هل بوسع الولايات المتحدة إرغام إيران على الخروج من سورية؟

ألمونيتور- ترجمة: ربى خدام الجامع

في مطلع هذا الشهر، تحدثت مسؤولة من إدارة ترامب أمام الكونغرس حول أهداف واشنطن بالنسبة لنتيجة الحرب السورية التي ما تزال في متناول اليد حسب وصفها، وتدور تلك الأهداف حول ضمان هزيمة تنظيم الدولة، وقيام حل سياسي للحرب في سورية التي امتدت لعقد من الزمان تقريباً، وسحب القوات التي تقودها إيران من سوريا، وأعلن المبعوث لسوريا السيد جويل رايبورن أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب بأن: “نفوذنا في سوريا يتعاظم”.
بيد أن مسؤولين مخضرمين في تلك السياسة التي عمرها ثلاث سنوات شككوا في ذلك، لا سيما فيما يتصل بالوجود العسكري الإيراني في تلك الدولة التي مزقتها الحرب، إذ يقول مايكل مولروي وهو نائب سابق لمعاون وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط ضمن مناسبة أقامها مركز أبحاث في 17 كانون الأول الجاري: “هل سنكون أصلاً في مكان لا تمتلك فيه إيران قوات في سوريا؟ هذا ما أطلعني عليه أشخاص أذكى مني في هذا المجال، ولكن لا، هذا لن يحدث”.
والسيد مولروي ضابط قديم في القوات الرديفة التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية وقد عمل في سوريا خلال فترة عمله في البنتاغون، حيث اقترح بأن تقليص نفوذ طهران في الشام لا بد أن يظل أحد الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، إذ قال البارحة: “لعله يتعين علينا أن نجد طريقة أذكى لتحقيق ذلك”.
وحتى اليوم ما تزال إدارة ترامب تراهن على حزمة عقوبات اقتصادية بوسعها أن ترغم قادة إيران على إعادة النظر بالتكلفة المالية لمغامراتهم العسكرية في المنطقة. كما قامت واشنطن بدعم الحملة العسكرية الجوية التي شنتها إسرائيل على أهداف إيرانية في سوريا.
وإلى جانب السيد مولروي، وقف قريب السيد رايبورن الذي استقال من منصبه مؤخراً وهو السفير جيمس جيفري، ليعزو الفضل للحملة العسكرية الإسرائيلية في تكبيد خطوط إمداد العتاد العسكري الإيراني في سوريا خسائر فادحة.
وعلاوة على ذلك، يبقى خروج إيران من سوريا شرطاً مسبقاً لقيام الولايات المتحدة: “بوقف حملتنا الشاملة التي كبدت بشار الأسد الكثير من الخسائر ومنعت الروس والأسد من تحقيق انتصار عسكري” بحسب ما ذكر السيد جيفري لصحيفة ألمونيتور في مطلع هذا الشهر.
وعندما سئل هل تكفي هذه الضغوط فعلاً لإعادة القوات الإيرانية وغيرها من المقاتلين الأجانب التابعين لإيران إلى ديارهم، عبر المبعوث السابق عن عدم اكتراثه بذلك حينما قال: “لدينا سياسة تقوم على نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، فهل هذه السياسة واقعية؟” كما ذكر جيفري يوم الخميس الماضي خلال مناسبة افتراضية أقامها المعهد اليهودي للأمن القومي في أميركا بأنه: “ثمة فائدة معينة من اتخاذ موقف متطرف” وذلك لدعم: “ما قد يصبح سياسة حقيقية واقعية، تقوم على تحييد أي قدرات هجومية لإيران، واستخدام سوريا كمسرح لذلك”، بغية تهديد إسرائيل والسعودية وغيرهما من الشركاء الإقليميين للولايات المتحدة حسبما ذكر.
ويمثل ذلك نجاحاً على أقل تقدير، حسبما ذكر جيفري ورايبورن خلال الأسابيع الماضية، إلا أن إيران ما تزال تحتفظ بنفوذ اقتصادي كبير على نظام الأسد، ويشمل ذلك سيطرتها الكبيرة على الموارد الطبيعية في سوريا. إلا أن الباحثتين إليزابيث دينت وأريان تاباتابي كتبتا في مجلة فورين أفيرز ما يلي: “لقد نجحت إدارة ترامب في تحديد المشكلة، لكنها انتهجت سياسة كل شيء أو لا شيء التي بالغت في تقدير نفوذ واشنطن على طهران إلى حد كبير”، “وهذا النهج لم يتسبب إلا بترسيخ وتمدد نفوذ الجمهورية الإسلامية في سوريا”.
وبالنسبة لبعض الخبراء، لا تتلخص المشكلة بقدرة واشنطن أو عدم قدرتها على الضغط على كل القوى الإيرانية حتى تخرج من سوريا، بل بالطريقة التي ستواصل بها إدارة بايدن المقبلة حملة الضغوط التي أطلقتها إدارة ترامب، بالتزامن مع عودة إشراك طهران في مناقشة قدراتها النووية، إذ يرى مايكل أوهانلون، وهو عضو رفيع في مجال السياسة الخارجية لدى معهد بروكينغز بأنه: “يتعين على بايدن أن يقرر ما إذا كان على استعداد للاستعانة بالنفوذ مع الاتفاق النووي الإيراني لمحاولة إقناع إيران على الانسحاب، إلا أن فريق بايدن يبدو ميالاً للعودة إلى الاتفاق السابق بشروطه، والتي لا تسعى للحد من السلوكيات التي تمارسها إيران في المنطقة. وحتى لو رغب فريق بايدن بإظهار قسوة وتشدد أكبر تجاه طهران، فإن أول شيء منطقي يتعين عليه القيام به هو المطالبة بتمديد الاتفاق النووي زمنياً، دون التعرض لكل النزاعات الإقليمية المتعددة (في المفاوضات)، لأن كل نزاع من تلك النزاعات يحتاج إلى مفاوضات مضنية وطويلة لتحقيق أي تقدم ممكن على هذا الصعيد”.
وخلال الأسبوع الماضي، ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن برنامج الصواريخ البالستية لبلده ونفوذه الإقليمي لا يمكن أن يتحول إلى موضوع للنقاش في أي محادثات ستجري مستقبلاً مع إدارة بايدن حول برنامج طهران النووي.
إذن ما هو المسار الذي ستختاره الإدارة القادمة للتعامل مع الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن، وللميليشيات في العراق ولنظام الأسد؟ لا بد أن الأمر متروك لينظر فيه لاحقاً.
وفي الوقت الحالي، يصور لنا السيد جيفري الموقف الأميركي في سوريا ويصفه بأنه أكثر تقلقلاً مقارنة بما أشار إليه رايبورن مؤخراً.
فقد حدد المبعوث السابق ثلاثة سيناريوهات محتملة قد تفضي إلى وقوع عواقب وخيمة بالنسبة إلى واشنطن في سوريا، أولها أن تسمح روسيا لأنقرة بتجديد الحملة العسكرية التي قامت بها خلال السنة الماضية على قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية التي تقوم الولايات المتحدة بدعمها وذلك في شمال شرقي سوريا، لأن ذلك بنظره لا بد أن يتسبب بحدوث أزمة بين أنقرة وواشنطن، “كما من المحتمل أن يجبر القوات الأميركية على الانسحاب من شمال شرقي البلاد” في سوريا، أي سحب البساط من تحت حملة الضغوط الأميركية ضد الأسد.
وبالمقابل، إذا تحتم على روسيا ضرب القوات التركية ضربات موجعة في شمال غربي سوريا، أي في جيب المعارضة بإدلب، فإن ذلك قد يدفع المسؤولين في أنقرة لاتخاذ قرار سياسي بالتراجع.
أما المسار الثالث للعواقب الوخيمة برأي جيفري فسيظهر في حال عودة إدارة بايدن لما وصفه جيفري بسياسة إدارة أوباما المرحلية تجاه سوريا، والتي لم تصنف ضمن أي نهج استراتيجي تجاه إيران.
ويعلق جيفري على كل ذلك بالقول: “تلك هي الهدية التي تقدمها تلك الإدارة لإدارة بايدن”

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى