صراع النفوذ في سورية.. خلافات واشنطن وأنقرة ورهانات “قسد”

علي تمي

زار قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل إيريك كوريلا، شمال شرقي سوريا والتقى بقيادات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

ووفقاً للقيادة المركزية، هدفت الزيارة إلى تقييم الحملة المستمرة لهزيمة تنظيم الدولة (داعش)، بالإضافة إلى الاطلاع على الأوضاع في مخيم الهول الذي يضم الآلاف من النازحين وعائلات مقاتلي تنظيم الدولة، ويفهم منها ومن توقيتها، أنها تحمل في طياتها رسالة واضحة وصريحة إلى أنقرة ودمشق مفادها بأننا “لن نسلم هذا الملف لأحد”.

البارزاني يدخل على خط الوساطة بين أنقرة و”قسد”

في ظل تزايد التوترات، خاصة حول منطقة سد تشرين شرقي حلب، تحرّكت حكومة إقليم كردستان العراق لمحاولة لعب دور الوسيط بين تركيا و”قسد”، رغم أن أنقرة تعتبر الأخيرة امتداداً لـ”حزب العمال الكردستاني – PKK”، المصنف إرهابياً في تركيا وروسيا والعديد من الدول الأوروبية.

تتمثل أبرز نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة، في إصرار الأخيرة على تفكيك “قسد”، وإعادة إدارة مخيم الهول إلى الحكومة السورية الجديدة، مع نشر قوات حكومية في دمشق على حدودها الجنوبية، وهو ما ترفضه واشنطن بشدة..

وبناءً عليه، زار رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني أنقرة، حيث أجرى محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان حول مستقبل قسد والدور الكردي في سوريا.

بعد هذه الاجتماعات، أرسل البارزاني مبعوثه الخاص إلى الحسكة لدعوة مظلوم عبدي لزيارة أربيل، وخلال اللقاء، اقترح البارزاني تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع دمشق، ودمج قوات “بشمركة روج” مع “قسد”، بالإضافة إلى العمل على إعادة تفعيل عملية السلام في تركيا، إلا أن عبدي رفض الفكرة مفضلًا التعاون مع المجلس الوطني الكردي في إطار مدني، مع المحافظة على خصوصية مناطق سيطرته.

وتتمثل أبرز نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة، في إصرار الأخيرة على تفكيك “قسد”، وإعادة إدارة مخيم الهول إلى الحكومة السورية الجديدة، مع نشر قوات حكومية في دمشق على حدودها الجنوبية، وهو ما ترفضه واشنطن بشدة، إذ تدعم الولايات المتحدة فكرة ضم “قسد” إلى الجيش السوري كفيلق عسكري، مع ضمان استقلالية مناطقها الإدارية.

سيناريوهات مفتوحة

وبحسب المعلومات المتوفرة، يستمر الدعم العسكري الأميركي والفرنسي لـ”قسد”، بما في ذلك تزويدها بصواريخ محمولة على الكتف لمواجهة الطائرات المسيرة.

وفي حين يسعى “الديك الفرنسي”، الذي خسر نفوذه في أفريقيا، إلى تعزيز وجوده في سوريا بالتعاون مع واشنطن، تجد تركيا اليوم نفسها أمام تحديات جديدة، وسط ترقبها عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 من الشهر الجاري، على أمل أن يغير سياسات واشنطن في سوريا لصالحها رأساً على عقب.

وبناءً على كل ما ورد، تحاول “قسد” اليوم المراوغة وكسب المزيد من الوقت من خلال إطلاق تصريحات متناقضة هنا وهناك، فتارةً تدعو إلى التفاوض مع دمشق من دون شروط مسبقة، وتارةً أخرى تطالب بحماية دولية من الولايات المتحدة وفرنسا لحدودها مع تركيا.

لكن أنقرة على ما يبدو تتابع هذه التحركات بحذر، وتعتبر رهان “قسد” على احتمالات التمرد في السويداء أو الساحل السوري ضد الحكومة المركزية في دمشق، فرصة لنقل التوازن لصالحها، محاولة محكوم عليها بالفشل، كما تراهن تركيا على رفض السوريين بالإجماع نموذج “الدولة داخل الدولة”، كما يحدث مع “حزب الله” في لبنان.

أي محاولة لتقسيم سوريا ستصطدم بطبيعة الحال برفض الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وبما فيها تركيا على وجه الخصوص، حتى لو أفضى ذلك إلى حرب مفتوحة مع داعمي حزب العمال الكردستاني..

خلاصة القول، تراهن “قسد” اليوم على عامل الوقت وعلى التناقضات الدولية القائمة داخل سوريا، لكن التحولات الدراماتيكية التي شهدتها سوريا ولبنان أدت إلى ضعف “حزب العمال الكردستاني” وخسارة العقل المدبر له، وهم عائلة “الأسد”، ما قلل من فرص “قسد” في تحقيق الحكم الذاتي لمناطق سيطرتها.

ويتزامن ذلك مع وجود توجه عربي عام لدعم الحكومة السورية الجديدة، فإن أي محاولة لتقسيم سوريا ستصطدم بطبيعة الحال برفض الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وبما فيها تركيا على وجه الخصوص، حتى لو أفضى ذلك إلى حرب مفتوحة مع داعمي حزب العمال الكردستاني.

أخيراً، يبدو أن تركيا تستعد لفرض معادلتها الخاصة على الأرض، سواء عبر المفاوضات أو العمليات العسكرية، دعماً للحكومة الجديدة في دمشق بكل إمكانياتها وقدراتها، وإن استمر هذا التعاون في المستقبل، لا شك أنه سيسهم في تقويض ومن ثم إسقاط العديد من المشاريع المخطط لها في المنطقة والتي تُطبخ على نار هادئة، وخاصة داخل سوريا.

 

المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى