عندما ادّعى الغرب أنه سيعاقب النظام السوري

أحمد العربي

بسبب قصف الشعب السوري بالسلاح الكيماوي. النظام وحلفاؤه ينحنون أمام العاصفة ..تغيير بالتكتيك ..الغرب مازال عند مربعه الأول ..اولوية مصالحه و(اسرائيل) في المنطقة.

أولا.ضرب النظام السوري الشعب بالكيماوي.. النتيجة أكبر من الصمت عليها.. طبول الحرب تدق.. روسيا تتنصل وتقول لن تحارب عن أحد..؟. النظام يرتعد، وبعض ازلامه الصغار يهددون العالم بالتدمير.. وحاملات طائرات تحضر. وتحالف دولي لردع النظام يتشكل… والكل يترقب

ثانيا.الغرب يطيل النقاش.. البرلمان البريطاني يرفض . وتنسحب بريطانيا من العمل العسكري ضد النظام السوري.. وفرنسا رئيسها مخول ومع ذلك يستشير برلمانه.. ويقرر رئيسها الاستعداد للمشاركة مع آخرين يعني (امريكا).. الرئيس الأمريكي يقرر الضربة.. وحريته بتحديد المكان والزمان .. ويربطها ( لأنه ديمقراطي). بموافقة الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب. وهؤلاء بإجازة . إذن حتى يحضروا.. وليقدم لهم طاقم الرئيس (وزراء الخارجية والدفاع ورئيس أركان الجيش). المبررات للإقناع.. والأيام تطول لأسابيع… ونحن الشعب السوري. ننتظر ردعا للنظام نحتاجه ويقصّر علينا طريق إسقاطه..؟. والعالم يتابع المشهد السوري اليومي المعمد دوما بدمنا

ثالثا.ترمي أمريكا طوق النجاة للنظام عبر اقتراح حصر وجمع وتدمير السلاح الكيماوي السوري.. ولجان تفتيش..الخ… وسرعان ما تتلقف روسيا الفرصه. فهي ترد لها دورها الدولي. وكرامتها بعدم الرد لو ضرب حليفها. وتقبل المبادرة.. ويستقبلها النظام كمنقذ له.. النظام يعرف أن أي ضربة جدية ستنهيه. فهو اصلا متهالك بعد سنتين ونصف حرب على الشعب السوري. وهو لا يحارب على الارض الا عبر القصف بكل انواعه. والتفجيرات.. يتراجع على الأرض. صحيح ببطء لكنه متواتر… جاءته الفرصة لكي يطيل بعمره. وعبّر عن استعداده للتجاوب بأسرع مما كان يتصور.. بفعالية عالية… لماذا؟

رابعا.لم يكن النظام ( كعصبة عائليه ممتدة في الطائفة) في يوم من الايام . يفكر بشكل جدي بمحاربة أي طرف خارجي .على أساس المصلحة الوطنية العليا لسوريا الدولة.. دليل ذلك استمرار الجولان محتل لأقل من خمس عقود للآن.. فهو لم يبادر لتحريره. لا سلما ولا حربا.. وان أسلحته التقليدية أو الكيماوية او الجرثومية. فقط للردع وتحسين شروط تفاوضه مع أي طرف ومن منطق مصلحة العصبة الحاكمة… وعندما خرج الشعب مطالبا بالحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية. واجهه النظام من منطق مصلحة العصبة وامتدادها.. واعلن الحرب على الشعب وبكل الاسلحة. بما فيها الكيماوي.. وعندما هدده الغرب بالضرب وبجدية.. ارتبك وفكر بأي تنازل. المهم استمرار النظام.. وعندما طالبوه بالتخلي عن الكيماوي . تجاوب بسرعة.. لأن الكيماوي صنع للحفاظ على النظام… وها هو الآن يتخلى عنه للحفاظ ايضا على النظام. (بعد هزيمة 67 قال النظام الحمد لله خسرنا أرضا ولم تسقط الثورة.( يعني النظام)). لم يتغير شيء العصبة نفسها وذات الحسابات. مصلحة العصبة الحاكمة فوق الوطن والشعب ومصلحتهما العليا

خامسا.لماذا حول الغرب والنظام العالمي كله. قضية الشعب السوري الذي يتعرض للفناء تحت نظر العالم. ومنذ سنتين ونصف.الى قضية سلاح كيماوي فقط..?!!.. الكيماوي قتل منا خمسة بالمئة من مجموع ضحايا شعبنا… الذي قدم أكثر من نصف مليون شهيد (المحصيين..والغير محصيين). للآن. ومثلهم معتقل ومفقود.. وملايين مشردة داخلا وخارجا. وسوريا تدمر فعلا وليس مجازا… نحن أمام مأساة إنسانية غير مسبوقة قياسا بحجم سوريا وعدد سكانها ودرجة الخراب والضرر وعدد الضحايا… هل معقول ان العالم والغرب وامريكا غير ملاحظين. وهم الذين  يحصون أنفاس العالم كله…لماذا؟

سادسا.انها السياسة في العصر الحديث وفي النظام العالمي. التي تعني المصالح وبغض النظر عن الأخلاق والحقوق والقيم الإنسانية… وكل هذه تستخدمها السياسة الدولية كوسيلة تسويق لمواقفها اللا إنسانية. المهم .الغرب وامريكا.لا يريدون للربيع العربي أن يوجد.. وإن وجد لا يريدونه أن يستمر

 ثورات الربيع العربي ضد استمرار هيمنة الغرب الاقتصادية والسياسية المطلقة على المنطقة ومواردها وخاصة النفط وتوابعه. الذي يحصلون عليه بأفضل الطرق مع انظمة تابعة وتتحرك لمصالح عصب حاكمة وعلى حساب المصالح الوطنية وضدها ايضا.. الديمقراطية القادمة ستلغي هذه المعادلة و تجعلنا نتصرف وفق المصلحة الوطنية العليا. لذلك وقف الغرب علنا ضد ربيعنا العربي (كسلوك).. وليس ادعاء… لذلك الصمت عن مأساتنا وتحويلها لمشكلة الكيماوي في سورية وحصره وتدميره والتفتيش عليه

سابعا.وهناك سبب آخر وقد يكون الاهم.. انه (اسرائيل) كوجود وقوة وهيمنة واستمرارية… وهي التي لم تعطي للفلسطينيين. ارض دولتهم على جزء من فلسطين التاريخي بعد نصف قرن من الاحتلال. والتي مازالت تحتل الجولان السوري. والتي صنعت سلاما مجحفا بحق مصر والأردن. والتي بموجبه عزلتهما عن أي دور في مواجهة تغولها وعدوانها. وحتى التعدي على السيادة الوطنية في وادي عربة في الأردن. وفي سيناء مصر

 هي الاقوى عسكريا والتي تتجاوز قوة العرب جميعا… تتصرف وكأنها خارجة عن القانون الدولي. تعتدي على لبنان عبر عقود وعلى غزة بغطاء دولي غربي وأمريكي داعم (اسرائيل) هذه سيردعها الربيع العربي ودوله الديمقراطية. التي ستتعامل مع الكل . ومنهم (اسرائيل) وفق المصلحة الوطنية للشعوب العربية… وليس أنظمة استبدادية تابعة لا تفكر إلا بمصالحها كعصب على حساب المصلحة الوطنية لاوطانها…. مصلحة الكيان الصهيوني على المدى البعيد ووراءها الغرب. ان تدمر سوريا كخصم مجاور محتمل وقائم. وضرب لحمتها الوطنية.. وقبول تورط حزب الله في الحرب على الشعب السوري. والتأسيس لصراع طائفي ( سني-شيعي علوي). يلغي شرعيته المدّعاة مقاومة للعدو الصهيوني ومقدمة ضربه واستئصاله. وتدمر سورية ويخدم (اسرائيل).. ويخدمها ايضا تدمير القوة العسكرية السورية.( التي من المفترض انه سلاح لتحرير الجولان وردع العدوان الاسرائيلي)… بعض السلاح يضرب به النظام الشعب . والبعض الآخر يدمرة الطيران (الاسرائيلي). والبعض الاخر يدمرة مجلس الأمن كما سيحصل مع الكيماوي

ثامنا.لذلك لم يتعامل العالم بغربه وشرقه. الا مع السلاح الكيماوي. وترك الشعب السوري تحت ضربات النظام التدميري الوحشي والقتل اليومي.. لأن ذلك لا يضر مصلحة احد من الغرب وحلفاؤه… عُرف السبب… ولم يبطل العجب فالدم السوري المستباح لا يؤرّق أحد

تاسعا.تلقف النظام الفرصة وأعاد ترتيب أوراقه. وها هو يسلم الكيماوي. ويحصل شرعية مفقودة. ويتكلم عن الدستور والرئيس  المنتخب والشعب السوري الذي يقرر… طبعا ما بقي من الشعب السوري… بعد القتل والتشريد والاعتقال

.منطق هو العار بعينه

.النظام يستمر في القتل والتدمير بالمطلق.. ويتراجع على الارض. ويحاول أن يحقق نصرا ما يستثمره في مؤتمر جنيف القادم

عاشرا.النظام وحلفاؤه والغرب وامريكا. يعملون جميعا لصناعة حل في سوريا. لا يأخذ بحق شعبها بإسقاط الاستبداد الوحشي. وبناء دولته الديمقراطية. فعدو تحت السيطرة خير من دولة ديمقراطية. تسترد الحقوق وتتصرف وفق المصلحة الوطنية. وهذا ما لا ترضاه (اسرائيل) ومن وراءها… لذلك يتحدثون عن جنيف ويتحركون لجنيف… وسلام كاذب موعود

.أخيرا.نحن في الثورة وخلفها الشعب السوري. ثرنا للحرية والكرامة والعدالة وبناء الدولة الديمقراطية.. نتحرك لإسقاط النظام وتحقيق هذه الأهداف… بالحرب ونحن نخوضها.. وبالسلم جنيف وغيره لا تنازل عنها.. هذه رسالة لكل السياسيين… قد لا تستطيعوا أن لا تذهبوا إلى جنيف. ولكنكم تستطيعون أن لا تتنازلوا عن أهداف الشعب ومصالحه.. وان حصل وتنازلتم فستسقط شرعيتكم.. وتصبح الثورة لإسقاط النظام واسقاطكم وتفويض ممثلين جددا يعبرون عن الشعب ومصلحته

.أيها الشعب السوري العظيم انت ومصلحتك الثابت الوحيد والثورة قامت لتحقيق أهدافك مهما طال الزمن وعظم الثمن

30.9.2013…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى