
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا كان رفع العقوبات عن الدولة السورية والشعب السوري الذي يتطلع لمرحلة جديدة من الحرية والتعافي أمرا منطقيا واستحقاقا متوقعا، وبالفعل كانت معظم الأطراف الإقليمية والشعوب العربية والإسلامية وعلى رأسها الشعب السوري تنتظر هذه النتيجة المنطقية، في المقابل كانت هناك جهة تعمل على إقناع الأميركيين بعدم رفع العقوبات عن سوريا وهي دولة الاحتلال الإسرائيلي.
لقد كان استقبال خبر رفع العقوبات عن سوريا في دولة الاحتلال الإسرائيلي مختلفا عن استقباله في سوريا وفي بقية البلدان العربية والإسلامية حيث أزعج هذا الخبر حكومة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو لأنه بالفعل كما ذكرت التقارير مؤخرا كان رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الذي طلب من ترامب حتى وقت قريب عدم رفع العقوبات عن سوريا، وقد استغل نتنياهو لقاءه الأخير مع ترامب في واشنطن الشهر الماضي لتكرار هذا الطلب.
لم تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي أن طلب نتنياهو وقد قالت القناة 12 العبرية أنهم في إسرائيل لا ينكرون أن نتنياهو طلب الابقاء على العقوبات على سوريا وعدم دعم الاستقرار في سوريا وتم رفض الطلب.
من الواضح أن ترامب كان له رأي آخر وهو ما يشير إلى وضع دولة الاحتلال الإسرائيلي في التأثير في موازين القوى بعد 7 أكتوبر. وإضافة لما سبق لم تكن إسرائيل على علم مسبق بقرار ترامب عقد الاجتماع مع الرئيس السوري في الرياض ولا بقرار ترامب رفع العقوبات، ويأتي هذا في سياق عدم علم إسرائيل باتفاق ترامب مع الحوثيين وكذلك ببدء المفاوضات مع إيران حول المشروع النووي الذي أعلن عنه ترامب في مؤتمر صحافي مع نتنياهو.
وقد قال الكاتب الصهيوني تامير هايمن نحن لسنا في الملعب بل نشاهد الدوري بانتظار انتهاء اللعبة ونلعب على الإسفلت الساخن لعبة عنيفة ومحلية ستنتهي بإصابات تلحق الجميع.
ولكن رغم كل هذا وبالنظر إلى ما يجري في غزة فإن نتنياهو يتعامل على أنه يمكن أن يسير على سياسة خاصة به حتى لو كانت نظرة ترامب مختلفة، ولهذا قام الجيش الإسرائيلي بالقصف قرب القصر الرئاسي في دمشق قبل أسبوعين من أجل تهيئة المجال للسيناريو الذي يريده في سوريا وهو سيناريو عدم الاستقرار. وقد أصدر نتنياهو ووزير الدفاع كاتس بيانا مشتركا قالا فيه “أن إسرائيل هاجمت بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق وهذه رسالة واضحة للنظام السوري”. وفي تحد صارخ قال البيان أن إسرائيل لن تسمح بانتشار قوات جنوب دمشق أو أي تهديد للطائفة الدرزية.
وتزعم إسرائيل أن سياستها تجاه سوريا تأتي في إطار سياسة الردع لمنع تكون ما تصفه بأنه “التموضع العسكري المهدد”، وفي الحقيقة تريد إسرائيل نشر الفوضى والتهيئة لمزيد من عدم الاستقرار ليكون بمتناولها العبث والتصرف كيفما تشاء لأنها تعتقد في الحقيقة أن أي استقرار حقيقي في سوريا أو دول الجوار الأخرى لن يكون في مصلحتها.
لا يزال نتنياهو يحلم بتغيير الشرق الأوسط ولكنه لم ينجح في إثارة النعرات عبر دعم بعض الأقليات لنشر الفوضى في سوريا كما أنه من الواضح لم ينجح في إعاقة مسار رفع العقوبات عن سوريا وهذا يؤكد مرة أخرى أن قوة دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تعد كما كانت من قبل كما أن قدرتها على التأثير في الولايات المتحدة أيضا لم تعد كما كانت من قبل.
ولذلك فإن ما سبق يشدد على ضرورة التصرف مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنها طرف يريد تعطيل مسارات الاستقرار في كل المنطقة، ويشدد على التعامل معها من منظور أنها دولة وكيان يسير نحو مزيد من التراجع والتدهور.
المصدر: تلفزيون سوريا