خطة لابيد… “الحل المصري”

شادي لويس

يسحب دونالد ترامب مشروع التطهير الإثني الذي طرحه بشأن غزة، وذلك بعد التصريح بأنه مجرد توصية لا ينوي البيت الأبيض الضغط لتنفيذها. ما زال الجميع في انتظار الخطة العربية أو ما أطلق عليه الخطة المصرية. والحال أن انتهاء قمة الرياض بلا بيان رسمي، وتأجيل القمة العربية في القاهرة إلى الرابع من مارس ليست إشارات واعدة. على ما يظهر، ثمة خلاف بين الأطراف العربية الفاعلة أو عدم اتفاق بينها على الأقل. استعراضات تسليم الرهائن التي تقام نهاية كل أسبوع تعني أمراً واحداً، هو أن حماس لا تزال سلطة الأمر الواقع في القطاع. وبالرغم من الضربات الموجعة التي لحقت بها وخراب القطاع إلى حد يكاد أن يكون كاملاً، تظل قادرة على العمل على الأرض والتنسيق بشكل متماسك. هكذا يعود سؤال السلطة في القطاع إلى حدود السابع من أكتوبر، خصوصاً مع تكرار قيادات حماس في الخارج رفض تسليم سلاحها والخروج من القطاع.

ولعل المعضلة لا تتعلق بالمقاومة أو سلاحها، بل والوجود الفلسطيني نفسه وفي غزة على وجه التحديد، الأعلى كثافة سكانية والأكثر تمرداً. من جهتها، إسرائيل التي أدركت فشل استراتيجية جز العشب التي داومت عليها لوقت طويل، لا ترى بد من حل جذري لمسألة الفلسطينيين. ولذا تعرقل صفقة التبادل متعمدة، وبين ضغوطها لتمديد المرحلة الأولى منها أو تجميدها، يبدو أن وقف إطلاق النار على المحك والعودة للقتال تظل خياراً مفضلاً للحكومة في تل أبيب. لكن إن لم تحقق سنة ونصف السنة من المذابح الأهداف المعلنة للحرب، فإلى متى سيطول استئناف القتال حتى تحقيقها، وبالأخص أن واشنطن لا تظهر في مزاج لشن الحروب بقدر ما ترغب في عقد الصفقات؟

على تلك الخلفية، يعرض زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد أمام مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن خطة لمستقبل غزة سماها “الحل المصري”. هذه صفقة أخرى، أقرب إلى صيغة معدلة من خطة ترامب، فإن كانت مصر ترفض أن يأتي الفلسطينيون إليها فلماذا لا تذهب هي إليهم؟ المشترك بين الخطتين هو أن تلقى مسؤولية الفلسطينيين على العرب، بحيث تنفض إسرائيل يدها من عبء إدارة مليونين منهم. ببراغماتية يسعى لابيد لإخراج إسرائيل من المستنقع الغزي، لا جدوى من بذل تلك الكلفة من الدم مقابل أقل من واحد بالمئة من الأرض.

خطة لابيد مشرعة على الاحتمالات. حل الدولتين يبقى وارداً، بجلب السلطة الفلسطينية إلى غزة تدريجياً تحت الوصاية المصرية. وحل الثلاث دول أيضاً يظل ممكناً، أي أن تتقاسم إسرائيل والأردن الضفة فيما تتولى مصر قطاع غزة. يحيل لابيد إلى التاريخ، فغزة كانت بالفعل تحت الحكم المصري من 1948 وحتى 1967. وينسحب الأمر نفسه على حكم الأردن للضفة وإن كان لابيد لا يصرح بهذا.

اللافت في الخطة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يشير إلى أن إسرائيل تواجه خطراً مزدوجاً. بالإضافة إلى غزة، تمثل مصر المتعثرة اقتصادياً والموشكة على الانهيار في أي لحظة خطراً على إسرائيل، والشرق الأوسط كله. يضرب لابيد عصفورين بحجر واحد. فمقابل فرض مصر لوصايتها على القطاع، تقوم دول العالم بإعفائها من ديونها التي يقدرها بـ155 مليار دولار.

يقبع لابيد في الظل بوزن هامشي على الساحة السياسة في إسرائيل، ولا يبدو وارداً إقناع القاهرة ولا الدول والمؤسسات الدائنة بتلك المقايضة الباهظة. إلا أن الخطير في هذه الخطة هو الشروع في تصوير مصر بوصفها خطراً على إسرائيل، على قدم المساواة مع غزة، مثلها مثل لبنان حزب الله وسوريا بعد الأسد. وهذا يمهد لإسرائيل أن تدعي الحق في التحرك في جميع الاتجاهات للدفاع عن أمنها.

 

المصدر: المدن

تعليق واحد

  1. هل فعلاً سحب دونالد ترامب مشروعه للتطهير الإثني الذي طرحه بشأن غزة؟ أم إنتقل المشروع الى زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد ليعرض خطة لمستقبل غزة سماها “الحل المصري” أمام مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن. شعبنا لم ولن يغادر أرضه، وليرحل من جاء مهاجراً وليس تهجير صاحب الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى