أجـــــواء 2013 تـــــعـــــود بـــعــــد مــــجـــــزرة دومــــــا الكـــيـــمـــاويـــة :     أنــــــظـــــــار الــــعــــــالـــــــم مــــصــــوبــــــة عــــلـــــى تـــــــرامـــــــب : هـــــل يــــــكــــــــرر خـــــــــطــــــيـــــــــئــــــــــــة اوبـــــــــــامــــــــــــــا ..؟

محمد خليفة

اعلام الغرب يدعو لمواجهة واسعة مع روسيا وايران

سورية تحولت ساحة الصراع الرئيسية في العالم بين الغرب وروسيا

روسيا هي المسؤولة عن كل الانتهاكات والجرائم في سورية

في ذكرى مرور عام كامل على مجزرة الكيماوي في خان شيخون , والهجوم الصاروخي الذي شنته الولايات المتحدة في 7 أبريل 2017 على قاعدة الشعيرات عقابا لنظام الاسد على تلك المجزرة , شن نظام الاسد يوم السبت الماضي 7 ابريل 2018 هجوما على مدينة دوما الواقعة ضمن الغوطة بالاسلحة الكيماوي مجددا ادى الى مصرع 43 شخصا , جميعهم من المدنيين , وغالبيتهم من الاطفال .

الحادث ليس مصادفة ابدا , ولكنه عمل مدبر ومخطط , لتوجيه رسالة الى العالم بعامة , وامريكا والغرب بخاصة , أن النظام مستمر في ارتكاب مجازره بكل الاسلحة التي يريدها , دونما حساب لأي رد فعل من الغرب , أو من المجتمع الدولي أو من مجلس الأمن . وهي على الأرجح رسالة الى الداخل السوري , مفادها أن النظام باق ولا تأملوا سقوطه بعد الآن , وليس من خيار للسوريين سوى الاستسلام له , أو الموت بالقصف الجوي أو الكيماوي , أو القتل بأيدي أجهزته المتوحشة .

رسائل الكيماوي للعالم

———————–

ما يؤكد هذه المعاني ان الجريمة الجديدة وقعت بينما كان مقاتلو جيش الاسلام يغادرون مدينة دوما , بعد اتفاق مع النظام ضمنته روسيا . وهو تطور زاخر بالدلالات والرسائل , لأن جيش الاسلام آخر فصيل ينسحب من الغوطة مستسلما لارادة القوة الهمجية الروسية والايرانية التي استطاعت اخراج بقية الفصائل المسلحة التي كانت تسيطر على الغوطة , منذ عام 2012 وتواجه النظام وتلحق به هزائم متتالية , حتى باتت تشكل تهديدا حقيقيا له يقض مضاجعه . ولذلك فجريمة الهجوم بالكيماوي على سكان دوما ليس لها ما يبررها من الناحية العسكرية , فالمعركة قد حسمت لصالح النظام وحلفائه , ولكن هؤلاء الثلاثة أرادوا بجريمتهم الشنيعة الاحتفال بنصرهم , وتوجيه رسالة للعالم مفادها : نحن من يقرر مصير الناس هنا , ولا قيمة لقرار مجلس الامن 2401 الذي فرض الهدنة الانسانية في مطلع مارس في الغوطة , وانتهكته الاطراف الثلاثة فورا بدون أي التزام أو احترام , مثله مثل عشرات القرارات الاممية والدولية والثنائية التي بقيت حبرا على ورق .

والأهم من ذلك أن الرسائل المشفرة الى العالم لا تكتفي بهذه العمومية , فهي لمن يفهم فك الشيفرة رسالة روسية الى لندن وحليفاتها الغربية التي فرضت عليها عقوبات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جديدة ردا على اغتيال المخابرات الروسية لعميلها المنشق السابق في لندن . وهي رسالة الى واشنطن لتنسحب من الارض السورية بسرعة , وتتركها مسرحا للقوات الروسية والايرانية التي تدعي ان وجودها قانوني برخصة من الاسد , لترتكب ما تشاء وتقرر ما تشاء !

وهي أيضا رسالة ايرانية الى أعدائها في السعودية والدول الغربية التي تطالبها بالانسحاب من دول المنطقة التي غزتها عسكريا .

بالطبع لم تكن جريمة الكيماوي الاخيرة هي الوحيدة , فقد كرر الاسد مجازره الكيماوية بالتحديد عشرات المرات , ووثقت منظمات دولية وقوع ست هجمات بالكيماوي على الاقل , خلال الحملة العسكرية الاخيرة على الغوطة, والتي بدأت في 18 فبراير الماضي . وهي جرائم لم يقترفها الاسد بمفرده , بل بدعم لوجستي , وحماية ومشاركة من الروس والايرانيين الذين شاركوا بكثافة في الحرب الاخيرة على الغوطة , وفي كل الفصول التي سبقتها , مما يؤكد المغزى الأهم في هذا السلوك الهمجي , وهو أن لا حدود ولا ممنوعات ولا محرمات في الحرب على الشعب السوري لاسقاط المعارضة والثورة واعادة تأهيل النظام , للبقاء رغم ادانته الدولية على استعمال كل انواع الأسلحة , بدون أي تمييز , بما فيها السلاح الكيماوي .

على الصعيد الدولي التقطت العواصم الغربية رسالة التحدي الدموية والكيماوية الجديدة , المرسلة اليها من دوما, فرد عليها الرئيس ترامب فورا , وهو المعني الأول بها في العالم , ولكن بطريقته المعهودة , إذ كتب على حسابه على تويتر مهددا ومتوعدا الأسد بالعقاب الصارم , ووصفه بالحيوان , كما فعل قبل سنة كاملة . وقد تضامن مع ترامب نظيره الفرنسي ماكرون , ذلك أن الاثنين سبق أن هددا في مناسبات مختلفة بالرد العسكري الفوري على دمشق , إذا ثبت أنه عاد لاستعمال الكيماوي . وكان آخر هذه المناسبات قبل أيام , في ذروة الحرب على الغوطة , وصدرت بعدها عدة تقارير توثق وقوع ضحايا مدنيين جراء استعمال الكيماوي .

والواقع أن الغرب كله لا واشنطن أو باريس فقط , يشعر أنه أمام تحديات خطيرة , تتمثل في خرق وانتهاك المعاهدة الدولية لحظر استعمال الكيماوي , وخرق وانتهاك قواعد النظام الدولي الذي تأسس عام 1945 كافة . فالجرائم المستمرة وحرب الابادة وتعطيل مجلس الامن الدولي والقانون الدولي كلها تمثل انتهاكات لم ترتكب من قبل نظام دمشق المارق الموصوف بالارهابي فقط , ولكنها انتهاكات منهجية شاركت فيها فعليا القوات الروسية مباشرة , أو بحمايتها ودعمها , وبأدواتها التي تزود بها الاسد , فهي التي تدير الحرب في سورية فعليا , وروسيا هي التي صعدت تحديها للغرب في استعمالها للسلاح الكيماوي بطريقة أخرى على الارض البريطانية , وعلى الاراضي الأوروبية الغربية , للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية .

إذن فروسيا هي اللاعب الرئيسي , وهي مصدر التحدي , ولذلك قالت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي : إن روسيا التي انتهكت السيادة البريطانية , واستعملت الكيماوي في قتل المواطن الروسي – البريطاني قد تكرر جريمتها غدا في واشنطن أو نيويورك , وفي مدن اخرى في دول أخرى . ولذلك فإن الدول الغربية كافة تجد نفسها الآن ملزمة بالرد , لا على الاسد فقط , بل على بوتين المسؤول الاول عن جميع هذه التصرفات الشاذة , وليس غيرة على أطفال الغوطة الذين تعرضوا للقتل بكل الطرق الفتاكة طوال ست سنوات ونيف , ولكن خوفا من الأسوأ الذي يمكن أن يقدم عليه بوتين هنا , أو هناك , ردا على سياسة العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية التي فرضتها عليها الدول الغربية منذ احتلال جزيرة القرم , ثم غزو سورية .

وأول من يشعر بأن التحدي موجه له الآن هو الرئيس الاميركي دونالد ترامب ,لأنه القائد الذي يقود الغرب سياسيا , ويقود حلف الاطلسي الذي يشكل الاداة الدفاعية الاقوى عن الغرب منذ سبعين سنة . إضافة الى أن ترامب كان قد أسس خطابه السياسي الى الامة الاميركية منذ بداية حملته الانتخابية عام 2016 على اتهام سلفه الرئيس اوباما بالتهاون مع الاسد , في أعقاب المجزرة الكيماوية عام 2013 رغم أن الظروف الدولية كانت مواتية في حينها, ولكن تقاعسه يومها سمح للاسد مواصلة حربه وجرائمه على الشعب السوري . وبنى ترامب خطابا سياسيا كاملا على هذه المسألة بالذات , استمر حتى بعد فوزه في الانتخابات , حيث كرر تعهده بمعاقبة الأسد اذا استعمل الكيماوي , ليتبين فيما بعد أن غرضه من هذه التصريحات مجرد الاساءة لاوباما , لا معاقبة الاسد , أو التحرك لوقف اراقة الدماء في سورية , الأمر الذي يعني في الواقع تكرارا لنفس السياسة التي طبقها الرئيس اوباما , وسارت عليها ادارته ست سنوات . ويعني أيضا أن اميركا لم تغير سياستها تجاه الازمة السورية بعد رحيل اوباما . وما زالت تطلق التصريحات والتهديدات الجوفاء , بينما لا تفعل شيئا على الارض . ويمكن إحصاء عشرات التهديدات للادارة الجديدة منذ 20 يناير 2017 ضد الأسد وحلفائه , دون أن تترجم الى أفعال , أو لتحرك سياسي جاد . خصوصا وأن الهجوم الصاروخي على قاعدة الشعيرات الجوية في 7 ابريل 2017 ظلت سابقة استثنائية , ولم تتكرر , رغم تكرار مبرراتها من جانب الاسد والروس . فأعطت انطباعا بأنها كانت مجرد صفعة لحفظ ماء الوجه أكثر من أي شيء آخر , في الوقت الذي كان يفترض بالادارة الجديدة تغيير السياسة السابقة , ووضع قواعد اشتباك بديلة في سورية , في مواجهة ذلك , وهو ما لم يحدث , ولم تظهر مؤشرات كافية عليها , باستثناء زيادة الوجود العسكري في شرق وشمال سورية , والذي ظل محصورا في نطاق الحرب على داعش والارهاب , لا لمواجهة الاسد وحلفائهم وجرائمهم .

 كيف يرد ترامب وخلفاؤه

————————-

والواقع أن الرئيس ترامب واركان ادارته أعطوا اشارات متناقضة ومتضاربة تجاه تطورات الازمة السورية , بدون أي تغيير استراتيجي وجوهري في سياسة الادارة السابقة . وجاءت المفاجأة الكبرى وسط هذا التخبط في إعلان الرئيس ترامب في اليوم الأخير من مارس الماضي عزمه على سحب قوات بلاده من سورية في القريب العاجل .

إن هذا القرار يشكل أول اشارة حاسمة وواضحة عن اتجاه ادارة ترامب الى نفض يديها من التزاماتها السياسية والاخلاقية كدولة قيادية أولى في العالم ,الى أطراف الصراع الدائر في سورية وعليها , وخاصة روسيا وايران . فقرار الانسحاب يفرغ السياسة الاميركية من محتواها , ويفرغ أيضا تعهدات ترامب بمعاقبة الحيوان القاتل بشار الاسد, ويثبت أن الولايات المتحدة بلا ( سياسة ) في سورية , وبلا (استراتيجية) في الشرق الاوسط والعالم , كما يشير الى اتجاهها لتسليم هذا البلد الذي كان الاميركيون يطلقون عليه ( مفتاح الشرق الاوسط ) لأعدائه ليتابعوا جرائمهم فيه , وابادة سكانه , واتمام خطط تغيير هياكله السكانية وفق مشيئة ملالي طهران وشهواتهم الطائفية والامبراطورية التي تحرك سياستهم في عموم الشرق الاوسط .

 في إعلان ترامب عن الانسحاب اشارة واضحة للمعنى السابق , عندما قال إنه قرر الانسحاب في القريب العاجل , وأنه (يريد أن يترك سورية للآخرين ليعتنوا بها ) !

فمن هم هؤلاء الآخرون إن لم يكونوا روسيا وايران وتركيا ..؟

لهذه الاسباب حمل رئيس لجنة الدفاع في الكونغرس جون ماكين الرئيس ترامب جزءا من المسؤولية عن مجزرة الكيماوي الجديدة في دوما, ورأى أن ( قرار الانسحاب العسكري من سورية اعطى رسالة مشجعة للاسد وحلفائه ليواصلوا افعالهم الشنيعة ), وهو رأي صحيح في الواقع , بدليل أن الجريمة الاخيرة حدثت بعد أن أكدت المعلومات الرسمية الراشحة من واشنطن أن الرئيس أعرب لاركان إدارته في اجتماع مجلس الامن القومي عن تصميمه على سحب القوات من سورية خفي غضون ستة شهور , وترك البلد ( للآخرين ليعتنوا بها ) !

اذن ادارة ترامب اتخذت قرارا استراتيجيا بالتخلي عن سورية لايران وروسيا , وربما يتضح لنا في المستقبل القريب أن قرار الانسحاب يشمل الشرق الاوسط . ويبدو أن اعداء الولايات المتحدة في غرب آسيا يقومون بنفس ما يقوم به اعداؤها في شرق آسيا , أي اختبار مدى فاعليتها وجاهزيتها . والجريمة الكيماوية في الغوطة تحمل مثل هذا الاختبار لردود افعال واشنطن على تحديهم لها في سورية والمنطقة .

ومع أن الرئيس ترامب عاد لاطلاق تهديداته تجاه دمشق وتحميل مسؤولية ما يرتكبه الاسد الى روسيا وايران , وهو تقويم صحيح بالكامل , ولكنه كلام لا قيمه له في مواجهة روسيا وايران , ولا يعني شيئا في الواقع . لأن ما يجب أن تقوم به واشنطن الآن إذا أرادت أن يأخذ أعداؤها تهديداتها بالجدية الكافية هو موقف أقوى وأبعد من التهديات الخلبية والجوفاء , ,وأكثر جدية من ضربة انتقامية مفردة , كالتي حدثت في 7 ابريل 2017 , ثم تعود الى الهدوء والفرجة السلبية , وممارسة سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال لكيلا ترى عدوها المسرع نحوها . فأعداء أميركا اذا واصلت تقاعسها عن معالجة جذور الأزمة السورية , واذا رأوا أنها لن تقدم على اجراءات فعالة ضد السياسة الايرانية التوسعية , والسياسة الروسية المغامرة , فإن أميركا قد تخسر الشرق الاوسط بالكامل !

أنظار العالم في هذه اللحظة مركزة على واشنطن وباريس ولندن وبرلين وبروكسيل وروما , فضلا عن نيويورك , لمعرفة كيف سيكون ردها , ومتى ترد , وعلى من ترد , ومدى جديتها . هذا ما عكسته افتتاحيات معظم الصحف في الغرب في اليومين التاليين لمجزرة دوما الجديدة . وذهبت وول ستريت جورنال الى القول بصراحة : لا التغريدات ولا التهديدات على تويتر ستردع الاسد عن مواصلة هجماته , ولا بد من عمل عسكري لتدمير سلاح الجو السوري . وقالت افتتاحية الغارديان البريطانية إن ما يجري في سورية هو مسؤولية العالم , ولا بد من عمل لمحاسبة روسيا وايران .

 على قادة الغرب استثمار هذا المناخ الدولي المساعد الذي يشبه المناخ الذي ساد بعد مجزرة الغوطة في 21 اغسطس 2013 , وأن يتحركوا مجتمعين لا متفرقين لصياغة استراتيجية رد شاملة تتضمن المسائل التالية :

1 – وضع سياسة مبدئية في سورية لمعالجة جذور الازمة فيها تبدأ بإبقاء القوات الاميركية في سورية وتعزيزها بدلا من سحبها .

2 – تعزيز المعارضة وتسليحها ودعمها سياسيا وتلبية مطالب الشعب السوري بالتغيير السياسي الحقيقي وانهاء الحكم الديكتاتوري .

3 – ردع التوسع الايراني والروسي في محيطيهما

4 – إيجاد صيغة للتفاهم مع تركيا واستعادتها للحلف الغربي , لأنه لا بديل للاطلسي والغرب عن تركيا , خاصة اذا قرروا مواجهة ايران في الشرق الاوسط , واحتواء اطماعها ونشر نموذجها بالقوة في المحيط .

5 – على الغرب , وخاصة امريكا , تعزيز تحالفهما الاستراتيجي مع الدول العربية بقيادة السعودية , وعدم الاكتفاء بالكلام عن المال والصفقات التجارية .

6 – لا بد أن تحشد الدول الغربية قوات عسكرية ضاربة في الشرق الاوسط وحوله , برا وبحرا , ليشعر الايرانيون والروس أنهم يواجهون تحالفا عالميا كبيرا .

7 – لا بد لهذه الدول الغربية والعربية أن تبدأ تحركها المضاد خارج الامم المتحدة , ببناء تحالف يستمد شرعيته من الاجماع الدولي على مخرجات الحرب في سورية , والتي تثبت انتهاك القانون الدولي وعجز مجلس الامن الدولي , بسبب الموقف الروسي المنحاز لنظام دمشق والشريك في جرائمه , وضرورة محاسبة المتورطين والضالعين في جرائم الابادة وانتهاكات القانون الدولي الانساني . وتاسيس شرعية ومؤسسات قضائية لمحاسبة ومحاكمة المجرمين السوريين والايرانيين والروس .

بدون التحرك الجدي بهذا المستوى فإن التهديدات التي يطلقها القادة الغربيون في موسم الغضب الموسمي , وخاصة الرئيس ترامب ونظيره الفرنسي ستكون مخيبة للآمال , وبلا جدوى , ولن ترسل الرسالة القوية المطلوب إرسالها الى اطراف محور الشر الثلاثي , بل ستزيده استهتارا واستخفافا بها . وستسمح لها بمواصلة استراتجيتها الهجومية والتوسعية في عموم المنطقة . وقد تتكرر فعلا تجربة اوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي حين تقاعست في الرد الحازم الموحد على انتهاكات الرايخ الثالث بقيادة هتلر , مما وفر له الفرصة , لالتهام الدول الصغيرة , واحدة بعد أخرى . وما قاله الامير السعودي محمد بن سلمان في هذا الصدد صحيح بدرجة كبيرة عن أطماع خامنئي التوسعية التي تشبه اطماع هتلر قبل مائة سنة والتي كلفت العالم فيما بعد ستين مليون ضحية . إذ أن أطماع واحلام خامنئي وحرسه الثوري , وأطماع وأحلام بوتين وآلته الحربية لن تتوقفا عن سياسة الهجوم والتمدد , إذا لم تواجها برد حازم وقوي وفعال .

إن سياسة العجز وردود الافعال الضعيفة لدول الغرب والمتمثلة باللجوء بعد كل مجزرة في سورية أو جريمة لروسيا في اوكرانيا او في لندن , وسياسة الخطب الانشائية على مقاعد مجلس الامن والتي تنتهي دائما بفيتو روسي ما عادت هي السياسة المناسبة لمواجهة الاخطار التي ما فتأت تتصاعد في مناطق عديدة بسبب مخططات الكرملين , وسلوكيات الملالي في الشرق الاوسط . وإلا فإن هذه الاخطار ستنتقل الى داخل اوروبا والغرب . ولم يعد مجديا غض النظر في العواصم الغربية عن الحرب الفعلية التي تشنها روسيا على اكثر من صعيد لاختراق أمنها والتدخل في انتخاباتها, وتقويض انظمتها السياسية والتأثير في أحزابها وإعلامها ومؤسساتها الاقتصادية . فهذه الاعمال المنسقة تمثل في نظر محللين غربيين مقدمات حرب حقيقية ولكن بوسائل حديثة , قد تتطور الى السلاح النووي الذي يتبجح بوتين بإنتاج انواع جديدة تتفوق على ما لدى الولايات المتحدة , وتهديده الصريح باستعمالها لتحقيق أحلام القوة والتوسع . وهي لغة لم يسبق أن استعملها أي مسؤول روسي منذ ثلاثين عاما على الاقل .

سورية هي الضحية الاولى لحرب روسية – ايرانية على الشرق الاوسط , ومنصة انطلاق وهجوم على أوروبا والغرب , فهل يكتفي الغرب بالرد ردا تكتيكيا وموسميا لحفظ ماء الوجه .. أم يرد ردا استراتيجيا رادعا ..؟

هذا ما يفكر به المحللون والمراقبون في العالم خلال الساعات والايام القليلة القادمة

====================================

المصدر: مجلة الشراع اللبنانية العدد 1845 تاريخ 13_ 04_ 2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى