شهدت جبهات جنوب وغرب حلب والضواحي مؤخراً تقدماً سريعاً لقوات النظام والمليشيات الموالية لها، في حين تنهار دفاعات الفصائل المعارضة تباعاً في منطقة العمليات برغم محاولاتها الجادة لوقف زحف القوات المهاجمة التي تهدد منطقة واسعة في الضواحي السكنية والريف الغربي لحلب.
ويرجع التقدم السريع لقوات النظام والأداء المرتبك للفصائل إلى مجموعة عوامل ميدانية تبدو منطقية إلى حد بعيد. وتحاول قوات النظام والمليشيات الموالية إحكام سيطرتها بشكل كلي على ما تبقى من الطريق الدولي حلب-دمشق “إم5” عبر تأمين أطرافه الشرقية والغربية في المنطقة الواقعة بين خان العسل شمالاً وريف المهندسين الأول جنوباً.
وسيطرت قوات النظام سيطرت ليل الثلاثاء/الأربعاء، على عدد من الكتل السكنية في محيط خان العسل انطلاقاً من مواقعها في الراشدين الرابعة في الضواحي الغربية، ولم تتمكن من التوسع داخلها، وفشلت في التقدم نحو التلال المحيطة، وشهدت تلة الهندسة معارك عنيفة بين الجانبين استمرت حتى صباح الأربعاء.
وتبدو سيطرة قوات النظام على مناطق شرق الطريق شبه مكتملة بعد انسحاب المعارضة من غالبية مواقعها، لكن القوات المهاجمة لا يمكنها حتى الآن الوصول الى الطريق الذي ترصده المعارضة من مواقعها غرباً.
ولكي تحقق قوات النظام هدفها المفترض في السيطرة على ما تبقى من الطريق الدولي يتوجب عليها التقدم نحو الجمعيات السكنية والقرى التي تشرف على الطريق من الجهة الغربية، وهذه المناطق تعرضت لحملة قصف برية وجوية هي الأعنف خلال الساعات ال 48 الماضية.
وتمكنت قوات النظام أخيراً من خرق دفاعات المعارضة في الضواحي الغربية بعد سلسلة عمليات هجومية فاشلة منذ منتصف شهر كانون الثاني/يناير، وتركز محور التقدم في جمعية الصحفيين وهي رأس حربة متقدم تطمح القوات المهاجمة إلى مواصلة إشغاله بكثافة هجومية مستمرة وهدفها الوصول إلى بشقاتين وعينجارة وبالا والفوج 11 وصولاً إلى دارة عزة أو الالتقاء بمحور الهجوم الثاني الذي يستهدف السيطرة على الأتارب.
مصادر عسكرية معارضة أكدت ل”المدن”، أن قوات النظام قسمت العمل العسكري في ريف حلب والضواحي إلى ثلاثة محاور مؤخراً، في المحور الأول عمليات هجومية هدفها إكمال السيطرة على الطريق “إم5” وتأمين جوانبه وهي عمليات مشتركة للمليشيات الإيرانية والروسية.
وبحسب المصادر، المحور الثاني يشن هجماته من الصحفيين في الضواحي الغربية ويهدف إلى التوغل في الريف الغربي وتقطيع أوصال المنطقة وتقود العمليات فيه مليشيات النظام الإيرانية، وهي من “الفرقة الرابعة” و” لواء الباقر” و “فيلق المدافعين عن حلب” ومليشيات “نبل والزهراء”.
وأضافت أن محور العمليات الثالث يتمثل في رأس الحربة المتقدم نحو مناطق غربي الطريق انطلاقاً من ايكاردا والكسيبة وصولاً إلى ميزناز وكفر حلب ويهدف إلى متابعة التقدم نحو الأتارب التي باتت على مسافة 7 كيلومترات فقط من مواقع تمركز القوات المهاجمة. وتتولى مليشيات النظام الروسية من “الفيلق الخامس” و “الحرس الجمهوري” و “الفرقة 25 مهام خاصة” و “الفرقة التاسعة” و”الفرقة الأولى مدرعة” العمل في محور العمليات الثالث.
وبدا الأداء الدفاعي للمعارضة في معارك ضواحي وريف حلب مرتبكاً، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها، تركيز معظم القوة البرية للقوات المهاجمة في عمليات حلب في ظل الهدوء النسبي في جبهات ادلب، والالتقاء البري لغرفتي العمليات، الأولى القادمة من ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسراقب والتي واصلت تقدمها نحو الشمال وتوغلت في ريف حلب الجنوبي وهي مليشيات مدعومة من روسيا، والقوات في الغرفة الثانية التي تركزت عملياتها منذ بداية الهجوم في جبهات حلب وتقاتل فيها مليشيات مدعومة من “الحرس الثوري” الإيراني.
التقاء القوتين شكل ضغطاً هائلاً على المعارضة ومكن القوات المهاجمة من تسريع عملياتها وفتح محاور عديدة في نفس الوقت المر الذي أدى إلى تشتيت دفاعات الفصائل ودفعها للانسحاب بشكل متوالي من مناطق سيطرتها من العيس وصولاً إلى الجانب الشرقي للطريق الدولي.
ويضاف إلى مجموعة العوامل المؤثرة على المعارضة، انكفاء بعض الفصائل عن العمل الدفاعي المطلوب في انتظار التدخل التركي لإنقاذ الوضع الميداني المتدهور، وأيضاَ استنزاف الفصائل في جبهات حلب، وخسائرها الكبيرة من ناحية أعداد القتلى والجرحى في المعارك المستمرة على مدار شهر تقريباً، والزيادة الكبيرة في طول خط المعارك والذي وصل إلى ضعف المسافة تقريباً بعد وصول القوات المهاجمة من عمليات إدلب في الجنوبي الشرقي الى ريف حلب الجنوبي والتقائها مع عمليات حلب.
تحاول المعارضة إصلاح الخلل الحاصل في غرفة العمليات الدفاعية في جبهات حلب، وأجرت بالفعل عمليات إعادة انتشار لكتائبها في بعض المحاور وكثفت عتادها وأعداد مقاتليها في محاور أخرى بما يتناسب مع التطورات الميدانية الجديدة، لكن النتائج لم تظهر بعد.
المصدر: المدن