سلسلة تسريبات وتصريحات من الأيام الأخيرة تدل على استمرار التصعيد في الجبهة بين إسرائيل ولبنان. بدرجة كبيرة، فإن التهديدات المتبادلة تستهدف ردع الخصم عن شن حرب شاملة، لكن من غير المؤكد أنها ستحقق هدفها. ما سنحصل عليه هو سلسلة متفاقمة من النشاطات والتحذيرات التي قد تتدهور أيضاً إلى سلسلة متصاعدة من النشاطات والتحذيرات.
في الأسبوع الماضي، التقت شخصيات رفيعة إسرائيلية مع الوزير رون ديرمر ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي مع نظرائهم في الإدارة الأمريكية في واشنطن. بعد اللقاء، نشرت الـ “سي.ان.ان” نقلاً عن شخصيات رفيعة في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة وعدت إسرائيل بأنه في حالة نشوب حرب في لبنان، فإنها ستزودها بأقصى سرعة بكل الوسائل القتالية المطلوبة. في هذه الأثناء، نشرت وسائل الإعلام العربية أنه -حسب تقدير البنتاغون- تتجه إسرائيل نحو عملية برية في جنوب لبنان في منتصف تموز، أي بعد ثلاثة أسابيع، وأن الإدارة الأمريكية محاولة منع تصعيد الحرب في الجبهة الشمالية.
السبت، نشر حزب الله فيلماً جديداً، فيه تهديد من رئيس الحزب حسن نصر الله بضرب مواقع استراتيجية في إسرائيل على خلفية صور لخليج حيفا وميناء أسدود ومفاعل ديمونا. أمس، اهتمت مصادر مجهولة بالكشف أمام صحيفة “تلغراف” البريطانية عن معلومات قديمة جداً: لدى حزب الله مخزون ضخم من السلاح في مطار بيروت بصورة قد تلحق ضرراً كبيراً بالمدينة إذا اندلعت حرب. أحد الأخطار في سلسلة التصريحات الهجومية هذه هو أن أحد الطرفين سيقتنع بأن خصمه ينوي القيام بهجوم قريب ويختار القيام بهجوم مفاجئ يؤدي إلى حرب شاملة.
وتقف في الخلفية مسألة المساعدات الأمريكية الأمنية لإسرائيل. قام رئيس الحكومة نتنياهو الأسبوع الماضي بخطوة استثنائية عندما نشر فيلماً هاجم فيه الرئيس بايدن والإدارة الأمريكية بسبب تأخير إرسالية سلاح تتكون من 3500 قنبلة دقيقة لسلاح الجو. تأخرت الإرسالية شهرين تقريباً على خلفية التحفظات الأمريكية من عملية الجيش الإسرائيلي في رفح.
الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى هذه القنابل بشكل مستعجل في حالة فتح حرب مع حزب الله في الشمال. ولكن الإدارة الأمريكية ردت بشكل ساذج وكأنها لا تعرف عما يتحدث نتنياهو. وبعد ذلك، بغضب – عند إلغاء لقاء استراتيجي كان سيعقد في واشنطن ومناقشة، ضمن أمور أخرى، تطور التهديد النووي الإيراني. والآن، ستبذل جهود لحل الأزمة حول الإرسالية في زيارة وزير الدفاع غالانت لواشنطن.
تقف على أجندة محادثات غالانت مع كبار في الإدارة الأمريكية، طلبات أخرى لمساعدات أمنية مستعجلة، والانطباع المتولد في إسرائيل وكأنه في جزء من الصفقات الأمريكية، عادوا لمعالجتها في إطار بيروقراطي روتيني وبطيء، رغم حاجة الجيش الإسرائيلي الملحة. مصادر أمنية وجهت انتقادات لنشر نتنياهو للفيلم، وقالت إنه ألحق ضرراً بالعلاقات الحساسة مع الولايات المتحدة في فترة يحتاج فيها الجيش الإسرائيلي لمساعدة بالوسائل القتالية والتسليح وقطع الغيار.
عاد نتنياهو وطرح الادعاءات ضد الأمريكيين، في الأقوال التي قالها أمس في مستهل جلسة الحكومة. قال: “قبل أربعة أشهر، بدأ هبوط دراماتيكي في تزويد السلاح الذي وصل من الولايات المتحدة لإسرائيل. قبلنا كل أنواع التفسيرات، لكن أمراً واحداً لم نقبله، وهو أن الوضع الأساسي لم يتغير. مواد مختلفة وصلت بالقطارة، لكن كتلة السلاح الكبيرة بقيت في الخلف”. يصعب التصديق أن غالانت سيكون راضياً عن طبيعة الأمور وتوقيتها، في الوقت الذي هو فيه في الطريق إلى الولايات المتحدة. يبدو أن نموذج المفاوضات الفاشلة حول صفقات تبادل المخطوفين يتكرر هنا اليوم. نتنياهو يعنى بزيادة التوتر بين الطرفين، في كل مرة بدا فيها وكأنه سيبذل أي جهد ممكن للمضي بنجاح الاتصالات (في هذه الحالة، سيسجل النجاح لصالح غالانت). السبب مرتبط بالبحث عن مبرر: دحرجة تهمة عدم القدرة على هزيمة حماس في القطاع على الحكومة الأمريكية لتبرئة نفسه أمام قاعدته السياسية في اليمين. مرة أخرى، الاعتبار السياسي الداخلي يتغلب على اعتبارات الأمن والعلاقات الخارجية لإسرائيل، أي على مصلحة الدولة.
الاختبار الإنساني
نجاح غالانت في تحرير الإرساليات الأمريكية يتعلق بتولد انطباع لدى الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل تستجيب لطلبات الرئيس بخصوص الحرب في قطاع غزة: تقليص عدد المدنيين الفلسطينيين القتلى في القتال، وتجنب ضرب الملاذات الإنسانية، وعدم المس بقوافل المساعدات التي تزود الغذاء والمعدات الطبية، وعدم وضع عقبات على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. في نقاشات في القيادة العليا في جهاز الأمن، تم التأكيد مؤخراً على الحاجة إلى تلبية هذه الطلبات. يقف في الخلفية تهديد آخر من ناحية إسرائيل – إجراءات المحاكم الدولية في لاهاي. محكمة العدل قد تحدد في القريب إذا كانت إسرائيل تقوم بإبادة جماعية في القطاع. لقد قدمت طلبات لمحكمة الجنايات الدولية للمدعي العام كريم خان، لإصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت.
في غضون ذلك، لا يكيف الجيش الإسرائيلي نفسه مع هذه الطلبات، وحدثت مؤخراً سلسلة هجمات في غزة ورفح قتل فيها أكثر من 100 مدني، حسب الفلسطينيين. في إحدى الحالات، يدور الحديث عن إطلاق نار بالخطأ قرب منشأة للصليب الأحمر على الشاطئ قرب رفح. في حالات أخرى، في مدينة غزة، جرت محاولات لاغتيال قيادات كبيرة في حماس. حتى الآن، من غير الواضح إذا أصيبت الأهداف في هذه المحاولات.
منسق أعمال الحكومة في “المناطق”، الجنرال غسان عليان، ذهب أمس لإجراء محادثات في الأمم المتحدة في نيويورك وفي الإدارة الأمريكية، ستتناول الوضع في القطاع والضفة الغربية. يأمل عليان إقناع محدثيه بأن إسرائيل ملتزمة بطلبات المجتمع الدولي، خاصة التوقعات الأمريكية منها. يحتج جهاز الأمن في إسرائيل على التعاون غير الفعال للأمم المتحدة بشأن ما يتعلق بإدخال الشاحنات إلى القطاع. على خلفية سلسلة ضربات إسرائيلية للقوافل في السابق، فإن موظفي المنظمات المرتبطة بالأمم المتحدة يخافون من الإصابة أثناء نقل الشاحنات. في المقابل، عندما تم دمج منظمات خاصة في هذه العملية، مرت الشاحنات بصورة أسهل. حسب أقوال مصادر أمنية في إسرائيل، فإن هناك أكثر من ألف شاحنة تنتظر الآن الدخول إلى القطاع، ويتم تأخيرها إزاء الصعوبات في نشاطات الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة والولايات المتحدة قلقتان بشكل خاص من عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. الوضع قريب من الانفجار هناك. بعد ثمانية أشهر ونصف من الحرب في القطاع، يبدو أن السلطة الفلسطينية تجد صعوبة في السيطرة على ما يحدث في المناطق التي توجد تحت سيطرتها في الضفة. تجميد أموال الضرائب بيد إسرائيل، إلى جانب القيود على عمل العمال من الضفة داخل الخط الأخضر يواصل دهورة الوضع الاقتصادي للسلطة، ويبقي الكثير من الموظفين العامين هناك، من بينهم رجال الأجهزة الأمنية المختلفة، في أزمة مالية صعبة.
لكن وزير المالية، سموتريتس، مصمم على زيادة الضغط، ولا يخفي رغبته في انهيار حكم السلطة، بل يدفع لاتخاذ قرارات داخل الكابنت كخطوة عقابية للسلطة بسبب دورها في الدعاوى المقدمة ضد إسرائيل لدى محاكم لاهاي. ويريد أن تشرعن الدولة مكانة أربع بؤر استيطانية غير قانونية. الاتفاق الذي وقعه مع نتنياهو لنقل المزيد من الصلاحيات في الضفة إليه بصفته وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، يعزز سيطرته على ما يحدث هناك رغم انتقادات الجيش. وسائل الإعلام الإسرائيلية تقريباً لا تتناول ما يحدث في الضفة، التي تعتبر ساحة قتال ثانوية مقارنة مع غزة ولبنان. ولكن عملياً، يقترب الوضع هناك بشكل خطير من اشتعال أكثر صعوبة، سيندمج مع الساحات الأخرى.
المصدر: هآرتس /القدس العربي
قوات الإحتلال الصهي.وني بحربها القذرة المتوحشة على شعبنا بفلسطين.غزة تقوم بتسريب معلومات بالتصعيد على الجبهة مع لبنان. إن التهديدات المتبادلة تستهدف ردع الخصم عن شن حرب شاملة، هل سلسلة النشاطات والتحذيرات المتصاعدة ستخرج عن الضبط لحرب شاملة، جميع الأطراف ليست لمصلحتها الحرب الشاملة وإنها تسير ضمن الردع لعدم الوصل إليها.