وجهة نظر من باب النقد البنّاء حول تصريحات أحمد الشرع وتشكيل الحكومة المؤقتة في سوريا

محمد نور موسى

شهدت سوريا تطورات سياسية و عسكرية معقدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، و قد أثارت تصريحات أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام، حول تسليم السلاح الكيميائي للمجتمع الدولي، جدلاً واسعاً. تتطلب هذه التصريحات تحليلاً معمقاً ليس فقط على مستوى محتواها، بل أيضاً في سياق التطورات السياسية الأخيرة، بما في ذلك تشكيل حكومة مؤقتة تحت قيادة هيئة تحرير الشام.

أولاً: تصريحات أحمد الشرع بشأن السلاح الكيميائي:
إن تسليم السلاح الكيميائي للجهات الدولية كان يمكن أن يُنظر إليه كخطوة إيجابية نحو إزالة التهديدات و اكتساب شرعية دولية للحكومة الانتقالية. و مع ذلك، فإن وضع هذا القرار في يد هيئة تحرير الشام، التي تصنف كمنظمة إرهابية دولياً، يجعل المجتمع الدولي يشكك في نوايا هذه الخطوة. لو كان الشرع قد أكد أنه مجرد قائد عسكري، و أن قرار تسليم السلاح هو قرار شعبي صادر عن حكومة انتقالية منتخبة، لكانت هذه الخطوة قد قوبلت بقبول دولي أوسع.

ثانياً: إشكالية الحكومة المؤقتة و خلفيتها السياسية:
تُعد الحكومة المؤقتة الحالية امتداداً لحكومة الإنقاذ التي عملت سابقاً في محافظة إدلب تحت رعاية هيئة تحرير الشام. هذا الارتباط يجعل الحكومة المؤقتة الحالية غير قادرة على الانفصال عن الإرث السياسي و الأيديولوجي لهيئة تحرير الشام، مما يضعف شرعيتها داخلياً و خارجياً.

لو قامت قوات “ردع العدوان” بتشكيل حكومة انتقالية مباشرة بعد سقوط النظام، بعيداً عن إرث حكومة الإنقاذ، لأعطت هذه الحكومة انطباعاً جديداً بالاستقلالية و المرونة السياسية. و بدلاً من التركيز على فرض رؤيتها بقوة السلاح، كان من الأفضل لها أن تعتمد على قرار شعبي يعبر عن إرادة السوريين، مما يمنحها ثقلاً سياسياً و مصداقية دولية.

ثالثاً: دور السلاح الكيميائي كورقة تفاوضية:
السلاح الكيميائي يمثل ورقة تفاوضية مهمة كان يمكن للحكومة الانتقالية استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية و دبلوماسية. لو كانت الحكومة الانتقالية قد تعاملت مع هذا الملف بحكمة، و أظهرت استعداداً للتفاوض على تسليمه في إطار اتفاق دولي يضمن حدود إسرائيل الحالية و خروجها من المناطق التي تقدمت إليها بعد سقوط النظام، لكانت قد كسبت اعترافاً دولياً و دعماً سياسياً واسعاً.

رابعاً: أهمية الحنكة السياسية و الابتعاد عن القوة العسكرية:
المرحلة الانتقالية في سوريا تتطلب حنكة سياسية، وليس الاعتماد على القوة العسكرية. لو نجحت الحكومة الانتقالية في تقديم نفسها ككيان سياسي مستقل يمثل إرادة الشعب، بعيداً عن مظلة هيئة تحرير الشام، لكانت قد أثبتت قدرتها على قيادة سوريا نحو مستقبل مستقر.

ختاماً ؛
إن تصريحات أحمد الشرع و تشكيل الحكومة المؤقتة تحت رعاية هيئة تحرير الشام يعكس قصوراً في فهم التعقيدات السياسية و الدبلوماسية للمرحلة الانتقالية في سوريا. المطلوب في هذه اللحظة التاريخية هو قيادة حكيمة تتمتع بشرعية شعبية و دعم دولي، قادرة على استخدام أوراق التفاوض بذكاء لتحقيق مصالح سوريا الاستراتيجية، بعيداً عن الأجندات الأيديولوجية الضيقة.

المصدر:  نينار برس

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة واقعية ناصحة لأخطاء غير مقصودة من القيادة المؤقتة بعد سقوط الأسد لتجاوزها ، الخبرة مطلوبة والنصح مطلوب لإدارة الدولة السورية الواحدة الديمقراطية لتكون جديرة بفرح شعبنا بزوال الغمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى