قراءة في رواية: ظلال الجفر

أحمد العربي

وليد احمد دماج روائي يمني والرواية ظلال الجفر تدور في فلك البحث حول كتاب الجفر المنسوب لعلي بن أبي طالب والذي يقال انه يحوي علم الدنيا والدين .من اول الخلق الى يوم القيامة. ويحوي الاسم الأعظم لله جل وعلا ؟

.تبدأ الرواية من الشخصية المحورية في الرواية وهو فتى صغيرا ينمو في بيت يمني متواضع يتميز انه يعايش عوالم موازية لعالم الوقائع . سمّاها عالم الظلال.. والظلال هنا مجرد تشبيه للتقريب لأن الظلال نفسها هي من عالم الواقع المادي . طفل يبدو غريبا عن أقرانه يعتزل الآخرين يرعاه والده.. وتبدأ رحلته مع الظلال ككائنات موازية. عندما يقترب وفتاة من قريته من مغارة حيث تسقط صاعقة على الفتاة وتلقيها في المغارة وتحرقها ايضا .ويشاهد ظلالا تتراقص حول الجسد المحروق . من يومها يبدأ رحلته مع الظلال خوفا وترقبا وبحثا وتقصيا.. سيكتشف أن عالم الظلال هو عالم موازي يسعى للهيمنة على عالم البشر.. وانهم صنفين ميزهم بين الرمادي والأبيض .نوع يعمل لاستعباد البشر واستغلالهم ونوع يعمل لتحرير البشر واسمهم المقاومين.. يتوفى والده مبكرا تاركا في نفسه غصة فهو سنده وراعيه. وتاركا له وصية أن يستمر في طريق البحث في الظلال.. سيحمل هاجسه وينتقل من مكان لآخر يحركه يقينا قويا أنه منذور لأمر عظيم.. يلتقي بمعلمه الأول الذي تدرج على يديه في معرفة أسرار التصوف ووعي حالته كإنسان منذور لرسالة مقدسة.. سيطلع على قصة كتاب الجفر المفقود الذي كتبه علي بن ابي طالب بلغة الرمز والارقام وانه اضافة لما فقده فإن الدخول الى عالمه يحتاج طلاسم وقدرات خاصة.. يتعايش مع معلمه وزوجته الشابة التي يعاشرها جنسيا بمعرفة معلمه ؟!!. لنصل الى انطباع انه في عالم الصوفية هذا أن المهم هو الجوهر..؟!. الذي هو هنا تجهيزه لرحلة البحث عن الجفر. وان قوانين الشرع الظاهر ليست إلا مجرد ضوابط للبشر العاديين الذين لم يصلوا لعالم الظلال ؟!.. سيتكرر هذا مع كل علاقاته التالية. وستكون المرأة هي الوجود الوحيد الحق والمالي للجسد والمعنى سواء في عالم الجسد أو الظلال. ستنتهي مهمة المعلم الأول بتمكينه من نفسه ومعرفة علوم الأولين. وادخاله في عالم التحكم بالنفس. وامكانية التداخل بين عالم الجسد وعالم الظلال.. سينتقل محملا بتجربته من معلمه الأول الى حفيدة المعلم. التي ادخلته في امتحانات عدة .منها قراءة الحروف والارقام واكتشاف المعنى في الرموز . وتكون مهمتها إعطاء كتب مرصودة له تخدمة في طريق البحث عن كتاب الجفر مكلف بتتبع مسار الوصول له.. سيتركها بعد ان تموت وقبلها معلمه الأول .. نكتشف ان كل معلم خُلق حتى يقدم له خدمة على طريق بحثه. وليموت بعد انتهاء مهمته. بطريقة مروعة في أغلب الأحيان.. سيصل في رحلة بحثه إلى صنعاء حيث مكتبة بجوار مسجد . لنعرف قصة كتاب الجفر الذي كان موجودا بها وكيف سرقته مع غيره عصابة . وكيف وصل لسمسار وكيف يكون نصيب كل من يصل اليه القتل بعد أن ينقله لغيرة في رحلة ضياع الكتاب او البحث عنه.. يتلمس صاحبنا طريقه من انسان لانسان وكلهم مسخرون له . ليقطع عبرهم جزء من طريق البحث عن الكتاب . سيكون زاده التجرد والتقشف والغياب في عالم هو مزيج بين الحضور الواقعي والغياب في عالم الظلال.. يصل لمكان نائي كان لرجل ملقب بالفاقد ظله. سيعتزل لفترة طويلة من الزمن . و يدخل في مجالدة ذاته ، متصوف في مقامات الزهد والورع والتقوى والتوكل . ليصل أخيرا لمرحلة الاقتدار عابرا للزمان والمكان وحاضرا حيث شاء وأين شاء.. طاويا المكان والزمان.. وخرج من معتزله لينطلق للهند. هاجس سكنه بأن الكتاب وصل الى هناك.. سيصل و يجد من يستقبله ويحتضنه ويدخل معه في رحلة البحث. ويساعده في جزء من الطريق.  أنهم مقاومون سخروا لهذا الهدف.. سيعرف قصة وصول الكتاب للهند وكيف يصعد جبال الهملايا مع قرينه الجديد .امتحان وخبره . وسينتقل من مدينة لأخرى .ليصل أخيرا إلى نسخة الكتاب التي تحتاج للكشف ليعرف مغاليقه.. فهو دون ذلك مجرد إشارات ورموز وأرقام لا تعني شيئا.. يعود ادراجه الى ايران ويلتقي ببعض آيات الله ويسمع منهم بعض ما يفيده في طريق بحثه.. وسيصل للعراق. وليسمع هناك بعض قصة الجفر وانتقالها لآل البيت. وسيحصل على كتاب شرح يضيف معنى لرحلته أو يزيد غموضها . ومن هناك الى فلسطين والقدس وبيت لحم. وفي كل مرة يجد من ينتظرة ليمشي معه جزء من الطريق مكلف من جهة علوية تتحكم بكل شيء.. ومن القدس إلى غزة وثم سيناء التي يعتزل في تيهها أربعين يوما مثل النبي موسى وقومه.. وبعدها يصل لمصر حيث يزور قبر أحد مقاومي الظلال (يقصد عبد الناصر). ومن هناك الى المدينة وحضرة الرسول محمد ص. ثم مكة و الحرم والكعبة والحضور الوجداني. ليعود لليمن ويلم شمله بعائلته وليعود اخيرا لقريته . معتكفا على البحث والكتابة عاملا على اكتشاف ما استغلق من الجفر. ومن رحلة بحثه الطويلة

 هنا ستنقطع اخبارة ليأتي شاب آخر معاصر لايامنا. منذور للبحث دون وعي مسبق. سيعيش تجربة بحث من معلم مرفوض في قريته متجاوزا التخلف والتقليد والعصبية .متنورا وعقلانيا وعلميا .واب يحبه ويدفعه للبحث.. يموت الأب ويرحل الشاب للجامعة. وهناك يتعرف على عائلة (صاحبنا) ويصله مخطوط الكتاب.. كل ذلك عبر رحلة كشف نفسي. واحلام واوامر من اطراف ظلالية.. سيطلع على الكتاب الذي أنجزه صاحبنا ويكتشف من خلاله انه قطع كل الحجب. ليصل لمجلس الظلال العالمي محملا بكتاب الجفر وعارفا الاسم الاعظم لله. وكيف ان مجلس الظلال سيحاول أن يسلبه طاقته وامكانياته. ليستخدمها لمصلحتهم  متحكمين بأحوال البشر كلهم. مستخدما لهم كعبيد في مملكتهم الممتدة.. لكنه سينقلب على المجلس ويحاربه

هنا تنتهي الرواية دون معرفة نتيجة الصراع…

.في الرواية مستوى آخر للقراءة يظهر من خلال ترصد عالم الظلال المهيمن على العالم الحسي.. انه النظام العالمي الذي ظهر مهيمن على البشر يستعبدهم ويستغلهم ايضا.. ويظهر ان هناك من المقاومين من يقف ضد هذا النظام العالمي دفاعا عن الشعوب وحقوقها.. يعاصر انتصار الشعب في ربيع العرب واليمن .وأنه انتصار على عالم الظلال وتابعيهم

. سيظهر من خلال عالم الرواية اننا امام مستويات عدة لقراءتها.. فهي خوض في عالم الصوفية.. وخوض في التاريخ وقراءة مضمرة له . وسيقول اخيرا ان كل المعاش حاضر في عالم المرئي أو الغيبي .هو صراع بين حق وباطل. حرية وعدالة. في مواجهة ظلم و استبداد واستغلال واستعمار. وان المعركة وجدت منذ القدم. وانها مستمرة. وان كل التمظهرات تعبر عن نفس الجوهر .عمل الإنسان فردا وجماعة للحرية والحياة الافضل .وان هناك دوما من يريد أن يسلب الإنسان حقه وحريته.  وبأي شكل يتمظهر.. والصراع مستمر الى ان ينتصر الإنسان وحقه بالحرية والعدالة والحياة الأفضل..

26.9.2014.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى