عاد الهدوء نسبياً إلى مدينة إدلب السورية عقب اتفاق بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان على وقف إطلاق النار، عند خطوط التماس الراهنة. لكن محللين يراهنون على أن الاتفاق “هش ولن يستمر طويلاً”.
توافق الرئيسان أيضاً على إنشاء ممرات آمنة عمقها ستة كلم شمال الطريق الدولي “M4” وجنوبه، وتسيير دوريات روسية تركية على الطريق الدولي بدءاً من 15 آذار/مارس الجاري.
ونص الاتفاق كذلك على “التأكيد على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، ولا حل عسكرياً لهذه الأزمة إلا عبر الحلول السياسية بين أطراف السورية”.
كما اتفق الرئيسان، بعد ست ساعات من المباحثات في موسكو، على ضرورة “المضي قدماً في مكافحة التنظيمات الإرهابية، والعمل على دعم الملف الإنساني وتهيئة ظروف عودة النازحين”.
ولم يفسر الاتفاق ما المقصود بمحاربة “التنظيمات الإرهابية”، وما إذا كانت روسيا ستسمح لقوات النظام السوري من خلال هذه العبارة بشن عمليات عسكرية داخل إدلب لضرب التنظيمات التي تصفها بالإرهابية.
مَن الرابح؟
لطالما طلب الرئيس التركي انسحاب الجيش السوري من المناطق التي استولى عليها منذ أيار/مايو الماضي، وهي المناطق التي وصفها اتفاق سوتشي عام 2018 بـ”منطقة خفض تصعيد”، لكن لم ينص الاتفاق الجديد على أي انسحاب للقوات النظام.
وعليه، فإن الاتفاق منح الطريق الدولي M5 الرابط بين حلب ودمشق لسيطرة قوات النظام. وأبقى مدينتي سراقب ومعرة النعمان، وهما مدينتان إستراتيجيتان تربطان عدة محافظات بعضها ببعض، تحت سيطرة دمشق.
ولم يبيّن الاتفاق مصير نقاط المراقبة التركية التي تحاصرها قوات النظام السوري، وهذا ما يعني أن اتفاق سوتشي لم يزل قائماً، وأن وجود القوات التركية لم يزل شرعياً.
وهذا كله يفسر سبب إطلاق الطرفين على الاتفاق الجديد اسم “ملحق” حتى لا يتم إلغاء اتفاق سوتشي عام 2018، وتالياً انسحاب القوات التركية من نقاط المراقبة.
ويشير الاتفاق الجديد إلى أن قوات النظام لن تنفّذ أي تقدم جديد في إدلب بعد المناطق التي استولت عليها.
رئيس قسم أبحاث مكافحة الإرهاب في “معهد الشرق الأوسط للدراسات”، تشارلز ليستر، يرى أن “الاتفاق يشير إلى أن التباينات أو العداوة لا تزال قائمة، أو ربما زادت في الأيام الأخيرة”
هل ينجح الاتفاق؟
لفت رئيس قسم أبحاث مكافحة الإرهاب في “معهد الشرق الأوسط للدراسات”، تشارلز ليستر، إلى أن “ما تم الاتفاق عليه يشير إلى أن التباينات أو العداوة لا تزال قائمة، أو ربما زادت في الأيام الأخيرة”.
وأضاف في تغريدة: “الاتفاق الجديد رسم الطريق الدولي M4 حدوداً جديدة للمنطقة الآمنة، وهو ما سيعتبره كثيرون تراجعاً تركياً بعدما كان خطاً أحمر في أنقرة”.
وأشار ليستر إلى أن “المعارضة لن تتراجع عن 12 كم حول M4، وقوات النظام لا تؤمن بوقف إطلاق النار، وتركيا لديها حسابات ثأر لم يكتمل مع الجيش السوري”.
وأكد المحلل البريطاني أن “الاتفاق الجديد ترك إدلب في طريق مسدود، لكن سمح لجميع الأطراف أن تتنفس وتحشد نفسها وتخطط للمرحلة المقبلة التي ستشهد قتالاً لا مفر منه”.
واختتم: “إدلب ستتحول على المدى الطويل نموذجاً جديداً من قطاع غزة”.
ورأى المحلل التركي حمزة تكين أن “الاتفاق هش ولن يصمد، وهو بالحقيقة ليس اتفاقاً بل حماية للمصالح المشتركة التركية الروسية كي لا تتأثر سلباً بما سيحصل في إدلب”.
وأشار في تغريدة: “تركيا ستعود لعملية ‘درع الربيع‘ عند أول خرق لوقف إطلاق النار”.
ميدانياً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن منطقة خفض التصعيد الجديدة شهدت هدوءاً نسبياً وحذراً ساد عموم إدلب، حيث غابت طائرات النظام والروس الحربية عن أجواء المنطقة منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وأشار إلى أن هذا الهدوء الحذر تخللته، في ساعاته الثلاث الأولى، قذائف صاروخية متبادلة بين قوات النظام ومجموعات جهادية على محاور في ريف سراقب شرق مدينة إدلب، بالإضافة إلى إطلاق قوات النظام عدة قذائف على مناطق في الابزمو وتقاد في ريف حلب الغربي، والفطيرة والبارة في جبل الزاوية.
المصدر: رصيف22