بعد المواجهات العسكرية بين «هيئة تحرير الشام» وغرفة «فاثبتوا»، على خلفية اعتقال الهيئة للقيادي السابق فيها الملقب بـ «أبو مالك التلي» على اثرها قامت الهيئة بإجراء تغييرات داخلية في هيكليتها العسكرية والإدارية.
القيادي في «تحرير الشام» الملقب بـ «خطاب» يكشف لـ «القدس العربي»، عن هذه التغيرات قائلاً: «الآن يسمح لأي شخص بالانتساب لتحرير الشام بدون وجود أي كفيل يزكيه، كما كان يشترط سابقاً» مبيناً أن الكفيل أو المزكي كان يكفل المنتسب الجديد من حيث الأخلاق، ومدى التزامه بالأمور الشرعية مثل الصلاة والصيام، كما يكفله بأنه ليس من المدخنين، الذين أصبحت تسمح لهم بالانتساب لصفوفها، حتى أن بعض المنتسبين لا يواظبون على الصلاة. مؤكداً أن «تحرير الشام» أجبرت عناصرها على الذهاب إلى معسكرات خاصة بهم، إذ يتم معاقبة من يتخلف بالفصل، وهذه حسب القيادي، أساليب جديدة تتبعها الهيئة. ويضيف أن التركيز كان سابقاً في المعسكر على الدروس الشرعية، أما اليوم فقد أضيفت لها الدروس التي تتحدث عن المظهر الخارجي للعناصر، حيث يجب عليهم حلاقة الشعر الطويل تحت فتوى «التشبه بعامة الناس» أما سابقاً فكانوا أنفسهم يقولون يجب إطلاق الشعر لإرهاب العدو، وبعض الدروس تركز أيضاً عن الأخوة بين الأتراك والثورة السورية، حيث كانت الهيئة في السابق تعتبر تركيا دولة علمانية ورئيسها أردوغان مرتداً، أما الآن فإن تركيا دولة شقيقة، وأردوغان صديق الثورة السورية.
وفي السياق، كشفت مصادر لـ «القدس العربي»، أن قيادة «تحرير الشام» قامت بعزل بعض القياديين الشرعيين الأجانب الحاملين للفكر الجهادي المتشدد، وتم تعيين قياديين شرعيين سوريين يحملون فكراً معتدلاً. وأكدت تلك المصادر، أن «تحرير الشام» تمنع الآن الدروس الشرعية، التي تتحدث عن التكفير في معسكراتها، مشيرة إلا أنها قامت بتفكيك جميع الجيوش السابقة فيها، وشكلت ألوية جديدة، دمجت تحت رايتها جميع العناصر.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الجهادية محمد نور، أن «تحرير الشام» تفرّغت لإعادة ترتيب أوراقها لتظهر بشكلٍ أكثر اعتدالاً، وهذا ما بدا في رفضها لبيانات تنظيم القاعدة، حيث أنها اتخذت سلسلة من القرارات المتعلّقة بإغلاق المقرّات التابعة لغرفة «واثبتوا» عموماً، وتنظيم «حرّاس الدين» خصوصاً، كما منعت إنشاء أيّ تشكيلاتٍ جديدة عدا تلك المنتمية إلى غرفة «الفتح المبين» المدعومة تركيّاً، بحجّة تنسيق التحرّكات العسكريّة.
وقال لـ «القدس العربي»: تسعى «هيئة تحرير الشام» من خلال قرار منع إنشاء أي تشكيلات جديدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها- أي إدلب وما حولها- إلى تعزيز سيطرتها على المحرر، وتسويق نفسها بوصفها الممثّل الوحيد للقوى السياسيّة والعسكريّة، إلاّ أنّ الهدف المباشر من قرارها هذا ما هو إلاّ التضييق على الجماعات الجهاديّة المنتمية إلى غرفة «واثبتوا»، التي طالما شكّلت لها صداعاً، فهي الوحيدة التي تقف أمام سعيها لفرض هيمنتها على كامل الأراضي التابعة لمنطقة إدلب وما حولها.
المصدر: «القدس العربي»