
انهم يخطفون الجبل الأشم من تاريخه وأهله ومستقبله، تماما كما يفعل القسديون الذين يعملون على خطف المكون الكردي من تاريخه ودينه ووطنه، ليجعلوه جزءا من المخطط الصهيوني، فلا تعينوا العدو فيما يريد، ولتكن كلمتنا، وليكن فعلنا وتوصيفنا، وليكن عملنا يستهدف استعادة الجبل وأهله من هذه الشرذمة.
هذه فريضة وطنية وإلا سنكون فيما نقوم خلاف ذلك عونا للعدو على اخواننا.
وأول وأصح خطوة نخطوها في هذا السبيل أن نتعامل مع أهل الجبل الأشم من واقع أنهم مواطنون سوريون عروبيون، على حقيقة ما كانوا دائما، وأن نبتعد كليا عن منهج التعامل معهم من منطق مذهبي طائفي. قاعدته”التكفير”، واسلوبه اتخاذ الميديا سبيلا لاظهار الفوارق الدينية والمذهبية بيننا، وبينهم، فإننا إن فعلنا ذلك -وكثير منا يفعله – صرنا أعوانا للصهاينة، ولفلول النظام البائد، وللقسديين على أخوتنا أهل جبل العرب، وإن فعلنا ذلك كان مسلكنا طائفيا، يستوي في ذلك ما إذا كنا ننتمي للأكثرية أم للأقلية، فالطائفية واحدة وهي الهوية المضادة للوطنية.
ثم إننا إذا اتبعنا هذا السبيل الطائفي لا نكون قد خسرنا هذا المكون أو ذاك الذي يوصف بالأقلية، وإنما نكون قد خسرنا ” الأكثرية” أيضا. فالطائفية تحمل في صلبها فكرة التقسيم والتجزئة، وسوف تواجه هذه “الأغلبية السنية” سم التفتت حين تعمل فيها معاول المذاهب العقدية والفقهية، ويبدأ الصراع بينها، وقد بدأت بوادرها بين سلفية وأشعرية وصوفية وخوارج، هذا عدا عن الشيعة والعلوية والاسماعيلية، ونحن نرى بواد ذلك ونتابعه علةى الميديا في تكفير وتبديع بعضهم البعض، وقد الاستهزاء والتسخيف والهجوم على أعلام الأمة من أمثال ابن حجر العسقلاني شارح البخاري، والامام النووي شارح صحيح مسلم. صعودا الى اسماء لامعة في تاريخنا الحضاري. ونزولامنه الى عصرنا الراهن.
إن الوطن لا يبنى على قاعدة التكفير، وإنما على مبدأ المواطنة،
والسوريون لم يقاتلوا النظام البائد على قاعدة أنه “علوي كافر”، هذا أمر لم يطرح في الثورة السورية التي تفجرت في مارس ٢٠١١، وكان شعار “الشعب السوري واحد” تعبير عن رؤية وطنية أصيلة لهذا الشعب، ولم يقارع هذا الشعب نظام الأسد الأب لأنه “علوي كافر”، وإنما لأنه نظام مستبد ظالم فاسد طائفي ومن ثم قاتل .
هذه هي القاعدة الوطنية التي واجه بها الشعب السوري النظام الأسدي البائد.
لكن مواجهات مارس في الساحل، والمواجهات الراهنة في جبل العرب لم تقم على هذه القاعدة الوطنية، وإذ انطلق فلول النظام في الساحل، والمرتبطون بالعدو الصهيوني في جبل العرب من دوافعهم الطائفية، وهذا طبيعي، فإن جزءا من قوات السلطة السورية الراهنة والعاملين تحت لوائها، انطلقوا من الدوافع نفسها، وهذا ما أكدته لجنة التحقيق السورية في أحداث الساحل واعترف به الرئيس الشرع، وهو يتكرر في جبل العرب، وهذا غيى طبيعي، لأن الدولة بما تملك وبما تمثل لا يجوز أن تقاس بمقياس الميليشيات المتفلتة.
علينا جميعا أن نستعيد الجبل وأهله، والساحل وأهله، ونمنع اختطافهم، وعلينا أن نجفف منابع الانفصالية الكردية. ونستعيد هذا المكون الأصيل الى جسم الوطن السوري الجامع.
هذه مسؤولية تقع على عاتق جميع المخلصين الواعين المدركين لحقيقة ما يواجهه وطننا من أخطار، على عاتق أهل السلطة أولا، وأهل الرأي والقلم، والواقفون على منابر الخطابة والتوجيه، والمتصدرون شاشات التلفزة، ومواقع التأثير في وسائل التواصل الاجتماعي.