استفاق أهالي محافظة السويداء في جنوب سورية، والخاضعة لسيطرة النظام، اليوم الاثنين، ليجدوا غالبية الأفران مغلقة أبوابها، لتغيب عنهم رائحة الخبز، الذي يعتبر المادة الرئيسية على موائدهم كبقية السوريين، ما أثار مخاوفهم من أن تكون بوادر أزمة خبز تضاف إلى العديد من الأزمات التي يعانون منها.
كعادته استفاق أبو فؤاد خيو (67 عاما)، باكرا وتوجه إلى معتمد الخبز في أحد أحياء مدينة السويداء، ليقول له الأخير إن “الفرن لم يخبز اليوم، بسبب عدم توفر الطحين، لذلك عليه تدبر أمره” جواب سمعه من عدة معتمدين.
وأضاف “الخبز أقرب أن يكون كالماء، فهو المادة الرئيسية بجميع الوجبات، ولا يسمح لنا وضعنا المادي بشراء خبز عربي، فسعر الربطة التي تحتوي خمسة أرغفة بـ800 ليرة (1.55 دولار أميركي)، أما سعر ربطة الخبز السياحي وتحتوي 7 أرغفة بـ1200 ليرة (2.33 دولار)، وحتى كيلوغرام السمون الواحد بـ1200 ليرة، وأي منها بالكاد يطعمنا وجبة واحدة، في حين ثمن أي منها يطعمنا خبزا لمدة أسبوع”.
من جانبه، قال وائل سنيح (47 عاما)، “في هذه البلاد وحدها من ينام أهلها بلا أي أزمة، ويستفيقون على أزمة أو حتى أزمات، والأسوأ أن لا أحد من المسؤولين يتكلف عناء إخبار الشعب ما سبب الأزمة أو إلى متى ستستمر، وإذا صرخت من الوجع أو حتى أصدرت بعض الأنين، فأجهزة الأمن تكون بالمرصاد فإن لم تعتقل تفصل من عملك وتحرم من الموافقة الأمنية ما يشل حياة السوريين في مناطق سيطرة النظام”.
وأضاف “هل يعقل أن لا يكون لدى المسؤولين معرفة أن هناك أزمة طحين، ألا يوجد احتياطي لدى المطاحن”، معربا عن اعتقاده بأن “هذه الأزمات مفتعلة، فالنظام يتعمد تطبيق عقوبات جماعية بحق أهالي المحافظة، ولأسباب عديدة أهمها استنكاف غالبية الشباب عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية في قواته، وكف يد الأجهزة الأمنية عن الاعتقالات التعسفية، عبر الفصائل المسلحة المحلية، التي تجبر الأجهزة على إطلاق سراح أي شخص تقوم باعتقاله داخل أو خارج المحافظة”.
من جانبها، قالت مصادر من مديرية المخابز في السويداء، طلبت عدم كشف هويتها، إن “سبب عدم توفر الطحين اليوم في السويداء هو عطل طارئ في مطحنة أم الزيتون، في حين مطحنة سرايا تخضع لصيانة تنتهي اليوم، وهاتان المطحنتان مسؤولتان عن إمداد المحافظة بالطحين بشكل يومي”.
ولفتت إلى أن “المخزون المتوفر في المحافظة هو عبارة عن قمح وليس طحيناً”، مبينة أن “العمل جار لإصلاح العطل، وتأمين كميات الطحين المطلوبة”.
يشار إلى أن قرارا بتخفيض كميات الطحين المخصصة لمخابز السويداء، دخل صباح اليوم، لتصبح الكمية الواردة لفرع المخابز في المحافظة 145 طنا بدلا من 175 طنا.
يذكر أن النظام سبق أن رفع سعر ربطة الخبز نهاية الشهر الماضي من 50 ليرة سورية إلى مائة ليرة، في حين علق معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس جمال الدين شعيب، على رفع سعر ربطة الخبز حينها، بحسب وكالة “سانا”، إن “القرار جاء لصعوبة تأمين مادة الدقيق للأفران التموينية جراء العقوبات الاقتصادية والحرب الإرهابية على سورية منذ نحو 10 سنوات، موضحا أن “هناك أسبابا أخرى تتعلق بتهريب الدقيق التمويني والاتجار به والذي يذهب للقطاع الخاص والأفران السياحية وأفران المعجنات”.
وأضاف أن حرق محاصيل القمح في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية أدى أيضا إلى انخفاض كمية القمح المسوقة من قبل المؤسسة السورية للحبوب، ما أدى إلى رفع تكاليف تأمين المادة بشكل كبير واستيرادها وبالتالي ارتفاع تكلفة إنتاج الرغيف. مبينا أن تكاليف ربطة الخبز الواحدة تصل إلى 600 ليرة (1.16 دولار) والحكومة تقوم بدعمها بمبلغ 500 ليرة (0.97 دولار).
المصدر : العربي الجديد