السيادة الوطنية ممرغة بوحل الدور الوظيفي الأسدي

رأي الملتقى

يتعين مفهوم السيادة الوطنية لأية دولة بدلالة تمسك النظام الحاكم في تلك الدولة بكيانه ومكانته ومكانة شعبه الذي يحكمه، وبحريته وكرامته وقدرته على امتلاك قراره بنفسه، وليس بيع الوطن أو تأجيره لدولة ما كروسيا أو أخرى كإيران، واستحضار الميلشيات الطائفية من كل العالم ليعيثوا فسادًا بواقع الوطن السوري، كما فعل ويفعل نظام الأسد ومن معه. منذ خمسين سنة أو يزيد.

وهو اليوم مازال يتفاخر بأنه استقدم الروس ليحتلوا الوطن، وليقوموا معه بقتل السوريين والإمساك بناصية الحرب الهمجية العنفية الظالمة ضد الشعب السوري برمته. وليس تصريح وزير الدفاع الروسي مؤخرًا إلا دلالة على مضي هذا النظام في إجرامه وخرق السيادة الوطنية المدعاة. فقد قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في ذكرى تدخل جيش بلاده نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الفائت في سورية، إن القوات الروسية في سورية «نفَّذَت أكثر من 44 ألف طلعة قتالية وقتلت 133 ألف مسلح، بمن فيهم 4500 من روسيا ورابطة الدول المستقلة».

والحقيقة التي باتت واضحة وظاهرة للعيان تشير إلى استمرار ودأب النظام السوري المجرم ومنذ خطفه للسلطة في سورية صبيحة 16 تشرين ثاني /نوفمبر 1970 على إلغاء السياسة من المجتمع وإفساح المجال لأتباعه من المقربين وأصحاب الحظوة لاستثمار قوة السلطة في نهب خيرات الوطن وتكديس الأموال في أيدي فئة صغيرة جدًا على حساب عامة الشعب، ومن ثم إنهاء الطبقة الوسطى تدريجيًا. وجاءت الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة أواسط آذار / مارس 2011 في محاولة شعبية حثيثة وجادة لكنس دولة الفساد والاستبداد. إلا أن وقوف دولة الاتحاد الروسي وقبلها إيران الملالي حال دون ذلك، وأدخل البلد ضمن ممارسة يومية من القتل والعنف النازل فوق رؤوس البلاد والعباد، بأشد أنواع القسوة والهمجية من قبل الطاغية بشار الأسد ابن أبيه. ومن ثم تمكنت السلطة/العصابة من الهيمنة على مقدرات البلاد لصالح فئة من الشبيحة انحازت إلى جانب دولة القتل. إضافة إلى أن هذه السلطة التي ما برحت تتحدث عن السيادة الوطنية باعت الوطن ومؤسساته وثرواته سلعة رخيصة لمن ساعدها في إعادة قيامتها من جديد وهم الروس والفرس.

لذلك ونتيجة هذا الخلل في بنية المجتمع وعبر وسائل جمة للنهب والفساد تم إفقار الناس حتى بات خط الفقر في سورية وحسب تصنيفات أممية يتجاوز ال 80 بالمئة، كما بلغ خط الفقر المدقع للسوريين أكثر من 50 بالمئة، وهي أوضاع ساهمت في انكشاف الوضع الاقتصادي لسورية وأظهرت مدى الخراب الذي لحق في الوطن، حتى باتت تكاليف إعادة الإعمار لما هدمته يد المغول الأسدي وحلفائه تتجاوز عتبة 400 مليار دولار، حسب دراسات وتقديرات علمية أممية معروفة للجميع.

أما حالات التعفيش المستمر للمناطق التي كانت محسوبة على المعارضة، فقد ساهمت هي الاخرى في ازدياد الفقر للفئة الشعبية، علاوة على ارتفاع منسوب الغنى الفاحش للشبيحة وأهل التعفيش الداخلي والمعولم.

ما آل اليه وضع السوريين الذين يتكدسون على أبواب الأفران، وخسارة الليرة السورية لمعظم قيمتها الشرائية لتتجاوز 2800 ليرة سورية للدولار الواحد. وهي التي كانت قبل العام 2011 تساوي 45 ليرة سورية للدولار. خلق حالة من العوز جراء هذا التضخم وعدم الايفاء بمتطلبات الحياة اليومية للناس. حيث زاد في نسبة الفقر وجعل المواطن السوري ينتفض حتى في مناطق النظام والشبيحة نتيجة العوز والفقر الكافر، حتى بات السوري لا يجد قوت يومه، وراح يعتمد على المساعدات الأممية تارة، ومساعدات الأقرباء المغتربين تارة أخرى.

ويبقى الدور الأساس في كل ذلك معلقًا بحالة السلطة القاهرة القامعة الناهبة لكل شيء في هذا الوطن المستباح والذي أضحى قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل وإعلان الإفلاس.

ومع ذلك ما يزال هذا النظام الفاجر يتاجر بالأفكار والشعارات، ويزايد على الدول المحيطة والعالمية بقيم وشعارات لا يفقه معناها، وليس من اللذين يطبقون ألفها ولا باءها، حيث يدعي نظام الاجرام أنه ينهج ويتبع نظام وفكر دولة عَلمانية، في محاولة منه للتسلق على مفاهيم حداثية، وليعمل على محي وتجاوز واقعه القمعي الإجرامي والطائفي المرتبط بدولة الملالي الفارسية الشوفينية المتشددة، وصاحبة المشروع الذي يطال بخطره الأمة كل الأمة. هذا النظام /العصابة لم يع بعد أن المجتمع السوري، والعالم أيضًا يدرك أنه أبعد ما يكون عن دولة عَلمانية ديمقراطية، وعن كل منتجاتها المنطقية المتساوقة مع منهج حديث ينهل من الفكر الديمقراطي، وليس منهج المقتلة المستمرة. وهنا لابد أن نذكره ونذكر داعميه أن الدولة العَلمانية: حسب الراحل والمفكر الكبير جمال الأتاسي هي: ” الدولة الديمقراطية، دولة كل المواطنين ولكل الأمة على اختلاف تياراتها الايديولوجية ومذاهبها ومعتقداتها الدينية، أي القبول والتأكيد على حقيقة التعدد في الأديان والتيارات والأفكار، ووجود صراعات وتفاعلات شتى والاعتراف بأنه لا يوجد أحد يملك الحقيقة المطلقة، في إدارة وتطوير المجتمع والأمة والدولة”. وليست دولة البراميل والكيماوي والقتل الممنهج وزج الشرفاء في السجون، وهدم البنية التحتية السورية، والاشتغال على الوتر الطائفي من أجل سلطة قاهرة وقامعة ستزول عاجلًا أو آجلاً شاء أم أبى نظام الأسد الإجرامي وعى ذلك أم لم يعيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى