل المسلحة في أنقرة وتبعها في بداية 2017 مفاوضات استانا التي أعطت نتائج كارثية على الثورة السورية واخطرها اتفاقيات خفض التصعيد واستعادة روسيا والنظام لثلاث مناطق مهمة لسيطرة النظام.
4- الموقف الإيراني:
– السياسة الخارجية لنظام الملالي في إيران تقوم على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية (لبنان- العراق- سورية- اليمن- فلسطين)
– حزب الله اللبناني يعلن صراحة انه يتلقى الدعم والتمويل من إيران وهو تابع لإيران ولا تهمه دولة لبنان بل الدولة الإسلامية الشيعية العالمية بقيادة ولي الفقيه. ولذلك ارتكب جرائم بحق السوريين ويشارك في القتال في العراق واليمن ويهيمن على الوضع السياسي والأمني في لبنان وهو يمارس الفساد والاتجار بالمخدرات.
– تغلغلت إيران في سورية وتشييع الناس وتجند الأطفال وتهيمن على مؤسسات امنية وعسكرية وحكومية واجتماعية واقتصادية. وبالتالي فإيران مسؤولة عن نشر النعرة الطائفية واستخدامها لصالح مشروعها الفارسي.
5- الموقف الروسي:
– وقفت روسيا مع إيران لدعم النظام السوري ولكن للأسف لم تحافظ روسيا على وحدة سورية ولا على سيادتها ولا على استقلالها فالبلاد تعيش كارثة اقتصادية ومعيشية واجتماعية وصحية بسبب سياسة نظام الأسد وحلفائه.
– فماذا ستفعل روسيا مع الأسد شخصية هزيلة ارتكبت جرائم كبرى ضد الشعب السوري وهو قاد البلاد الى الدمار ووجوده يعني بقاء عدم الاستقرار.
– حتى تصريحات الأسد التي يتهم فيها السريان بخطرهم على العروبة والإسلام هي تحريض مباشر ضد السريان والمسيحيين فماذا تقول روسيا لحليفها الأسد، الذي يدعي حماية الأقليات وروسيا كذلك.
– السياسة الروسية في سورية وصلت الى طريق مسدود لأنها لا تستطيع ان تضمن مصالحها بوجود الأسد.
– إعادة إعمار سورية التي تحلم بها روسيا لن تتم بدون اجراء تغييرات سياسية حقيقية لأن الدول الغربية والخليجية تصرح بأنها لن تمول الاعمار الا بتطبيق قرار مجلس الامن 2254 الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية (وهذا يجب أن يكون بدون الأسد)
– ما نلاحظه في المواقف الروسية أنها تتناغم مع السياسة الأميركية في نهاية المطاف (وافقت أميركا على نتائج مفاوضات استانا كلها وعل تشكيل اللجنة الدستورية ومقررات مؤتمر سوتشي وعلى التدخل العسكري الروسي في 2015).
– موسكو لم تقدم أي حل سياسي للوضع في سورية بل سعت دائما لإبقاء الأسد وتلميع صورته وهذا يحملها مسؤولية ما جرى في سورية من دمار هائل وجرائم ضد الانسانية.
– من الغريب وغير الأخلاقي أن نسمع من القادة الروس انهم جربوا 350 صنفا من الأسلحة في سورية ودربوا عشرات الالاف من الضباط في سورية. فهل سورية والسوريون حقل تجارب؟
الاستنتاجات:
– لا يمكن حل الازمة في سورية من دون إرادة سياسية لدى أميركا وروسيا وتركيا.
– لا يمكن حل المشكلة في سورية بشكل عادل بدون تطبيق قراري مجلس الأمن الدولي 2118 و 2254
– يجب على روسيا ان تدرك ان مصالحها الحقيقية هي مع الشعب السوري وليس مع عائلة الأسد ونظامه الفاسد (بوتين قال مرة ان بقاء عائلة في السلطة 40 عاما ليس امرا عاديا).
– من يبني امالا على الانتخابات الرئاسية في سورية في صيف 2021 ، ويعتقد انها ستحل المشكلة فهو واهم لان أي انتخابات بوجود الأسد واجهزته الأمنية لا معنى لها. وقد تعود السوريون على مدة نصف قرن كيف تجرى الانتخابات بشكل صوري وتعد نتائجها مسبقا.
– ويعتبر السماح للأسد بدخول انتخابات جديدة في سورية بمثابة جريمة كبرى بحق الشعب السوري ودماء مئات الاف الشهداء
المصدر: سوريتنا