يثير التصعيد الأمني للفصائل المسلحة المرتبطة بإيران في العاصمة بغداد، الكثير من التكهنات حول فشل جهود التهدئة ووقف تصعيد الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، والتي ذهب بها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إلى طهران الأسبوع الماضي، كأحد ملفات الزيارة الرئيسية.
ومنذ زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بغداد يوم الأحد الماضي، والتي أعقبتها زيارة رئيس الوزراء الكاظمي إلى طهران بعد يومين، شهدت بغداد هجومين صاروخين على المنطقة الخضراء وقاعدة “بسماية”، جنوبي العاصمة، رغم الإعلان عن قرار إخلاء قوات التحالف لها.
يضاف إلى ذلك محاولة قصف بطائرة مسيرة قال الجيش العراقي إن الطائرة ضبطت على سطح مبنى في حي الجادرية، وهجوم بعبوة ناسفة استهدف رتلا لشركة تنقل مواد ومعدات للقوات الأميركية جنوبي البلاد، واختطاف لناشطة ألمانية، في مؤشر على زيادة هجمات الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.
وقال مسؤول بالحكومة العراقية لـ”العربي الجديد”، اليوم الأحد، إن “نحو 10 فصائل مسلحة معروف ارتباطها بالحرس الثوري تتولى اليوم التصعيد الأمني في العاصمة وتتحدى القانون، وتحاول أن ترضخ الحكومة لرغبتها، ونعتقد أن هناك اتفاقا فيما بينها على التصعيد الحالي، رغم أخذ تعهدات من مسؤولين إيرانيين خلال زيارة الكاظمي إلى طهران في هذا الملف تحديدا”.
ولفت المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن “هناك انقساما في الرؤى بين الحرس الثوري وخاصة الجناح المتشدد في فيلق القدس، وبين الخارجية الإيرانية في ملف القوات الأميركية بالعراق وتحريك الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران”.
وأشار إلى أن مليشيات “كتائب حزب الله”، و”النجباء”، و”العصائب”، “وسيد الشهداء”، و”الإمام علي”، والخراساني”، و”الطفوف”، أبرز تلك الفصائل التي تتحرك ضد الحكومة، وتحاول أن تفرض أمرا واقعا في الضغط بملف القوات الأميركية في مسعى منها إلى تحقيق مكاسب فيما يتعلق بقاعدتي “عين الأسد”، و”حرير”، في الأنبار وأربيل لوجود قرائن عدة على أن الولايات المتحدة تخطط للبقاء فيها إلى أجل غير معلوم.
وأعلنت السلطات العراقية مساء الجمعة، عن استهداف معسكر للتحالف الدولي جنوبي بغداد بأربعة صواريخ كاتيوشا، قبيل ساعات من انسحاب قواته منها، أعقبه إحباط هجوم بطائرة مسيرة تحمل مقذوفا يزن 2 كغ وفقا لبيان عسكري عراقي قال إنه تم ضبطها في حي الجادرية القريب من المنطقة الخضراء، قبل أن يستهدف المنطقة الخضراء، هجوم بثلاث صواريخ سقط أحدها قرب السفارة الأميركية، أعقبته عملية اختطاف ناشطة ألمانية أطلق سراحها بشكل غامض لم تفصح القوات العراقية عنه.
وارتفع العدد الإجمالي للهجمات خلال أقل من شهر إلى ثمانية، حيث استهدفت هجمات صاروخية مماثلة مطار بغداد والمنطقة الخضراء ومعسكرين جنوب وشمالي بغداد، وتشير تقارير أمنية عراقية إلى وقوف مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران وراء تلك الهجمات.
وذكر مصدر مقرب من مليشيا “الإبدال”، إحدى الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، تعليقا على حديث المسؤول العراقي بأن “مواصلة الضغط على الحكومة والبرلمان من خلال تلك الهجمات مهم لأن توقفها يعني تسويف ملف إخراج القوات الأميركية ونسيانه”، على حد تعبيره.
وأضاف أنه “لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة بوجود القوات الأميركية، ولا يمكن من ناحية شرعية التغاضي عن كونها قوات احتلال ويجب مواجهتها”، على حد قوله.
لهذا السبب “يجب إخراج” القوات الأجنبية
من جانبه، قال عضو تحالف “الفتح”، النائب في البرلمان العراقي، كريم عليوي، لـ”العربي الجديد”، إن “أي محاولة للإبقاء على القوات الأميركية ستؤدي إلى زيادة في العمليات العسكرية ضدها في كل العراق”، مشددا بالوقت نفسه على أن الجهات التي تستهدف القوات الأجنبية غير معروفة بالنسبة لهم.
ويضيف عليوي “لهذا يجب إخراج القوات الأجنبية بأسرع وقت، لمنع تحويل العراق إلى ساحة حرب وقتال بين القوات المحتلة والرافضين لها”.
ووفقا لعضو التحالف الذي يمثل الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، فإنهم كتحالف لا يرون جدية من حكومة مصطفى الكاظمي في إخراج القوات الأميركية من العراق، “وهذا الأمر مخالف لقرار مجلس النواب ومخالف للاتفاق السياسي، الذي على أثره تمت الموافقة على التصويت لصالح الكاظمي وحكومته، وهذا يفتح باب المواجهة بين الرافضين للقوات المحتلة والقوات الأجنبية، وأي تصعيد يحصل يتحمله رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بسبب عدم جديته ووضح عمله بملف التواجد الأجنبي”.
وحول ذلك يصف الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي محمد التميمي، التصعيد الأخير في بغداد أمنيا بأنه “لا يشي بوجود اتفاق مع الإيرانيين كون الحرس الثوري هو من يحرك الفصائل الموجودة بالعراق المعروفة اختصارا بالولائية”.
ويضيف التميمي لـ”العربي الجديد”، أن “هناك تحديا حقيقيا أمام رئيس الوزراء، ولا نعتقد أن القوى السياسية القريبة من إيران تريد مساعدته أيضا في هذا الملف، لكن يمكن القول بالوقت ذاته إن أي تصعيد عسكري من قبل الفصائل المسلحة ضد الوجود الأجنبي، سيفتح باب مواجهة بينها وبين تلك القوات التي تستهدفها، كما أن هذا يعطي مبرراً قوياً للولايات المتحدة بإعادة عمليات القصف على مقرات تلك الفصائل، كما حصلت في العام الماضي”.
واعتبر أن التصعيد الحالي مرتبط بشكل رئيس بجولة الحوار الاستراتيجي الثانية المقرر انعقادها بعد أيام، كما هو معلن بين العراق والولايات المتحدة.
المصدر: العربي الجديد