وصلت دورية روسية مكونة من عدة عربات ومدرعات الجمعة الماضية إلى بلدة حضر في ريف القنيطرة على الحدود مع الجولان المحتل، بالقرب من خط الفصل المسمى “خط برافو”.
وشوهدت الدورية الروسية وحيدة على طريق الريف الشمالي، متجهة نحو مقرها الواقع غرب بلدة حضر، دون أي وجود لقوات الأسد في المنطقة أو إلى جانب القوات الروسية.
القرار الروسي باستقدام دوريات إلى القنيطرة، جاء في وقت تشهد فيه الحدود حالة “غليان” مستمر، بدأت مع إبطال قواتٍ إسرائيليةٍ مفعول “حقل ألغام”، قالت إنه زُرع على حدود الجولان المحتل من قبل “خلية تخريبية” تابعة لإيران، ردت عليه بقصف مقار فيلق القدس جنوبي دمشق، ولم تنته حتى اليوم، فقوات الاحتلال أعلنت جاهزيتها القتالية بشكل غير مباشر، عبر مناورات عسكرية وتدريبات مكثفة تجريها على الحدود، يُسمع صداها إلى مقرات الأسد وإيران داخل الأراضي السورية.
ومن هنا يأتي السؤال، إلى ماذا تسعى روسيا من خلال نشر دورياتها على الحدود، وفي هذا الوقت بالتحديد؟، وما الرابط بين التصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول دفع إيران من جنوب سوريا إلى المناطق الشمالية، وبين نية الروس إنشاء 5 نقاط مراقبة جديدة على طول الحدود؟
الانتشار الروسي وخط المراقبة
أعلنت روسيا قبل أيام مساعدتها قوات الأسد المنتشرة في عدة نقاط على الحدود مع الجولان المحتل، عبر تقديم تدريبات في مجال عمليات الإجلاء، ونقل تعزيزات وصد هجمات، حسب ما ذكرت وكالة “تاس” الروسية.
وقال قائد إحدى الكتائب الروسية إن مهمة الدوريات مراقبة وقف إطلاق النار، وإظهار الحضور العسكري الروسي، وحماية العسكريين الروس، كونهم “يضمنون الأمن بالمنطقة” منذ سيطرة قوات الأسد عليها منتصف عام 2018.
تصريحات القائد العسكري لم تتطرق إلى المدة الزمنية التي ستبقى فيها القوات الروسية في المنطقة، على عكس تصريحات المسؤولين الروس السابقة، حين كانت جل تصريحاتهم حول وجودهم إلى جانب قوات الأسد على الحدود مع الجولان تنتهي بعبارة “لن تدوم طويلاً”.
الروس اكتفوا بالإشارة إلى التفاصيل آنفة الذكر، دون الإعلان عن تسيير دوريات على طول “خط برافو” إلى جانب قوات حفظ السلام الأممية، غير أن مصدراً خاصاً أكد لتلفزيون سوريا نية الروس تسيير دوريات مشتركة مع قوات حفظ السلام، على طول الحدود.
وأشار المصدر إلى أن خط الدورية سيبدأ من مقر الروس الرئيس في بلدة حضر شمالاً، وحتى بلدة صيدا أقصى الجنوب، عبر الطريق المعتاد الذي تشرف عليه القوات الأممية، والذي لا يبعد سوى 100 متر عن الشريط الحدودي.
وحتى اليوم، تتخذ القوات الروسية من نقطةٍ أنشأتها غرب بلدة حضر، على ارتفاع 1400 متر عن سطح البحر، مقراً لها، يمنحها إطلالة مباشرة على جزء من أراضي الجولان المحتل، لكنها في الوقت ذاته، تعمل على إنشاء 5 نقاط مراقبة جدد على طول الحدود، حسب التصريحات الأخيرة.
الدوريات الروسية.. حماية لإيران أم سعيٌ لطردها؟
الانتشار الروسي في القنيطرة أتى بعد يوم من تصريح رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي “أفيف كوخافي”، الذي تحدث عن نقل الميليشيات الإيرانية لمقارها العسكرية من الجنوب، إلى المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، إضافة إلى تقليص عدد قواتها وعناصر الميليشيات التابعة لها بشكل “كبير”.
وأكد “كوخافي” في مطلع حديثه أن “التموضع الإيراني في سوريا يتباطأ نتيجة استمرار نشاطات جيش الدفاع الإسرائيلي، لكنه في الوقت ذاته اعتبر أن الطريق لا يزال “طويلاً لاستكمال الأهداف في هذه الجبهة”.
وذكر أن الضربات الإيرانية لم تقتصر على تدمير كمية لا حصر لها من الأسلحة المتطورة، بل أجبرت إيران على تخفيض عدد رحلات الشحن من طهران إلى دمشق، التي عادة ما تكون محملة بالأسلحة.
وعلى ما يبدو، فإن الانتشار الروسي، بالتزامن مع حالة التوتر التي تعيشها الحدود بين سوريا والجولان المحتل، وما يرافقها من استهداف متكرر للميليشيات الإيرانية من قبل المقاتلات الإسرائيلية، لم يأت بمحض الصدفة.
وحسب مراقبين، فإن الدورية الروسية الجديدة في القنيطرة، ما هي إلا تمهيد لانتشار أوسع سيشمل نقاطاً أكثر على طول الحدود، ومع الوقت، ستتوسع إلى عمق القنيطرة حيث توجد مقرات إيران والميليشيات التابعة لها.
المقرات الإيرانية في القنيطرة.. بعيدة عن الحدود
وتنشر إيران مقارها في نقاط بعيدة عن المنطقة منزوعة السلاح، حسب ما ذكرت مصادر تلفزيون سوريا التي أكدت أن المقرات تتوزع على عدد من البلدات، مبينةً أن عناصر الميليشيات لا يجرؤون على الاقتراب من الشريط خوفاً على أنفسهم من قصف الجيش الإسرائيلي.
وأضافت المصادر أن غالبية المقرات موجودة في مدينة البعث مركز محافظة القنيطرة، وبلدة حضر في الريف الشمالي، وتل أحمر غربي بلدة كودنة جنوبي المحافظة، مشيرة إلى أن البعض من أهالي المناطق المذكورة يعملون تحت إمرة تلك الميليشيات، عبر تجنيدهم للقيام بعمليات عسكرية “بالوكالة”.
خلايا محلية
وتعمل إيران منذ أشهر على تشكيل قوة عسكرية محلية في القنيطرة، لتكون أداة لشن هجمات على الخطوط الأمامية في المناطق المحتلة من سوريا.
وتسعى إيران عبر وكلائها، تحت غطاء فرع سعسع، إلى تجنيد أشخاص يترأسهم عناصر محليون ممن كانوا ينتمون لقوات الأسد وميليشيا فوج الجولان.
وحسب المصادر، ارتفعت وتيرة تجنيد عناصر محليين خلال الفترة السابقة، نتيجة الضغط الممارس على إيران في المنطقة من قبل الجانب الإسرائيلي، والاستهداف المتكرر لمقراتها وتحركاتها.
وتُوزع أسلحة فردية على المنتمين الجدد، في حين يعتبر المدعو مأمون جريدة من أهالي خان أرنبة، أبرز المساهمين في تجنيد العناصر لصالح إيران، إذ وبلغ عدد العناصر المجندين من قبله نحو 175 عنصراً، بحسب مصادر محلية.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا