“بعد هكذا تأييد (من أوربان لترامب) من يحتاج إلى تأييد من (المغنية الشعبية) تايلور سويفت؟”
هكذا انتقد الباحث في “المعهد المستقل” إيفان إيلاند استشهاد ترامب بالإشادة التي نالها من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي قال إن الصين وروسيا وكوريا الشمالية كانت تخشى الرئيس السابق.
في خلاصة تحليله عن المناظرة، لم يجد إيلاند معلومات جديدة تفيد الناخب الأميركي: فهمَ ترامب مثلاً خطر التصعيد في أوكرانيا، لكنه لم يفهم أن إدانة غزو دولة سيّدة لا ترتبط بمن يجب أن يدفع أكثر للدفاع عنها. وأصابت هاريس بقولها إن بايدن هو الوحيد الذي تجرأ بين أربعة رؤساء على الانسحاب من أفغانستان، لكنها لم توضح سبب فوضوية ذلك الانسحاب. كذلك، لم تملك هاريس فكرة عن كيفية إنهاء حرب غزة وأنه لن يكون هناك دافع لنتنياهو كي يوقفها، بلا قطع للمساعدات الأميركية. من جهته، لم يفهم ترامب كيف تساهم الرسوم في زيادة التضخم الأميركي، بحسب الباحث نفسه.
انتقد كثر غياب الأفكار عن السياسة الخارجية في المناظرة. لكن فترة 90 دقيقة غير كافية لطرح الكثير من النقاط بخاصة أن الشؤون الخارجية لا تحتل أولوية لدى الناخب الأميركي. مع ذلك، وفي بعض الأحيان، بدت هاريس أكثر استعداداً لمناقشة السياسة الخارجية بالمقارنة مع منافسها.
دعم أوكرانيا… ترامب نسي إنجازاته
عدّدت هاريس بعض الأسلحة الأميركية التي سمحت لأوكرانيا بالصمود، مثل صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات. وحين كانت هاريس تستعرض الأمثلة، راح ترامب يهز برأسه مقللاً من أهمية ما تقوله. لكن لو كان الرئيس السابق أفضل استعداداً، لذكّرها بأن إدارته هي التي حوّلت هذه الصواريخ إلى أوكرانيا، بعد رفض إدارة أوباما مدها بأي أسلحة فتاكة. وأمكنه أيضاً القول إن إدارته اتخذت أكثر الإجراءات السياسية تشدداً ضد روسيا قبل غزو 2022. (يقول بعض مستشاريه السابقين إن ذلك غالباً ما تم بضغط منهم). لكن في قضية الأسلحة تحديداً، ربما كانت هاريس تلمّح أيضاً إلى أن الدعم العسكري يفيد الصناعة المحلية. بالتالي، مهما كان موقف ترامب من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، كان بإمكانه المزايدة بكسر حظر الأسلحة إلى كييف.
وبدت هاريس محنّكة أيضاً في ربط السياسة الخارجية بالانتخابات. فقد ذكّرت مئات الآلاف من ناخبي بنسلفانيا من أصول بولندية بامتناع ترامب عن القول إنه يريد انتصار أوكرانيا، مشيرة إلى أن الدول الأوروبية الشرقية ستكون معرضة للتهديد الروسي خلال رئاسة ثانية لترامب. لكن الأخير ذكّر منافسته بأنه فرض عقوبات على “نورد ستريم 2” وبأن انحساب بايدن من أفغانستان منح روسيا بشكل غير مباشر الضوء الأخضر لغزو أوكرانيا.
اللافت في موضوع الصين
بالرغم من أنها تمثل أكبر “تهديد” لموقع أميركا في أي نظام دولي مستقبلي، كان ذكر الصين عابراً ومتعلقاً بشكل أساسي بالسياسة التضخمية. وانتقاد هاريس رسوم ترامب على بكين لتسببها بالتضخم يشير إلى أن إدارة هاريس قد تخفّف هذه الرسوم، كما توقعت الدكتورة ليسلي فينجاموري من معهد “تشاتام هاوس” الملكي.
ووجهت هاريس انتقاداً قاسياً لترامب حين قالت إنه باع أشباه الموصلات إلى الصين مما طوّر جيشها، “وفي الجوهر باعنا إليها”. وذكرت أيضاً أن منافسها شكرَ الرئيس الصيني شي جينبينغ على التعاون في جائحة “كوفيد” بالرغم من أنه أخفى معلومات عن الجائحة كما قالت. رد ترامب بالقول إن أميركا بالكاد تصنّع أي رقائق وإن تايوان هي التي باعت الصين أشباه الموصلات (في 2023 مثلاً، بقيمة 47 مليار دولار). وركّزت هاريس أيضاً على ضرورة أن تربح أميركا السباق التكنولوجي للهيمنة على القرن الحادي والعشرين، بينما غاب ذلك عن حديث منافسها.
لازمة ترامب
في الحرب على غزة، كانت لهاريس نظرة كبيرة وإن مبهمة لوقف الحرب. هي أعلنت أن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها” محملة “حماس” التي وصفتها بـ “الإرهابية” مسؤولية الحرب. لكنها بالمقابل شددت على أهمية “الكيفية” التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها منتقدة سقوط العديد من الفلسطينيين الأبرياء. وأكدت أيضاً حل الدولتين لإنهاء الصراع مشيرة إلى أنها ستدعم إسرائيل حتى في مواجهة إيران.
بالمقابل، كرّر ترامب ما تحوّل إلى شبه لازمة في أجوبته عن الشؤون الخارجية، وهو أن الحروب لم تكن لتندلع لو كان رئيساً للولايات المتحدة. مع ذلك، كانت نظرته العامة إلى القضايا الخارجية شبه غائبة إذ ركز على ما كان ينبغي فعله في الأعوام الماضية، كعدم تخفيف العقوبات على إيران. وانتقد هاريس لأنها “تكره إسرائيل” ولأنها لم تستقبل نتنياهو حين زار واشنطن مؤخراً (كانت مرتبطة بموعد مسبق والتقته في اليوم التالي). كما قال، من دون تفسير، إن إسرائيل ستزول في غضون عامين إذا فازت هاريس بالرئاسة. ليس واضحاً ما إذا كان ذلك قد أقنع الناخبين.
من فاز؟
الباحثان في الشؤون الدولية ماثيو كرونيغ وإيما أشفورد خاضا نقاشاً في “فورين بوليسي” عن السياسة الخارجية خلال المناظرة واتفقا تقريباً (وهما غالباً ما لا يتفقان في نقاشاتهما) على أن أداء هاريس كان أفضل؛ لكن بخصوص الردع وحرب أوكرانيا، أمكن قول إن ترامب كان أكثر إقناعاً.
ذكر كرونيغ أن ترامب “يفهم الردع بطريقة غريزية” وأن أعداء أميركا كانوا يخشون تحديه، مشيراً إلى أنه كان ذكياً بتكرار فكرة أن العالم كان أكثر هدوءاً في عهده. وبطريقة توكيدية، تعجبت أشفورد من طريقة عمل الذاكرة، إذ يتذكر المراقبون الآن الهدوء النسبي في ولايته السبقة بالرغم من “كوفيد” والحرب التجارية وفوضى إدارته.
بالنظر إلى تحليل كرونيغ، قد يتبين في نهاية المطاف أن أوربان كان محقاً. لم يعنِ ذلك بالضرورة أنه كان مفيداً لترامب انتخابياً الاستشهاد به. بالتحديد، قد لا يعجب الأمر 800 ألف ناخب أميركي-بولندي في بنسلفانيا المحورية، بحسب أرقام هاريس.
المصدر: النهار العربي
مناظران هاريس وترامب حول السياسة الخارجية تتجلى بدعم الحروب ومدى تقديمهم الدعم لأوكرانيا ضد روسيا والكيان الصهي.وني ضد شعبنا الفلسطيني، وكذلك الموقف من الصين، قراءة موضوعية لمواقف المرشحان، الإثنين ينظران لأمتنا العربية من منظور إSرائيل فقط.