انتخابات مجلس الشعب السوري هل تنتج مجلساً يمثل كل السوريين؟

محمد علي صايغ

السوريون يتابعون أخبار التحضيرات لما يقال انتخابات مجلس الشعب وهي أول توجه بعد سقوط النظام السابق لاختيار مجلس للشعب، وكثير من السوريين يرغبون بطي التسمية ” مجلس الشعب ” لالتصاقها بالنظام البائد وتسميته باسم ” البرلمان ” ..

وبغض النظر عن التسمية، فإن هذا المجلس الأول الذي كان يريده الشعب السوري يمثل قفزة نوعية في تاريخ سورية بعد أكثر من خمسين عاماً على مجالس التعيين والتصفيق وتمجيد القائد ورفعه إلى مستوى ارتباط سورية باسمه وليس باسم الشعب السوري ..

ويتحدث الكثيرون من أبناء شعبنا بأن هذه الطريقة في إنتاج مجلس الشعب لا تحمل وعداً بالتغيير لا على مستوى الاختيار الحر لممثلي الشعب في مجلس الشعب ولا على مستوى الأداء في إدارة التشريع في البلاد.. وهو في المحصلة سينتج ممثلين انتقائيين وفق الطريق الذي اختارته الإدارة السياسية في تشكيل مجلس الشعب.

لا شك بأنه في المراحل الانتقالية يتم اختصار بعض الإجراءات لوصول مجلس شعب يمثل الشعب، ولكن الإجراءات يفترض أن تؤدي إلى اختيار حر يمثل كل أطياف الشعب السوري وقواه السياسية والمجتمعية ويعكس التنوع في المشهد السياسي السوري.. كان بالإمكان مثلاً أن تجري كل محافظة انتخابات المجلس المحلي بشكل حر وشفاف وذو مصداقية، ثم يقوم الأعضاء المنتخبين في المجلس المحلي بالمحافظة بانتخاب العدد المقرر للمحافظة في مجلس الشعب من الذين نجحوا في انتخابات المجالس المحلية سواء في المدينة أو المناطق أو النواحي ..

وهنا لا بد من تسليط الضوء على مسألة في غاية الأهمية ويمكن رسمها بطريقة (المضحك، المبكي) ، وهي مسألة انتخابات مجلس الشعب في محافظة حلب ثاني محافظة في سورية ، والمحافظة الصناعية الأولى ، والمحافظة التي تم اعتبارها دولياً عاصمة الثقافة الإسلامية في التاريخ .. هذه المحافظة الكبرى في سورية ليس فيها انتخاب لمدينة حلب ، وجاءت تسميتها باسم منطقة ” سمعان ” واعتبرت مدينة حلب جزء من منطقة جبل سمعان ، وليس كما يجري في باقي المحافظات بتقسم المحافظة إلى مثلا : مدينة حمص ومناطق ريف حمص ، ومدينة حماه ومناطق ريف حماه ، ومدينة دمشق وريف دمشق ، يمثل المدينة عدد من الممثلين ويمثل المناطق ممثلين حسب حجم كل منطقة  ، إلا في حلب فلا ذكر لمرشحي مدينة حلب أوعدد ممثليهم  وانما المرشحين عن ” منطقة سمعان ” وتضم إضافة لحلب مناطق الزربة ودارة عزة ، وعين عيسى … الخ ..

يعني في المحصلة لا يوجد توزيع عادل في مقاعد مجلس الشعب المخصصة لحلب ، إذ قد لا ينجح ممثل أو اثنين لمدينة حلب – وفق نظام الاختيار المعتمد – بينما الأغلبية العظمى من ( ممثلي مدينة حلب ) عفواً لا تؤٱخذوني على زلة اللسان هذه ، إذ يجب القول ممثلي ” سمعان ” وليس مدينة حلب ، سيتم اختيارهم ( بالتوجيه ) من ريف حلب باعتبار ريف حلب يضم ” الثوار ” بينما أبناء مدينة حلب لا علاقة لهم بالثورة والثوار … هل هكذا يراد من الانتخابات التي يتم هندستها في مدينة حلب .. تلك المدينة العريقة في تاريخ سورية .. ويمكن في هذا السياق القول للإدارةالسياسية ” ما هكذا تورد الإبل ياسعد .. “

أعتقد مسألة مدينة حلب واحدة من إشكالات هذا النظام الانتخابي الذي تم اعتماده ويجري تنفيذه ، وما يقال عن مدينة حلب ليس إلا نموذج مصغر وفاقع عن الخلل في بنية هذه الانتخابات والأساس الذي تقوم عليها .. طبعاً هذا الخلل في اختيار ممثلي مدينة حلب ليس فريداً ، وقد يكون هناك كثير من الخلل بباقي المحافظات بطرق ووسائل وأشكال أخرى ، هذا عدا أن المحافظات أو المناطق التي خارج سيطرة السلطة السياسية وكيفية اختيار الممثلين عنها يعطي الانطباع بأن ما يقال عنه انتخابات مجلس الشعب السوري لا تعبر عن مستوى التمثيل الحقيقي للشعب السوري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى