هو الفنان المنحاز للثورة أحمد شكري، الذي أدرك بحسه الوطني السليم، ومنذ بدايات انطلاق ثورة الحرية والكرامة، أن من الضرورة بمكان انحياز كل فنان شريف إلى ثورة هي منه وهو منها، وصولًا إلى كنس الطغاة الذين نهبوا الوطن، فسدوا وأفسدوا فيه، وأسكتوا صوت الحق الذي لابد أن يصدح يومًا.
في حوارنا اليوم مع فنان من ألمع فناني حلب الشهباء، فنان وصل بطربه الأصيل إلى كل من يحب الفن الحلبي، وهو أي أحمد شكري من وقف الى جانب شعبه في حلب وخارج حلب، ليعلن أن الفن بلا موقف، لا يساوي أكثر من صفر.
حاورنا الفنان المعروف (أحمد شكري) وهو الاسم الفني للفنان الحلبي (أحمد فاعور) فتحدث بشفافية قائلًا: ” الخطوة الأولى كانت منذ الصغر وعلى يد الفنان الكبير محمد خيري صديق الوالد. أما عن انحيازي للشعب فهو شرف عظيم لي.” ثم قال:” الغناء السوري الحلبي قمة الغناء الإنساني، والذي لا يغني من تراثنا العربي الأصيل فهو ضعيف ونشاز. ويبدو أن المعاناة والألم تجعل منك فنانًا حقيقيًا ذو رسالة صادقة، وتوصلك إلى الحقيقة، وهو أن تكون حر بغنائك، لتكون لسان حال الشعب السوري برمته من خلال فؤادك الصادق.” وعن المعاناة في بلاد اللجوء قال شكري: ” العمل الفني النقابي في الغربة تكتنفه الحرب الشعواء، لأن بعض الفنانين مواربين، ولا يهمهم إلا من يدفع، ولا يدافعون عن الشعب بصدق وإخلاص، ولعل الأغلبية دخلاء على الفن.” ثم أضاف ” أنتجت على حسابي الخاص أغنيات وعراضات ثورية ولم يساعدني أحد، ودائمًا أطلب وألح، ولا حياة لمن تنادي، وعندي الكم الكبير من الأغاني التي لم تسجل بعد. المعاناة لا توصف، فأنا من الفنانين الأوائل الذين دافعوا عن بلدي سورية، وعن الشعب السوري، ولم أجد أي أحد يساعدني، لا جمعية ولا مؤسسة، معظمهم منتفعين ولا يستفيدوا من خبراتي وعلمي. مع أنني من أوائل الفنانين المعذبين والمغربين.” ثم تحدث بقوله” ضنك العيش لا يرحم، وفي تركيا العمل الفني يلزمه المال الكثير لكي يتم التنفيذ والتسجيل، وأنا هنا غريب عن وطني، وغربتي زادت الألم وأبناء جلدتنا لا يصدقون. ألم فوقه ألم”. ثم انتهى إلى القول وبحزن شديد” يا صديقي أرجو أن تحكي ما تعرفه عني، وأنا حكيت اختصاراً، والشرح طويل ويطول، فماذا أحكي لكم، هل أحكي لكم مثلًا ما الذي صار مع (ع _ م).؟!”
من جهته فقد تحدث الدكتور زكريا ملاحفجي صديق الفنان أحمد شكري الذي قال عنه: ” أحمد شكري هو الاسم الفني للفنان الحلبي أحمد فاعور ذوي الأصول الحمصية، هو فنان ومطرب في التراث العربي والشرقي والديني، تتلمذ على يد كبار الفنانين في مدينة حلب مدينة الفن والتراث الحضاري الغزير وكان من أساتذته (صبري مدلل) و(محمد خيري)، وعمل مع كبار فنانين حلب كأديب الدايخ وحسن حفار وآخرين، تميز أحمد شكري بإضافة فنية، وهو يعتبر حاليًا أستاذ في الموشحات وأغاني التراث. شارك في الحراك الثوري في مدينة حلب وبقي في مدينة حلب المحررة لغاية الحصار، وكان من المشاركين الدائمين في الحراك الشعبي والجماهيري، عبر حنجرته وأغانيه، وقد ألف ولحن عددًا من الأغنيات الثورية والوطنية، واستمر لليوم كفنان تراثي شرقي وأيضًا ثوري وطني في كل الفعاليات التي تتم بين السوريين في تركيا وحتى بين السوريين والأتراك ليغني بعض الأغاني التركية المأخوذة من العربية كلحن” ثم قال ملاحفجي: ” هو أحد أبرز من حفظ التراث ونقله مع إضافات ولمسات فنية جميلة كما ساهم بحفظ التراث الديني والمولوية، وهي تعبر عن الحالة الوجدانية والرياضة الروحية والنقاء، ثم انتقاله لتركيا، حيث نقل ذلك للأتراك ليطلعوا على التراث العربي والأندلسي المحفوظ في بلادنا والتشابه الموسيقي في المقامات الغنائية، وطلب منه نقيب الفنانين في (غازي عنتاب) الانضمام لنقابة الفنانين، كلون غنائي تراثي شرقي وعربي، وكان نضال أحمد شكري هو عبر حنجرته بالكلمة والأغنية الوطنية والثورية وحفظ التراث في وقت اختلطت الساحة بالدول المتدافعة في الصراع السوري، ورغم أنه لم يلق احتضاناً واحتواءً لكن بقي مستمراً برسالته الفنية عبر الكلمة والمقام والموسيقا والأغنية وهذا يؤكد أننا شعب حي معطاء متدفق وذو إرث حضاري ضارب في القدم، والمتابع اليوم للأغنية التراثية والفنية يرى الفرق أمام ضجيج الطبول والأصوات النشاز، كما يجد الفرق بين الحضارة والتمدن وبين التراجع والتخلف والتقهقر. الفن أحد أركان وخصائص كل حضارة بعينها والحفاظ عليه وتدريسه ودوامه مهم لتصل للأجيال الأخرى ولتطرب الأذن وتحلق الروح بزمن القهر والظلم والخذلان “.