المحلل السياسي “أحمد مظهر سعدو”: احتمالات الحرب قائمة في إدلب.. وتركيا لن تتخلى عنها

يبدو أن التفاهمات المتعلقة في منطقة إدلب السورية، بين روسيا وتركيا، سالكة نحو التطبيق المتفق عليه، مع بداية العام الجديد 2021، والذي من المعتقد أنه سيمحو جميع العراقيل التي واجهت الطرفين في إدلب، والتي بدأت بخسائر في صفوف الجيش التركي بقصف للنظام وروسيا، وحصار نقاطه وقضم مناطق شاسعة بريف إدلب وحلب. وفي تطور جديد يعكس التفاهمات الحالية بين الروس والأتراك في إدلب، بدأت الأخيرة مؤخراً بإرسال المزيد من القوات من “جنود وآليات” إلى المنطقة، وزادت من تواجدها بالمنطقة وخاصة في التلال الحاكمة في جبل الزاوية جنوبي إدلب، فضلاً عن إرسال مئات المحارس والكتل الاسمنتية إلى المنطقة، والتي كثرت عقب انتهاء سحب نقاط المراقبة المحاصرة من مناطق النظام السوري.
محارس على طريق M4
أرسلت القوات التركية خلال الساعات الماضية مئات الشاحنات المحملة بالكتل والمحارس الأسمنتية، إلى طريق “حلب – اللاذقية” (M4)، جنوبي إدلب، وبدأت بنشرهم على طول الطريق الواصل من منطقة “ترنبة” قرب سراقب بريف إدلب، حتى “عين حور” بريف اللاذقية، الأمر الذي اعتبره ناشطون أنها “مرحلة جديدة” لتركيا في إدلب، ورجحوا أنها بدأت بالعمل لفتح الطريق التجاري M4، عقب فشل الطرفين في تسيير دوريات مشتركة على طوله، بسبب التفجيرات والهجمات المسلحة.
ولكن مصدر عسكري رفيع في المعارضة السورية، كشف لشبكة بلدي نيوز، أن هدف القوات التركية من إدخال المحارس إلى منطقة طريق “M4” هو لحماية وإصلاح الجسور المتواجد على الطريق من الاستهداف أو التفجيرات، وأن من سيتولى هذه المحارس هي القوات الرديفة للقوات التركية المتواجدة في منطقة إدلب وتحديدا المتواجدين في منطقة M4.

مستقبل إدلب
يقول الصحفي والمحلل السياسي، أحمد مظهر سعدو، لوكالة ثقة، لا يبدو أن في نية الدولة التركية التخلي عن إدلب في المنظور القريب، وكل ما تقوم به حتى الآن يشير إلى نيتها حماية ما تم إنجازه من اتفاق في العام الفائت وأعلن عنه بتاريخ 5 آذار/مارس 2020، وهو أفضل ما جرى حتى الآن للشعب السوري في الشمال قياساً مع ما سبقه من قضم لغير بلدة أو مدينة في الشمال السوري.
واعتبر سعدو في حديثه لثقة، أن التوافقات التركية الروسية وكذلك الاختلافات بينهما في غير مكان تُبين أن لا اتفاق ناجز كلي وجاهز ودائم، بل هناك تفاهمات تبدأ في إدلب ولا تنتهي في ليبيا أو (ناغورني كرباخ) أو (عين عيسى).
وأكّد على أن المشهد في إدلب يشير إلى أن اتفاق 5 آذار/مارس، مازال قائما وأن الاستمرار بما أنتجه باق ومتواصل ولا من شيء آخر على الأرض يشير إلى غير ذلك.
وأشار إلى أن التدخلات الإيرانية بين الفينة والأخرى تؤكد أن السياسة الإيرانية في سوريا لا تستقر على شيء، وأنها قد لا تتوافق مع التفاهمات الروسية التركية، ومن ثم فإن احتمالات الحرب قائمة، ولكن بدون أن يكون هناك إمكانية لتغيرات كبرى في الحالة الأمنية أو العسكرية بل هو استمرار للاختراقات الحاصلة للاتفاق، ودون القدرة على إحداث خرق كبير في مجريات الأمور، حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود، مشيراً أنه بعد استلام الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور في 20 كانون ثاني/ يناير الحالي، والتي لا يظهر حتى اليوم أن لديها خيارات أخرى بائنة للواقع السوري عموما والدور الأميركي بالضرورة فيه وعبره.
واعتبر المحلل السياسي، أن المرحلة القادمة لتركيا قد تكون عبر الاستغناء كلياً عن الدوريات الروسية التركية المشتركة والاستعاضة عنها بنقاط مراقبة تركية جديدة في العديد من النقاط الاستراتيجية العسكرية القريبة والحامية للمنطقة بالقرب من M4.
الدور الروسي
تعتبر روسيا منطقة إدلب شمال سوريا، حتى اليوم “بقعة متوترة وبعيدة عن الاستقرار”، وهو ما جاء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، في مقابلة مع وكالة “ريا نوفوستي” الروسية، الاثنين الفائت.
ورغم أنها تغيب بشكل كامل عن المشهد على الأرض المحيطة بالطريق الدولي “M4″، إلا أن هدير طائراتها لا يتوقف من أجواء المحافظة، سواء الطائرات الحربية أو طائرات الاستطلاع التي تجوب الأجواء في كل الاتجاهات.
وكما في المقابل، لم تعرب موسكو عن أي موقف من التحركات التركية الجديدة على طرفي “M4″، سواء سلباً أو إيجاباً، وخاصة أنها كانت قد هددت سابقا بشن عمليات عسكرية، بذريعة أن أنقرة لم تلتزم ببنود اتفاق “سوتشي”، بفتح الطريق الدولي، وإبعاد فصائل المعارضة و”هيئة تحرير الشام” من محيطه.
إدلب والصفقات المحتملة
وكان اعتبر الصحفي السوري “ماجد عبد النور” في حديث لوكالة ثقة يوم الأمس الاثنين، أن التعزيزات العسكرية التركية نحو إدلب هدفها حماية الجنود الأتراك وفرض واقع معزّز “عسكريا وسياسياً”، من هجوم روسي أو إيراني مُحتمل على الشمال السوري، وخوفاً من تكرار سيناريو العام الفائت، والذي كلّف الجنود الأتراك خسائر في العدّة والعتاد، بسبب تواجدهم الضعيف في المنطقة والذي قابله قوة روسية ضخمة أدت لمحاصرة نقاطه وانسحاب بعضها، ووضع الجانب التركي في واقعٍ حرج”.
وعن مستقبل جبل الزاوية جنوبي إدلب، أكّد عبد النور، حينها أن تركيا لن تتخلى عن منطقة “جبل الزاوية” في الشمال السوري، إلّا في صفقة وصفها ب”الكبرى”، مشيراً أن “وجود الجيش التركي بهذه الكثافة في المنطقة يُشير إلى أن تركيا تريد خوض معركة لن تكون سهلة، وفرض صفقات على روسيا في سوريا أو رسالة عسكرية
وعن مصير مدينة إدلب، قال: “ربما مستقبل إدلب أكبر من الحجم التركي والروسي، مرجحاً أن يكون قرار مستقبلها عائد إلى الجانب الأمريكي”.
وسبق أن اعتبر موقع “ميدل إيست آي”، في تقرير له، أن أنقرة باتت تخشى من استخدام القوات التركية المحاصرة في إدلب كورقة ضغط ضدها لو قرر النظام السوري القيام بعملية عسكرية جديدة. وجاء في التقرير وقتها تعليقا عن بدء تركيا بسحب نقاطها المحاصرة في مناطق النظام السوري.
ونقل الموقع عن مصادر قولها إن أنقرة تهدف للتخلص من المخاطر المحتملة ومظاهر الضعف في إدلب وتجنبا لحملة تقوم بها  قوات النظام السوري بدعم من روسيا.
من جانبها، ترى مصادر متعدد، أن الانسحاب لا يعتبر إشارة ضعف وهي (حركات وقائية)، فإذا بدأت مواجهات في الأيام المقبلة فلن يستطيع النظام السوري استخدام هذه القوات كورقة ضغط.
وأضاف المصدر، هناك حضور واسع للميليشيات السورية خاصة المؤيدة لإيران في المنطقة وهي ليست تحت السيطرة، وأن اتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا في 2017 ليس موجودا إلا على الورق.
وسبق أن أكّد مسؤول تركي سابق أن المواقع فقدت قيمتها كرادع عسكري منذ وقت، ويعتقد المسؤولون الأتراك أن روسيا تشعل نزاعا في إدلب وبأي لحظة، لأنها لا تريد ترتيبات طويلة الأمد كفيلة بتحقيق الاستقرار بالمنطقة.
خروقات النظام السوري
أحصى فريق منسقو استجابة سوريا في الرابع من كانون الثاني الجاري، والمصادف يوم الأمس الاثنين، ملخص للأحداث الميدانية في شمال غرب سوريا لعام 2020 الماضي، ووثق 6091 استهداف ارضي وجوي للنظام وروسيا على منطقة إدلب، 1420 من الإستهدافات قبل اتفاق وقف إطلاق النار، و4671 بعد الاتفاق اَنف الذكر، كما وسجل مقتل 503 أشخاص، 443 منهم قبل وقف إطلاق النار، و60 بعد الاتفاق، بينهم 265 رجل، و77 سيدة، و143 أطفال، و18 من الكوادر العامل في المجالات الانسانية.
وأحصى أيضاً استهداف 246 من المنشآت والبنى التحتي خلال العام، 209 منها قبل وقف إطلاق النار، و37 بعد الاتفاق، 19 منها مراكز ايواء ومخيمات، و83 منشآت تعليمية، و32 منشآت طبية، و46 مراكز خدمية، و45 دور عبادة، و21 اسواق شعبية.
وكان أكّد مصدر عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير، لوكالة ثقة، أن قوات النظام السوري لا تتوقف عن خرق اتفاق وقف اطلاق النار، شمال سوريا، والساري منذ آذار الماضي 2020، سواء بالمدفعية أو بالطائرات الحربية أو المسيّرة، إضافة إلى محاولات تسلل على محاور الفصائل العسكرية، وأن غرفة عمليات الفتح المبين، ترد على جميع الخروقات، وعلى قصف المناطق الآمنة من قبل قوات النظام.
اتفاق وقف إطلاق النار
تخضع منطقة إدلب لاتفاق بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، وُقّع في 5 من آذار الماضي، ونص على إنشاء “ممر آمن” على طريق اللاذقية – حلب (M4).
وتضمّن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة روسية – تركية على الطريق بين بلدتي ترنبة غربي سراقب (شرقي إدلب) وعين حور بريف اللاذقية، على أن تكون المناطق الجنوبية لطريق اللاذقية- حلب (M4) من الممر الآمن تحت إشراف الروس، وشماله تحت إشراف الأتراك.

المصدر: وكالة ثقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى