أول بيت دخلته في مدينة دوما.. و آخر بيت خرجت منه كان بيت الأخ المرحوم محمد خير البديوي من عندك البداية و النهاية ابو فهد العزيز.
في عام 1986 او 87 كان موعدنا الأول و لم أكن اعرفه او اعرف اسمه او شكله و هو كذلك و كان مفترضا ان يعرفني من جريدة في اليد اليسرى و الساعة في اليد اليمنى.. يومها تلاعب بأعصابي حيث مر من امامي ثلاث مرات و تجاهلني ثم في الرابعة توجه الي و قال الكلمة التعريفية: كم الساعة؟
و كان علي ان ارفع اليد اليمنى و اجيب ان ساعتي معطلة. (مثل افلام السينما)
ثم مضينا معا إلى بيته و في الطريق قال: لقد كنت متوترا..
لم اجب.. و لكن كلمة توتر كانت قليلة لوصف حالتي و انا في مدينة لم أكن اعرفها.. لأقابل رجلا لم أكن اعرفه..
اردف بعدها: العمل النضالي يحتاج إلى رباطة جأش أكبر.. انت لم تكن صلبا كفاية.. و كان ذلك من اول الدروس و اقساها و التي لا يمكن أن انساها..
وفي عام 2007 او 2008 كانت آخر زيارة لي لمدينة دوما في الاجازة الصيفية و زرت خلالها عدد من الأصدقاء و كان آخرهم ابو فهد و لم أكن متوقعا انها اخر مرة سأراه فيها..
فبعد قيام الثورة و نشاطه فيها وصلني نبأ اعتقاله.. و كنا متوقعا بنسبة عالية أنه سوف يتم تصفيته لأن نظاما منعدم الشرف و الرجولة لا يمكنه تحمل رجولته و عزته..
رحمه الله و احسن مثواه..
لا أريد أن أقول اننا كنا أصدقاء بل كنا زملاء مرحلة فأبو فهد كان رجلا صلبا و لم يكن يفسح المجال كثيرا للعلاقات الاجتماعية وكان يعتبرها مفسدة للعمل السياسي.. لقد كان رجل مهمات أكثر منه رجل علاقات.. و قد كنا مختلفين كثيرا في أسلوب العمل و الرؤيا و كنا دائما على تشاحن و تدافع مستمر.. و لكن ذلك لا يمنعني من قول كلمة الحق أنه من اصلب و اشجع الرجال الذين قابلتهم خلال مسيرة عملي السياسي..
قد تغيب عنا جسدا و لكنك باق في الذاكرة..
و في الليلة الظلماء يفتقد من هو مثلك ابا فهد
المصدر: صفحة بسام شلبي