في فهم الأولويات

محمد علي صايغ

قبل الحرب العالمية الثانية، كان في الصين صراع مسلح محتدم مرير، صراع بين الزعيم ” شيانغ كاي شيك ” وقواته وجزء مهم من الشعب الصيني المؤيد له، وبين الزعيم ” ماوتسي تونغ ” الذي يتزعم قوات الجيش الأحمر الصيني.. هذه الحرب بينهما استمرت بضع سنوات، وفي خضم الصراع بدأ الجيش الياباني باختراق الحدود الصينية في حرب على الصين..

طلب ” شيانغ كاي شك ” الاجتماع بالزعيم ” ماوتسي تونغ ” وبعد حوار طويل ومفاوضات اتفق الطرفان على وقف الحرب بينهما ووضع يدهما بيد بعض لمواجهة العدو الياباني المشترك الذي يهدد الصين والأراضي الصينية.. وكان من ضمن الاتفاق أن هذا الاتفاق مؤقت ومرحلي إلى حين الانتهاء من الغزو الياباني، وبعد ذلك، فإن الصراع بينهما سوف يعود ولن ينتهي الى أن يحقق أحدهما النصر على الآخر ..

وفعلاً اتحدت الجبهتان المتخاصمتان في قتال ومقاومة اليابان .. وجاء ت الحرب العالمية لتسقط فيها اليابان عبر ضرب هيروشيما وناغازاكي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .

بعد استسلام اليابان وخروجها من الأراضي الصينية، عادت الحرب بين الزعيمين الصينيين، وخاضا حرباً شرسة بينهما إلى أن انتصر الجيش الأحمر بزعامة ” ماوتسي تونغ ” ، على قوات ” شيانغ كاي شيك ” .

هنا يتبدى فهم الأولويات عند كلا الزعيمين، ويظهر مدى فهمهما لأولويات الصراع وأخطاره على بلدهما، وضرورة عزل الصراعات البينية عن الصراع الأكبر الذي يتحرك باتجاه احتلال الصين والقضاء عليهما معاً، والتحكم بالصين والسيطرة عليها ..

ذلك هو الدرس الرائع الذي نفتقده وتفقده شعوبنا ونخبنا السياسية في خياراتها واختياراتها، وفي   تحديد الاولويات الأساسية وفرزها عن الأولويات الراهنية التي يمكن تأجيلها لما بعد الانتهاء من الأولويات المصيرية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى